العدد 28 - كتاب | ||||||||||||||
لا خلاف بين المعنيين، على تنوع مواقعهم، حول أهمية وضرورة الدور الذي قامت به البورصة، والإنجازات والأهداف التي حققتها منذ تأسيسها في العام 1978، في تنمية وتطوير الاقتصاد الأردني، تحفيز الاستثمار، وتشجيع المشاركة في تأسيس الشركات المساهمة وتوسيعها، وتسهيل تداول وانتقال ملكية الأسهم في مكان واحد، في ظل ظروف وأجواء توفر أكبر قدر ممكن من البيانات الأساسية، التي تشكل القاعدة المساعدة في اتخاذ القرار الأقرب إلى الدقة. رغم ذلك، يحيط نشاط وأداء البورصة العديد من الممارسات والمضاربات المستهجنة المتصاعدة في خطرها، التي حولتها إلى ساحة للمتاجرة والمغامرة بممارسات ذاتية فردية أحياناً، وأحياناً أكثر، بترتيبات مؤسسية منظمة مستغلين ثغرات ونواقص وأخطاء في تعليمات وأنظمة وضعت كأطر، إلى جانب تلمسهم تساهلاً في عدم مساءلة من يخالف متطلباتها. بعد أن كان العرف والقاعدة الصحيحة المتبعة في السابق تشترط عدم إدراج أسهم الشركات الجديدة للتداول إلا بعد مرور عامين على تأسيسها ونشر قائمتين ماليتين على الأقل، فإن البورصة اتجهت مؤخراً، مع الأسف، إلى الموافقة على إدراج سريع والسماح بتعويم سعر السهم. شاب نشاط بعض شركات الوساطة العديد من الممارسات السلبية والأخطاء وأحياناً الخطايا في تنفيذ عمليات التداول نتيجة بعض أو كل النقاط الآتية: - السماح لشركات الوساطة بأن تكون لها محفظة متاجرة خاصة بها. - الإفراط في منح الموافقات لتأسيس شركات وساطة جديدة إلى أن وصل عددها إلى (68) شركة تتنافس في سوق ضيقة وبكفاءة أقل. - كان السماح لبنوك وشركات استثمارية وعقارية بأن تكون لها شركات وساطة تابعة أو حليفة لها، عاملاً فتح ويفتح الباب أمام عمليات وصفقات متبادلة مفتعلة وخاطئة. وكان السماح بتنفيذ عمليات التداول على أساس «التمويل على الهامش»، وبالأجل، سبباً رئيساً في تضخيم أرقام ونسب مؤشرات الأداء، ورفع الأسعار بما يتجاوز كثيراً واقع النشاط الحقيقي للبورصة، ومراكز الشركات والاقتصاد. والمفارقة أن قراراً صحيحاً صدر العام 2006 عن هيئة الأوراق المالية يشترط الالتزام بالسداد النقدي في عمليات التداول، تم التراجع عنه في صيغة «تأجيل تنفيذه»، وما زال معلقاً، فيما يعتقد أن التراجع كان بتأثير ضغوط مصلحية ضيقة من أكثر من جهة. وبدلاً من الالتزام بأن تتم عمليات التداول من داخل البورصة تدعيماً للمؤسسية وتوسيعاً لقاعدة المتعاملين، فقد جرى عقد صفقات تداول كبيرة خارجها، فيما كان من الممكن أن تتضاعف أعداد حملة الأسهم والمتعاملين عدة مرات لو تم تنفيذ الخصخصة بطرح الأسهم للاكتتاب العام، وليس من خلال نقل الملكية إلى جهة واحدة فقط ابتدع لها تعبير «الشريك الاستراتيجي» الخالي من المضمون العلمي. ورغم تحسين الشروط والالتزامات المطلوبة من الشركات، فيما يتعلق بضرورات النشر والإفصاح عن البيانات المالية والإعلان عن أي تطورات وقرارات وتغيرات جوهرية مؤثرة، فإن ذلك ليس كافياً. ومن الأهمية بمكان التفكير بأساليب وأدوات أخرى أكثر فعالية في إيصال المعلومة إلى المتعامل العادي، ومنع الجهة المطلعة من داخل الشركة من القدرة على التأثير في اتجاه السهم بما يحقق رغباتها. نعلم أن هنالك أسباباً وعوامل أخرى تؤدي إلى أخطاء في الممارسة تمنع التطور والنضوج المرتجى للبورصة، إذ تتصل مؤثرات كهذه بجهات أخرى غير البورصة وهيئة الأوراق المالية، ومن ذلك دور وزارة الصناعة وقانون الشركات وملحقاته، وأيضاً دور البنك المركزي المحوري في إدارة شركات البنوك وتأثيراته، ليس فقط على تداول وأسعار أسهمها، بل وأيضاً بما يمكن أن يكون لها من تأثير مباشر أو غير مباشر على شركات أخرى تقوم بتمويلها أو المشاركة بها. |
|
|||||||||||||