العدد 28 - أردني
 

في مطلع شهر نيسان/أبريل دخل مشروع الديسي مرحلة جديدة، فقد وعدت حكومة نادر الذهبي، النواب ببدء أعمال المشروع في الأول من حزيران/يونيو المقبل، بعدما تم الاتفاق مع شركة "غاما" التركية على أن يبدأ التنفيذ في الشهر المذكور.

لكن الاتفاق لم يأخذ طريقه إلى التنفيذ بسبب ارتباط التمويل الذي اتفق على أن تقدمه مؤسسة ما وراء البحار الأميركية opic بموافقة الكونغرس الأميركي، حيث أن عمليات التمويل التي تقوم بها المؤسسة مرتبطة بموافقة الكونغرس. إذ لم يوافق الكونغرس بعد على قيام المؤسسة بدفع 250 مليون دينار، رغم أن مجلس إدارة المؤسسة وافق على تقديم المبلغ.

كما ألقى ارتفاع تكاليف البناء وأسعار المحروقات بثقله على المشروع، فتقدمت شركة غاما بعرض معدل لما اتفق عليه سابقاً 622 مليون دينار إلى 702 مليون دينار, وبزيادة في كلفة سعر المتر المكعب الواحد من المياه 87 قرشاً وربع القرش بدل 85 قرشا، وقد وافقت الحكومة على عرض الشركة التركية.

تنفيذ المشروع, يتضمن حفر 55 بئراً في منطقة الديسي بعمق 500 متر، إضافة إلى 120 كم خطوط تجميع ومحطات ضخ وخزانات تجميع بناقل رئيس للمياه بطول 325 كم وبقطر يراوح بين 1600 و 1800 مليمتر، واستهلاك نحو 250 ألف طن من الحديد.

تقدر كميات المياه الجوفية غير المتجددة التي يمكن استخراجها عقب تنفيذ المشروع بنحو 142 مليون متر مكعب سنوياً لمدة مئة عام تتوزع على مساحة تزيد على 600 كم مربع، تمتد كجزء من حوض الجفر إلى وادي عربة.

منذ ثمانينيات القرن الماضي، وحوض الديسي يتعرض للاستنزاف بفعل سحب المياه من قبل المملكة العربية السعودية لأغراض زراعة القمح هناك، إذ يقدر الاستهلاك السنوي للمياه المستخدمة في زراعة القمح ما بين 800 و بليون متر مكعب. كما تستنزف 60 مليون متر مكعب سنوياً من مياه الديسي النقية من قبل 6 شركات زراعية خاصة محلية، بناء على اتفاقية موقعة بين تلك الشركات ووزارة المياه منذ العام 1985، ولمدة 25 عاماً تنتهي في العام 2010، ما يساهم في استنزاف المخزون المائي ولأغراض الري والتصدير، فيما يبقى الوضع المائي في الأردن على شفا حفرة من الشح، مع الترجيح بانخفاض حصة الفرد من 155 متراً مكعباً في العام إلى 100 متر مكعب، في المستقبل غير البعيد.

خبير المياه والأكاديمي إلياس سلامة يقول: "الديسي تكوين جيولوجي يمتد على مدى مئات الكيلو مترات ولا يمكن للسعودية أن تستنزف من حصتنا إلا إذا حفرت آبارا على الحدود الأردنية وهو أمر مستبعد".

أما الخبير الاقتصادي يوسف منصور فيقول لـ«ے»: المشروع سيستخدم شركات كبيرة وصغيرة على حد سواء، وسيكون هناك إنفاق على البنى التحتية التي ستطور مناطق الجنوب التي تعاني من نقص في الخدمات والبنى التحتية، وسترتفع أسعار الأراضي وستستفيد مختلف القطاعات وصولاً إلى البقالات الصغيرة في المناطق النائية".

كما يرى منصور أن هنالك احتمال أن يشغل مشروع الديسي نحو 20 ألف مواطن موزعين بين مهندسين وعمال ومختلف الاختصاصات. ويقول منصور لـ«ے» "سيساهم هذا المشروع في خلق فرص عمل وضخ أموال في البلد، ولن تكون هذه المبالغ مجمدة بل إنها ستدور بين مختلف القطاعات"، وبحسب منصور فإن هذا المشروع سيساهم في تخفيض نسبة البطالة بمقدار 1.8 بالمئة.

لكن خبير المياه دريد محاسنة يرى أن "مياه الديسي تحتوي على نسبة إشعاعات تزيد 5 مرات عن الحد المسموح به عالمياً ومرتين عن الحد المسموح به محلياً، وهذا يرتب ضرورة معالجة المياه قبل ضخها، ما يعني كلفا إضافية على المتر المكعب الواحد، ما يجعل كلفة المتر المكعب الواحد نحو دينار. "وهو ما يجعل مشروع الديسي غير مجد اقتصاديا، ولكي يصبح مجدياً يجب بيع المتر المكعب الواحد بنحو 1.5 دينار، وهو ثمن مرتفع. ويتساءل عن جدوى تنفيذ مشروع يكلف الخزينة 600 مليون دينار لجر المياه إلى عمان ليباع فيها بالسعر المرتفع المشار إليه.

محاسنة يقترح فكرة بديلة للاستفادة من مياه الديسي، إذ يرى أن نذهب نحن إلى الديسي بدلاً من جره إلينا، فالمشكلة هي أن عمان موجودة في منطقة بعيدة عن مصادر المياه، وأن المشكلة تتفاقم مع توسع عمان وما يعنيه ذلك من تخمة سكانية.

يتفق الأكاديمي إلياس سلامة، مع الطرح الأخير: "يمكن استخدام مياه الديسي كمصدر لمياه الشرب فقط، ولا بد من تخفيف العبء عن العاصمة من خلال إنشاء صناعات وتنمية المنطقة القريبة من الديسي وجعل السكان يتجهون إليها." ويرجح سلامة ارتفاع تكلفة المياه المستخرجة من الديسي بالتزامن مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.

وزير المياه السابق منذر حدادين لا يؤيد فكرة إنشاء تجمعات بالقرب من مياه الديسي، وهو يرى أن هنالك جدية كاملة لدى الحكومة الحالية في المضي قدماً في تنفيذ مشروع الديسي.

**

نخيل قرب البحر الميت

تحت درجة حرارة تناهز 40 مئوية تنشط الوكالة الأميركية للتنمية الدوليةusaid في دعم مشروعات زراعية وتنموية أخرى لمواجهة الهدر في المياه الشحيحة أصلاً في منطقة دير علا والمناطق المحيطة بها.

وقد نال قطاع المياه في السنوات العشر الأخيرة، دعماً لقطاع من قبل الوكالة الدولية يناهز 575 مليون دولار.

من بين المشاريع التنموية التي أطلقتها الوكالة في نيسان/أبريل 2006 مشتل ومركز تدريب النخيل، بمساحة تناهز 60 دونماً، بالتعاون مع وزارة الزراعة والمركز الوطني للبحوث الزراعية، الذي سلم في مطلع العام 2007، لتجري إدارته من قبل الصندوق الأردني الهاشمي للتنمية البشرية.

ولم يكن اختيار زراعة النخيل في تلك المنطقة صدفة، إذ يحتاج لحرارة مثل حرارة تلك المنطقة للنمو، كما أنه لا يحتاج إلى كميات كبيره من المياه لريه، ما يحقق فائدة للمواطنين، وتغيرا في النمط الزراعي السائد في المنطقة الممتدة من الكريمة إلى الشطر الشمالي من البحر الميت، بأقل التكاليف، بحسب المهندس محمد النعيمي من الصندوق الهاشمي.

طريقة دعم المزارعين وعمل المشروع هناك تشمل بيع الفسائل المزروعة في المنطقة بأسعار زهيدة للمزارعين، شرط إعادة الفسيلة بعدما تتفرع عنها فسائل أخرى، من أجل تدوير عملية توزيع الفسائل على المزارعين، ولضمان استمرار المشروع الذي بلغت تكلفته زهاء 115 ألف دولار.

ولا يقتصر المشروع على دعم الزراعة المباشرة، إذ تنشط صناعات موازية تستفيد من زراعة النخيل من بينها دورة تدريبية على تطويع سعف النخيل والخروج بصناعات بسيطة مثل: الكراسي والطاولات، والسلال، والإكسسوارات المصنوعة من سعف النخيل، وذلك ضمن مشروع تنهض به جمعية المرأة الريفية، وسوف تشارك في الأعمال التي يعمل عليها نحو 20 مستفيدة في المعارض والمهرجانات الرسمية.

وليس بعيداً عن تلك المنطقة، تحديداً في قرية أبو الزيغان، تنشط usaid ومنظمة «ميرسي كور» ومؤسسة نهر الأردن، والجمعية العلمية الملكية، في برنامج إدارة الطلب على المياه الذي انطلق في أيار/مايو 2006، إذ حصلت الجمعية التعاونية هناك على منحة مالية مقدارها 7 آلاف دينار، بهدف تنفيذ مشروع بمساعدة المزارعين من خلال قروض بقيمة 500 دينار موزعة على 14 مزارعاً، لتحويل عملية الري السطحية إلى الري بالتنقيط، ما يساهم في توفير المياه.

ويتضمن مشروع إدارة الطلب على المياه الذي عرفه القائمون عليه بأنه «تحقيق أقصى استفادة ممكنة من المياه المتاحة للاستعمال» حفر آبار وخزانات حصاد مائي تعبأ من مياه الأمطار وصيانة الآبار الرومانية القديمة، وشبكات المنازل، وإنشاء أنظمة الري بالتنقيط وتبطين قنوات الري و صيانة عيون الماء.

**

إدارات المياه في الأردن

انيطت في عهد إمارة شرق الأردن مسؤولية إدارة المياه بمدير النافعة الذي تولاه لأول مرة عبد الرحمن بك غريب في 26 حزيران 1926.

بتأسيس سلطة المصادر الطبيعية عام 1965 بموجب قانون تنظيم شؤون المصادر الطبيعية المؤقت رقم (37) انيطت بها موضوع المياه.

في العام 1973 تأسست مؤسسة مياه الشرب التي تولت ادارة المياه ثم انتقلت المسؤولية فيما بعد الى سلطة مياه ومجاري عمّان المنشأة بقانون رقم 48 لسنة 1977.

كما أنشئت سلطة وادي الاردن في العام 1973 باسم هيئة وادي الأردن، وأعيدت تسميتها بـ سلطة وادي الأردن عام 1977.

ويدخل من صلب عملها تطوير، واستخدام، وحماية المصادر المائية والحفاظ عليها.

وتتحمل السلطة أيضاً مسؤولية تطوير استخدام الموارد المائية في وادي الأردن بما يخدم الزراعة المروية، والاستخدامات البلدية، والصناعية، والسياحية إضافة إلى توليد الطاقة الهيدروكهربائية (المائية-الكهربائية).

تأسست سلطة المياه عام 1983 وفقاً لقانون سلطة المياه المؤقت رقم 34 لعام 1983 لتكون مؤسسة مستقلة مالياً وإدارياً باسم سلطة المياه، وكانت ترتبط مباشرة برئيس الوزراء. وكانت السمة الرئيسة المميزة لهذا القانون هي أن سلطة المياه تتحمل مسؤولية الهيئات المسؤولة عن المياه والمياه العادمة. ووفقاً للمادة (23) من القانون المذكور، تتحمل سلطة المياه مسؤولية توفير المياه للعامة إضافة إلى خدمات المياه العادمة. كما أنها تنص على تحمل السلطة مسؤولية التخطيط العام للموارد المائية ومراقبتها. وانتقلت جميع المسؤوليات التي كانت تقوم بها الدوائر االسابقة إلى السلطة الجديدة.

الديسي: المشروع على الأبواب والنقاش ما زال على أشدّه
 
29-May-2008
 
العدد 28