العدد 1 - اقتصادي | ||||||||||||||
توقّع خبراء إقتصاد ومسؤولون سابقون أن يساهم شراء جزء من دين الأردن لأعضاء «نادي باريس» في خفض حصة المواطن من رصيد الدين العام من 1300 إلى 980 دينارا، ما سيحسن المؤشرات الاقتصادية العامة ويقدم للأردنيين فوائد ايجابية.
وزير المالية حمد الكساسبة، الذي ترأس الوفد الأردني المفاوض مع الدول الأعضاء في النادي، أكد أن الإتفاقية ستمكّن الأردن من "شراء 3.023 مليار دولار مستحقة مقابل 2.153 مليار دولار، وهي قيمتها الإسمية المستحقة".
كذلك تخفّض الاتقاقية خدمة الدين الخارجي بواقع الثلث من 850 إلى 600 مليون دولار (600 إلى 400 مليون دينار) سنويا.
على أن آراء الاقتصاديين والمسؤولين تضاربت حيال نسبة الخصم بمعدل 11 % الذي قطفها الأردن من الدول الدائنة، عقب جولات مكوكية على مدى اشهر لجلالة الملك عبد الله الثاني.
فبينما يرى وزير المالية الأسبق سليمان الحافظ أنها «غير عادلة وغير كافية»، يؤكد الوزير العامل الكساسبة أنها « جيدة وستساهم بتخفيض قيمة الدين إلى الناتج المحلي الاجمالي بواقع 12 % ليصل إلى %32» من الناتج المحلي المقدر ب 10 مليارات دولار.
تبعا لوزير المالية، سيتم تنفيذ عملية شراء الديون من خلال "استغلال جزء من عوائد التخاصية" استناداً لما نص عليه قانون التخاصية لسنة 2000، إضافة إلى "مصادر تمويلية أخرى متاحة، ليست قروضا"، في الوقت الذي تؤكد فيه مصادر رسمية أن "المنح والمساعدات المتوقعة ستساهم بتغطية جزء من تكلفة الصفقة".
وتتحدث مصادر مقربة من صناعة القرار عن إقامة صندوق خاص بالتنسيق مع دول الخليج التي درجت على إسناد خزينة المملكة منذ العام 2003- لاسيما العربية السعودية.
يؤكد الكساسبة أن إتفاقية شراء الديون تأتي في وقت بالغ الأهمية للأردن، في إشارة إلى "الثقة بالمسار الذي انتهجه الإقتصاد الأردني لتعزيز التنمية وتحسين مستوى معيشة المواطنين". يلفت أيضا إلى "نتائج إيجابية أخرى في مجال تعزيز قدرة الأردن للاعتماد على الذات والتركيز على المزيد من الإصلاحات الهيكلية، وتمويل المشروعات الحكومية ذات الأولوية والهادفة لتحسين مستوى معيشة المواطنين".
وستساهم الاتفاقية كذلك، وفقاً لوزير المالية في "خفض التزامات خدمة الدين في المستقبل، والتخفيف من المخاطر المرتبطة بعجز الحساب الجاري، فضلاً عن العديد من الآثار الإيجابية على الإقتصاد بما يشمل المديونية العامة والموازنة العامة واحتياطات الأردن من العملات الأجنبية وميزان المدفوعات، والحد من المشكلات الناجمة عن تقلبات أسعار صرف العملات العالمية".
يشار إلى أن مجمل الدين الخارجي للمملكة يبلغ حوالي 7 مليارات و51 مليون دولار ، أي حوالي 45 % من الناتج المحلي الإجمالي، ويتوقع أن تتراجع نسبته بعد تنفيذ الإتفاقية وفقا لوزير المالية لتصل «نسبته 32 % من الناتج المحلي الاجمالي»، مما يشكل تحسنا مقارنة بعام 2000، حيث كانت قيمته حوالي 99.8 % منه ووصلت الى 72.7 % منه العام الماضي.
على ان القيمة المطلقة للدين الداخلي والخارجي أرتفعت للفترة ذاتها من 5.9 مليار دينار إلى 7.3 مليار دولار، الأمر الذي يعلله محللون بتغيّر سعر صرف العملات الرئيسية والتي يقوّم بها الدين، تمويل عجز الموازنة والتي نجمت خلال هذه السنوات عن تزايد الانفاق العام. كذلك سيكون للاتفاقية دور في ضبط الانفاق رغم الارتفاع الكبير في اسعار البترول التي اخترقت سقف ال 90 دولارا لأول مرة في التاريخ.
ويعفي الإتفاق الأردن، بحسب الكساسبة، من «فوائد القروض وأقساتها حتى نهاية آجالها التي ينتهي بعضها عام 2023 ، مقدرا قيمة شراء الدين بحوالي 9ر1 مليار دولار». كما يتوقع ان تؤدي الاتفاقية إلى تقليل قيمة المبالغ التي تدفعها المملكة كسداد للديون المتبقية التي تقارب 5 مليارت دينار وخدمتها التي وصلت قبل توقيع الإتفاقية مع نادي باريس إلى 600 مليون دينار سنويا، لتتراجع حتى تبلغ نحو 400 مليون دينار سنويا.
وتشمل صفقة شراء الدين خصم ديون ثماني دول من أصل 19 دولة عضو في النادي، وهي فرنسا 858 مليون دولار، المملكة المتحدة 694 مليون دولار، الولايات المتحدة الأميركية 361 مليونا، وإسبانيا 92 مليونا، إيطاليا 71 مليونا، سويسرا 36 مليونا وألمانيا وبلجيكا 30 و 11 مليونا على التوالي.
أستاذ علم الإقتصاد والتنمية بجامعة الحسين بن طلال الدكتور فؤاد كريشان يرى أن الإتفاقية "مهمة وجاءت في وقت ارتفعت فيه قيمة رصيد الدين العام إلى مستويات خطرة" تجاوزت حاجز 7.6 مليار دينار أو ما يزيد عن 10 مليارات دولار"، بعد أن تخرّج الأردن من برنامج صندوق النقد الدولي على مدى 15 عاما. ذلك البرنامج حسّن المؤشرات الاقتصادية العامة وزاد العبء على كواهل ذوي الدخل المحدود والمتوسط.
يؤكد كريشان ان عبء المديــــونية "يلقي بثقل كبير على أداء المـــالية العامة للحكـــومة والمؤشـــرات الائتـــمانيـــة الخاصة بتصنيف الإقتصــــاد الوطني ومستويات المخاطرة فية "RISK" والتقييم بشكل أساسي من خلال أرقام المالية العامة ومن بينها الدين".
وحول مصادر تمويل شراء الدين أيّد الدكتور كريشان «فكرة الإعتماد على عوائد التخاصية» والتي تبلغ حاليا حوالي 600 مليون دينار، يحتمل زيادتها قريبا إلى حوالي المليار دينار، بعد تنفيذ صفقة بيع 51 % من أسهم الحكومة في شركة توليد الكهرباء بقيمة 320 مليون دولار إضافة إلى الإستفادة من صفقات مقبلة لبيع كامل حصة الحكومة في شركة توزيع الكهرباء وحصص أخرى من شركة كهرباء اربد والمتوقع تنفيذها خلال أسابيع.
من جانبه يقول الخبير المالي والمصرفي الدكتور صبري الديسي إن «الآثار تتجاوز المؤشرات قريبة المدى للمملكة» المتمثلة بالقراءات الرقمية السريعة التي ستظهر قريبا للدلالة على عافية مؤشرات الإقتصاد الكلي من خفض لرصيد الدين العام وخدمته، وتمويل عجز الحساب الجاري، وتخفيف الضغوطات على الاحتياطات من العملات الأجنبية، لتحقق اهدافا بعيدة المدى ستساهم في تحسين نظرة المؤسسات المالية الدولية للاقتصاد وتخفيف درجات المخاطر».
أما وزير المالية الأسبق سليمان الحافظ فيرى في تصريحات لـ"السّجل" ان «أي تخفيض للدين وبأي وسيلة هو أمر مرحب به، ولكن يجب دراسة شروط الدين» قائلا «ان عملية شراء الدين من دول نادي باريس تضمنت إعادة جدولة طويلة المدى للديون وبفوائد تفضيلية».
ودعا الحافظ الى وجوب عدم النظر الى نسبة الخصم للدين فحسب وانما إلى عناصر هذا الدين (Grant Elements) بحيث يجب حساب القيمة الحالية والقيمة المستقبلية للدين.
ويعتبر الحافظ ان نسبة الخصم التي حصل عليها الاردن غير عادلة مشددا على وجوب ربطها «بالوضع الاقتصادي. فكلما تحسن الوضع الاقتصادي قلت نسبة الخصم، وكلما ساء الوضع الاقتصادي زادت نسبة الخصم، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية المحلية والظروف الاقليمية يجب ان تكون نسبة الخصم أعلى من ذلك».
يربط الحافظ بين عجز الموازنة وبقاء ظاهرة الدين العام، مؤكدا انه طالما يوجد عجز في الموازنة فسيبقى الدين قائما. فالحكومة، برأيه، تلجأ كل عام للاقتراض لتمويل برامج تنموية او لتمويل العجز في الموازنة. وفي هذا العام يتوقع ان يصل العجز الى 800 مليون دولار، وبالتالي يتوقع الحافظ لجوء الحكومة إلى «الاقتراض لتغطية هذا العجز» مذكرا بأن «ملحق الموازنة الاخير تم تمويله بالاقتراض الداخلي». |
|
|||||||||||||