العدد 28 - دولي | ||||||||||||||
مع اقتراب السباق إلى البيت الأبيض من لحظة الحقيقة بدأت مجريات السباق تتكشف عن تقدم واضح للمرشح الأميركي من أصل إفريقي باراك أوباما على منافسته، سيدة البيت الأبيض الأولى سابقا هيلاري كلنتون. لحظة الحقيقة ستحل يوم الثالث من حزيران / يونيو، وهو اليوم المحدد بوصفه آخر يوم للانتخابات الفرعية، حيث يفترض أن يتقرر من بيت المتنافسين؛ أوباما أم كلنتون هو المرشح الديمقراطي الذي سينافس الجمهوري جون ماكين، الذي ضمن ترشيح حزبه له منذ مدة. والقرار سيكون أساسا قرار "المندوبين فوق العادة"، أو المندوبين الكبار للحزب الديمقراطي، الذي ضمن أوباما تأييد عدد كبير منهم مقارنة بما حصلت عليه منافسته هيلاري كلنتون من تأييد من جانبهم. أوباما يبدو الأوفر حظا، فهو حصل على تأييد 1975 صوتا من أصوات المندوبين الكبار، أي أنه لا يحتاج إلا إلى 51 صوتا منهم للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، فالعدد المطلوب من أصواتهم هو 2025 صوتا. كما أنه يتقدم على هيلاري بنحو 400 ألف صوت، فضلا عن قوته المالية الراسخة التي يتمتع بها. أما هيلاري كلنتون فقد ضمنت أصوات 1779 من أصوات المندوبين الكبار فقط، ما يجعل فرصها أضعف بكثير من فرص أوباما الذي لا تزال حملته أكثر تماسكا، في مقابل حملة مكلفة ماديا بدأت آثارها تظهر عليها، فهي مرتبكة حينا ومتعثرة أحيانا، كما زادت زلات لسانها، وزادت اعتذاراتها لجمهورها مع اقتراب لحظة الحسم؛ فقد عادت هيلاري لطرح العامل العنصري في أحد خطبها حين قالت "إن تأييد أوباما بين الأميركيين العاملين والكادحين والأميركيين البيض أخذ يضعف"، وهو ما جعل أوباما يعود إلى طرح موضوع العنصرية مجددا بقوله لقناة فوكس نيوز إن "عامل العرق" ما زال مطروحا، ولكنه تساءل: "هل سيبقى هذا العامل عنصرا محددا في الانتخابات العامة؟" وأجاب بالنفي لأن "الشعب الأميركي يبحث عمن يمكنه حل مشاكله." زلة اللسان الثانية هي قول هيلاري في تبرير استمرارها في السباق، إن روبرت كينيدي الذي كان يخوض سباق الترشح نحو الرئاسة في انتخابات العام 1968 بقي في السباق حتى اغتياله، ما أثار استياء كثيرين يحملون التقدير لعائلة كينيدي ذات النفوذ السياسي والأخلاقي الواسع. وهو ما جعل هيلاري تسارع إلى نفي أن تكون قصدت أي إساءة من تصريحها، مؤكدة احترامها لعائلة كينيدي. وقد تزامن تصريحها هذا مع اكتشاف إصابة عميد عائلة كينيدي، تيد كينيدي، بنوع من سرطان الدماغ الخبيث، علما بأن عائلة كينيدي، وعلى رأسها تيد كينيدي، قد أعلنوا تأييدهم لترشيح أوباما. في الوقت نفسه كان باراك أوباما يعمق من علاقاته بأسرة كينيدي، وهي علاقة بلغت ذروتها حين طلب تيد كينيدي من أوباما أن يلقي خطابا في حفل تخريج جامع ويلزي بدلا منه. وكانت تلك فرصة ليستذكر جون كينيدي في خطاب شهير كان ألقاه بمناسبة تسلمه سلطاته بعد فوزه في انتخابات العام 1960 على المرشح الجمهوري آنذاك، ريتشارد نيكسون،عاقدا مقارنة غير مباشرة بينه وبين الرئيس الراحل. هذه الحقائق مجتمعة جعلت من الطبيعي النظر إلى أوباما بوصفه المرشح الديمقراطي الذي سينافس المرشح الجمهوري جون ماكين على رئاسة الولايات المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، فيما بدأ فريق هيلاري كلنتون يهدد بأنه سيطالب بإعادة فرز أوراق التصويت في ولايتي ميتشيغان وفلوريدا، وهي مطالبة استدعت إلى الأذهان عملية إعادة فرز الأصوات التي طالب بها رئيس زيمبابوي روبرت موغابي، والتي اعتبرت على نطاق واسع في الغرب محاولة من جانب موغابي لتزوير الانتخابات. هذا الإحساس المتنامي بخسارة هيلاري كلنتون سباقها نحو البيت الأبيض أمام أوباما، هو الذي جعل كثيرا من أنصارها يطالبون بأن تبقي سيدة أميركا الأولى سابقا على ما لها من شعبية، لكي تضمن لها حقيبة وزارية في أي حكومة يشكلها أوباما في حال نجاحه في الانتخابات، أو التفاوض مع أوباما على الترشح إلى جانبه نائبة للرئيس. وقد أكدت أكثر من صحيفة ومجلة أن الرئيس الأميركي السابق بيل كلنتون كان وراء الاقتراح الذي كانت هيلاري قد رفضته سابقا حين عرضه عليها أوباما في إحدى مناظراتهما التلفزيونية. مجلة "ذا نيشن" اليسارية الأميركية اقترحت على هيلاري الانسحاب من السباق نحو الرئاسة في الرابع من حزيران، أي بعد يوم من الموعد الأخير للانتخابات الفرعية. وحمل أحد مقالات المجلة عنوانا موحيا هو "هيلاري كلنتون..الرجاء الانسحاب بكرامة يوم الرابع من حزيران". وجاء في المقال "في الرابع من حزيران، نرجو من هيلاري كلنتون الانسحاب من هذا السباق التاريخي بلباقة وكرامة." وأضافت كاتبة المقال كاترين فاندين هوفل إن على هيلاري أن تعلم أن طريقة انسحابها سوف تحدد من هو الفائز في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. وعلقت الكاتبة على تصريح كانت أدلت به هيلاري قالت فيه إنها مستمرة في حملتها الانتخابية لأن انسحابها يؤثر على المرأة الأميركية، بقولها إن ذلك لو كان صحيحا لكان في مقدورها أن تلقي خطابا واحدا عن المرأة يوازي الخطاب البارع الذي ألقاه أوباما عن العنصرية. في مقابل حملة هيلاري المترنحة، فإن أوباما أخذ في الآونة الأخيرة يدلي بتصريحات جريئة وكأنه ضمن الفوز في الانتخابات المقبلة، فمن تصريحات عما يسمى ب"فقاعة" العقارات التي أورثت الولايات المتحدة خسارة كبيرة تقدر بنحو 3 تريليون دولار، ألقى فيها الضوء على توجهاته الاقتصادية، إلى تصريحات حول موقفه من الحرب على العراق، إلى العلاقة الأميركية البريطانية التي رأى فيها أن هذه "العلاقة الخاصة" يجب أن تصبح أكثر ندية وعدالة، كما أكدت صحيفة الغارديان البريطانية. في غضون ذلك كله، كان لأوباما من الثقة ما جعله يعترف بأن علاقته بمرشده الروحي السابق جيريمايا رايت ما زالت قائمة. وكانت صدرت عن رايت تصريحات قال فيها إن إرهاب أميركا هو الذي جر عليها الإرهاب في العام 2001، ما جر عليه انتقادات عديدة. ثقة أوباما لها ما يبررها، فمن الواضح أن تطورات كبرى قد طرأت على المجتمع الأميركي في العقود القليلة الماضية، جعلت أميركيا من أصل إفريقي ينافس على الترشح للرئاسة، ويتقدم بثقة نحو انتخابات رئاسية لا يستبعد أن تأتي بأول رئيس إفريقي الأصل إلى سدة البيت الأبيض. |
|
|||||||||||||