العدد 28 - أردني
 

في صيف العام 1998 شهد عدد من مناطق عمان تلوثاً في مياه الشرب مالبثت أن أثبتته فحوصات الجمعية العلمية الملكية، فقد اتضح أن هنالك تلوثاً في محطة زي لتنقية المياه، التي تغذي عدداً من ضواحي العاصمة.

حادث التلوث هذا، كان بمثابة الضارة النافعة بالنسبة لعدد من التجار والباعة، إذ إنه سرعان ما أطلق تجارة لم تكن معروفة حتى ذلك الحين، هي "تجارة مصافي (فلاتر) المياه ومحلات بيع المياه المعقمة"، وفي زمن قياسي تأسست شركات خاصة تجد في بيع المصافي وتنقية المياه ومعالجتها تجارة رابحة.

تشير أرقام وزارة الصناعة والتجارة إلى أن هنالك نحو 600 شركة ومعرض لبيع مصافي المياه تنتشر في مختلف مناطق المملكة، وهي تعمل بموجب تراخيص من الوزارة ووفق شروط مؤسسة المواصفات والمقاييس فيها، التي تقوم بوضع المواصفات القياسية لمنتجات الشركات المحلية، وتمارس الرقابة للتأكد من تطبيق هذه المواصفات. وبهذه الصفة بدأت المؤسسة في تشكيل لجان متخصصة للرقابة على تلك التجارة، والتأكد من مدى مطابقتها للمواصفات المعتمدة.

كما أن هنالك متابعة دورية من جانب مديرية محافظة العاصمة التابعة لوزارة المياه والري، بحسب الخبير في تحلية المياه محمد خير أبا زيد الذي أخبر ے أن "هنالك فرقا في مديرية محافظة العاصمة وباقي المحافظات، تقوم بزيارات مفاجئة وتأخذ عينات وقوارير وتجري فحوصات للتأكد من خلو تلك المياه من الجراثيم، كجرثومة القولون البرازية. وفي حال وجود عدم مطابقة في العينة الأولى، تؤخذ عينتان أخريان للتأكد من الخطأ، وفي حال تأكيده يتخذ إجراء مخالفة؛ إما غرامة بقيمة 250 دينارا أو الإغلاق لحين تصويب الأوضاع".

وفي الإطار نفسه، أوصت دراسة جامعية أعدها الدكتور جهاد قاسم، والمهندس محمد الشعار، من جامعة البلقاء التطبيقية قبل عامين، بضرورة إعادة النظر في مواصفات مياه الشرب من مياه الشبكة العامة أو المحلاة أو مياه المصافي المنزلية، بما يتلاءم مع حاجة جسم الإنسان، والتقيد التام باستخدام مواد التعقيم بالنسب، بحسب المواصفات المعتمدة من دون زيادة أو نقصان.

وحذرت الدراسة، مما اعتبرته "خطورة مياه المصافي المنزلية لخلوها من الأملاح، وانخفاض نسب المعادن عن المواصفة الأردنية المحددة." وأوضحت أن خطورة مياه المصافي المنزلية تكمن في خلوها من الأملاح اللازمة لتغذية الجسم، بالإضافة إلى أن نسب المعادن فيها تنخفض عن المواصفة الأردنية؛ سواء للمياه المحلاة أو مياه الشبكة العامة.

وطالبت الدراسة بمنع تداول المصافي المنزلية المعروضة في الأسواق لخطورة مياهها على الإنسان مقارنة بمياه الشبكة العامة، ولما تسببه من هدر للمياه يصل إلى 80 بالمئة.

مدير معرض "الصدفة" للفلاتر طلال السالم، يشير إلى أن هنالك إقبالاً غير متزايد على مصافي المياه : "أجزم بأن 60-70 بالمئة من المواطنين يلجأون إلى المياه المفلترة." ويبرر السالم الذي بدأ العمل في هذا القطاع مع انطلاقة المعرض منذ 7 سنوات، ذلك بأن "المياه الواصلة إلى المنازل مليئة بالشوائب والأتربة، والحصى، والرمال، والمواطنون بدأوا يدركون حجم الأضرار التي قد تصيبهم."

وعن معرضه يقول السالم: "هذا المعرض مرخص من قبل وزارة الصناعة والتجارة بشكل رسمي. لدينا العديد من أنواع المصافي ولكل سعره، الفلتر الصيني تبلغ تكلفته مع التركيب 130 ديناراً، وهو مكفول لمدة عام كامل، والتايواني 140 ديناراً".

أما مسؤول معرض النوباني لتجارة المياه والمصافي، محمد عبد الله، فلا يرى أن هنالك طبقات معينة تلجأ لشراء المصافي: "نتعامل مع شرائح المجتمع كافة من منزل في عبدون إلى بيت في منطقة ريفية ومخيم." ويرى عبد الله أن زهاء 90 بالمئة من المواطنين باتوا يستخدمون فلاتر المياه "نحن نقسط أثمان المصافي على المواطنين بقسط شهري مقداره 20 دينارا مع كفالة سنوية، وهذا ما يساعد مختلف المواطنين في الحصول على الفلتر، وهذا أفضل من أن يستمر المواطن في الدفع لشراء قارورة معبأة منذ سنوات، ففي النهاية الفلتر ملك خاص له."

أما تجارة المياه المعقمة فشهدت ازدهاراً كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية، إذ ينتشر في مناطق المملكة زهاء 500 معمل لتوزيع المياه المعقمة، تقوم بإيصال المياه إلى المنازل، كما ينشط نحو 25 مصنعاً لتعبئة المياه المعقمة في قوارير لتوزيعها على المنازل.

لم يمض وقت طويل على نشوء هذه الصناعة/التجارة، غير أن حالات مخالفة عديدة كشفت من جانب مديرية صحة البيئة في وزارة الصحة، ما جعلها تقرر إغلاقها، فقد تم خلال السنوات القليلة الماضية إصدار 39 مخالفة و362 إنذاراً، وأغلقت سبعة مصانع للمياه المعبأة والمياه المعدنية، في حين أغلقت المديرية 241 محطة تحلية مياه من أصل 500 محطة هي مجموع المحطات العاملة في المملكة في هذا النوع الجديد من أنواع التجار.

**

آلية عمل المصافي

تقوم آلية عمل المصافي كالتالي :"يمر الماء عبر فلتر رملي يستخدم لإزالة الأتربة والشوائب العالقة حتى حجم 20 ميكرونا، ثم يمر الماء عبر فلتر الشمعات، وهذا بدوره يزيل الشوائب الصغيرة حتى حجم 15 ميكرونا، ثم تأتي المرحلة التالية، وهي إزالة عسر الماء عن طريق جهاز خاص يسمى "السوفتنر"، يستخدم لإزالة عسر الماء وأملاح الكالسيوم والمغنيسيوم حتى حجم 5 ميكرونان، ثم تأتي مرحلة فلتر الكربون المنشط، المستخدم لإزالة الطعم واللون والرائحة والكلور حتى 1 ميكرون، بعد ذلك تأتي مرحلة التعقيم بالأشعة فوق البنفسجية، وهنا تقتل الجراثيم والفيروسات بنسبة 99 بالمئة حتى 1 ميكرون.

التحلية تأتي في المرتبة الخامسة، حيث يتم استخدام نظام يعمل بالتناضج العكسي، ويستخدم لإزالة الأملاح الذائبة، بعد ذلك تجري معادلة نسبة المواد الصلبة في المياه المعالجة ثم تخزن بخزان بولي اثلين، ثم يأتي بعد ذلك التعقيم بالأوزون، الذي يقضي على جميع أنواع البكتيريا. ومن ثم تأتي مرحلة ما قبل التعبئة، وتتم فيها فلترة الماء عن طريق فلتر شمع كربوني يعمل على إزالة الطعم والرائحة، وبعدها تأتي المرحلة قبل النهائية وهي التعقيم بالأشعة فوق البنفسجية. وفي النهاية تتم فلترة الماء بجهاز فلتر حساس حتى حجم 0.5 ميكرون لحجب البكتيريا والجراثيم التي تم القضاء عليها.

تلوثت محطة زي.. فانطلقت صناعة المياه المعقمة
 
29-May-2008
 
العدد 28