العدد 27 - أردني | ||||||||||||||
نهاد الجريري "من لم يدخل العمادة لم يدخل الجامعة"، هكذا تختزل منى العبادي تجربتها في عمادة شؤون الطلبة في الجامعة الأردنية. تقول العبادي إن نشاطاتها في نادي الخدمة العامة منذ عامين أكسبتها تجربة تستطيع أن تقارع بها صروف الحياة العملية بعد التخرج، هي الطالبة في سنتها الثانية في كلية الآداب تخصص إسباني-إنجليزي. لكن منى التي تشغل منصب أمينة الصندوق في النادي، لم تكن لتدخل عالم العمادة لولا شقيقتها الكبرى التي كانت أمضت سنواتها الأربع في الجامعة في النادي نفسه. وتضيف منى أن شقيقتها حصلت على وظيفة في كلية أصول الدين والدعوة بعد تخرجها مباشرة بناء على خبرتها في العمل العام الجامعي. الأنشطة اللامنهجية تعنى بجزء كبير من حياة الطالب خارج غرفة الصف أو المحاضرة. تتولى هذه الأنشطة في صورة رئيسية عمادة شؤون الطلبة في الجامعة الأردنية، وتتوزع بين لجان ثقافية، ترويحية، رياضية، فنية أو لجان خدمة المجتمع. وتتم ممارسة هذه الأنشطة إما في حرم الجامعة، من خلال الأندية التي ترعاها العمادة؛ مثل نادي المسرح والسينما، نادي التراث الأردني، نادي التكنولوجيا، نادي الحاسوب، نادي الصحافة والإعلام، نادي الهلال الأحمر، نادي أصدقاء بنك الدم، نادي الخدمة العامة وغيرها. أو خارج حرم الجامعة من خلال التعاون مع مؤسسات محلية مثل المجلس الأعلى للشباب، وهيئة شباب كلنا الأردن التي تنظم دورات ومعسكرات ميدانية. كثير من طلاب الجامعة كانوا يجهلون طبيعة النشاطات التي توفرها العمادة. بيان، طالبة علم النفس تقول إنها لا تسمع بنشاطات العمادة، وحتى لو سمعت بها فإن أيا منها لا يستهويها. وتعزو بيان ذلك إلى تجربة متراكمة من أيام المدرسة التي لم تؤطر للأنشطة اللامنهجية الخارجة عن إطار البحث والدراسة. بيان تقضي وقت فراغها مع صديقاتها في "السكوير" المقابل لوحدة القبول والتسجيل. كذلك أيضا محمد درادكة طالب الإدارة، الذي يقول إنه منذ أشهر لم يسمع بأي نشاط قام به نادي الخدمة العامة الذي سجل في هيئته العامة مع بداية الفصل الأول. أما شيرين طالبة الأدب الإيطالي فتعتبر أن ثمة ضعفا في التنظيم لدى عمادة شؤون الطلبة يحول دون تعريف الطلبة على النشاطات اللامنهجية المختلفة. وهي تعتبر أن العمادة كثيرا ما تكون "انتقائية" في اختيارها للمواقع التي تنشر فيها الإعلانات عن أنشطتها، "فتركزها في مناطق يمر عنها الطلاب مرور الكرام." وتضيف شيرين إنها تلحظ أحيانا "تزاحما" في الإعلانات "فنضطر إلى قراءة عشرات الإعلانات حتى نتبيّن الجديد من القديم." داليا، طالبة الأدب الإيطالي أيضا، تلحظ في أنشطة العمادة أنها "تأتي دائما متأخرة". وتشرح: "لا نعلم بالمعارض التي تقيمها العمادة إلا من خلال الصحافة اليومية وبعد مضي فترة المعرض؛ حتى هذه المعارض لا تتضمن أكثر من كتب الطبخ للبنات والفتاوى والكتب التجارية مثل ‘اعرف شخصيتك‘، وهي كتب لا تهم الطالب أصلا." في جانب تنظيمي آخر، تشكو ستناي من أنها حاولت –وصديقتها- الاستعلام من العمادة عن أنشطة متعلقة بكرة الطاولة، "لكن في كل مرة كان كل شخص يحيلنا إلى آخر حتى وصلنا إلى مسؤول الهويات." ستناي يئست بعد أسبوعين من السؤال "فاعتزلت" لعبتها المفضلة. تقول متسائلة: "ما علاقة مسؤول الهويات بكرة الطاولة؟" ومن الطلبة من لم يتوفر لديه أصلا وقت للفراغ ليمارس نشاطات لامنهجية وذلك بحكم دراسته. رامي، طالب الهندسة يقول "حتى لو سنحت لي الفرصة فإنني لن أشارك إلا في الدورات التي تنظمها العمادة." ولكن حتى هذه الدورات لا يبدو أنها تحوز استحسان الطلبة. يقول رامي "هي دورات بالاسم فقط، يقوم على تدريسها طلاب لا يتمتعون بالكفاءة المطلوبة، كما أنها تمنح شهادات غير معترف بها، بالرغم من أن الطالب يدفع رسما لها قد يصل إلى 30 ديناراً، أي بمقدار ما يدفع لقاء دورات الحاسوب." خولة الزغلوان، مسؤولة الهيئات والأنشطة الطلابية في العمادة، تعتبر أن الطالب هو الأساس في ممارسة النشاطات اللامنهجية التي تقدمها العمادة. تقول: "إذا لم يكن لدى الطالب الوازع والاستعداد للمشاركة في العمل التطوعي أو في نشاط معين، فلن تجدي المئات من الإعلانات التي نوزعها بالفعل إيذانا ببدء أي نشاط نقوم به." وتشير إلى إنها اضطرت إلى توزيع 300 منشور في الجامعة، حتى إن بعضها علق على الأشجار، كي تحصل على 35 اسماً للمشاركة في دورة نظمها قبل فترة مركز الإخاء للدراسات في عمان عن "الفساد الإداري وأسبابه." "قبل الدورة بيومين لم يكن لدي أي اسم، ما اضطرني إلى تزكية أسماء من المنتسبين إلى نوادي العمادة الذين يترددون عليها باستمرار،" تضيف الزغلوان. وفي الإطار نفسه، توضح أنه يتم في بداية كل عام جامعي توزيع كتيب أو دليل على الطلبة المستجدين يحتوي على كل ما يتعلق بآليات عمل الأندية الجامعية وتعليمات الانتساب إليها، فضلا عن اجتماعات منفصلة مع بداية كل عام جامعي تعقد في كل كلية على حدة للتوعية حول عمل النوادي، وهي 27 ناديا كان آخرها نادي الطاقة، وهناك نية لإقامة ناديي الخطابة والتفكر، بحسب الزغلوان. عدد المنتسبين لهذه النوادي يراوح بين 150 طالباً وطالبة في حده الأدنى و3000 في حده الأعلى، لكل منها هيئة إدارية منتخبة من المنتسبين. ويقوم كل ناد بتسمية النشاطات التي يرغب بإقامتها وبتحديد أماكنها. تقول الزغلوان: "من خلال هذه الآلية نسعى إلى تربية الاستقلالية لدى الطلاب، إذ يقتصر دورنا في العمادة على الرقابة والتوجيه." وتشير الزغلوان إلى أن هذه النوادي كثيرا ما تمول نفسها ذاتيا من خلال عقد الدورات كما هي الحال في نادي الحاسوب ونادي تقنية المعلومات IT. وتصر على أن رسوم الدورة الواحدة لا تتجاوز 10 دنانير. أما عن جدواها وكفاءتها فتشير إلى أن الأولوية في التدريس تُعطى للطلبة المتفوقين، وذلك بالنظر إلى سيرتهم الذاتية وبالتنسيق مع أعضاء الهيئة التدريسية، كل في مجاله. وفي بعض الأحيان، قد تستعين العمادة بخريجين أو مدرسين من خارج الهيئة الطلابية لتحقيق الفائدة المرجوة. عدنان الطوباسي، الإعلامي السابق في الجامعة الأردنية والرئيس الحالي للجمعية الثقافية للشباب والطفولة، يلفت إلى ضرورة بذل مزيد من الجهود لزيادة أعداد الطلبة المنتسبين للنوادي الجامعية، وذلك من خلال "فتح المجال أمامهم كي يختاروا النشاطات التي يرغبون في ممارستها، وتحييد الروتين المتبع أحيانا في التعامل مع مقترحات الطلبة في هذا الإطار "حتى لا يمل الطالب من كثرة المساءلة والانتظار." ويؤكد الطوباسي أهمية النشاطات اللامنهجية في بناء شخصية الطالب، ويقول إن "الجامعة ليست كتابا يُقرأ ومحاضرة تلقى، بل هي أبعد من ذلك لأنها مكان لتنمية القدرات الطلابية وتقديم الطلبة للمجتمع، وهم مسلحون بالعلم والمعرفة من ناحية، والشخصية القوية من ناحية أخرى، القادرة على مواجهة التحديات والثغرات داخل الحرم الجامعي وخارجه." وفي موازاة هذه الفجوة في التواصل بين الطالب والعمادة، ثمة فجوة أخرى ولكن هذه المرة بين العمادة والهيئة التدريسية. أستاذ في مركز اللغات فضل عدم ذكر اسمه، لاحظ أن النشاط المسرحي والرياضي تحديدا في الجامعة، بات أكثر من المتواضع. ويستشهد بتجربته أيام دراسته في الجامعة الأردنية نفسها، عندما كان يشارك في دوري الكليات لكرة القدم، ويحضر المسرحيات على مسرح الأمير الحسن ومدرج سمير الرفاعي "وما أكثرها يومذاك!" كما يقول. ويعتبر الأستاذ أن هنالك تقصيرا من جانب العمادة تجاه النشاط الطلابي اليوم. مسؤول النشاط الرياضي في العمادة نايف أبو دلبوح أقر بضعف بعض الملاعب في الجامعة من الناحية التقنية وعدم صيانتها في الوقت الحاضر بانتظار تنفيذ مشروع لإقامة مجمع رياضي ضخم بتكلفة 6 ملايين دينار. أبو دلبوح أشار إلى أن تأخر إقامة المجمع جاء بسبب "منح الأولوية ‘للدرس‘ والمحاضرات من خلال إقامة كليات جديدة وتوسيع الكليات القائمة." أبو دلبوح أكد في الوقت ذاته على وفرة النشاط الرياضي في الجامعة، لكنه لفت إلى أن 50 بالمئة من طلبة الجامعة تقريبا لا يعرفون بإجراءات المشاركة في هذه النشاطات التي تتم غالبا بالتنسيق مع مندوب رياضي معيّن في كل كلية. أما فيما يتعلق بالنشاط المسرحي، فقد أشار محمد واصف، رئيس الشعبة الفنية والترويحية في العمادة إلى أن "المسرح شهد تطورا من حيث الكم والنوع خلال السنوات الثماني الماضية." ويعزو ذلك إلى توفير رعاية أكثر، وتخصيص ميزانية أكبر، واستقطاب كوادر مؤهلة أكاديميا للنهوض بالفنون والمسرح في الجامعة. لكن واصف يشير إلى عدم توافر الوقت الكافي لإنجاز أكثر من مسرحيتين في السنة الدراسية بسبب عدم تعاون الهيئة التدريسية مع الطلبة المنتسبين للفرق الفنية، التي يتطلب تدريبها ساعات طويلة تمتد كثيرا إلى أيام العطل الأسبوعية. يقول واصف: "هذا قد يقلل الإنتاجية لكنه لن يتعدى على الإبداع." الجامعة أنتجت مؤخرا مسرحية "القاع"، التي تتحدث عن تفاوت الطبقات الاجتماعية. المسرحية فازت بـ9 جوائز من أصل 10 في مهرجان فيلادلفيا العربي الخامس للمسرح، الذي شاركت فيه جامعات من لبنان والجزائر والعراق وسورية وعُمان. النشاط اللامنهجي يبقى مشكلة في أوساطنا الجامعية، بين من يعتبره "مكملا" للعملية التعليمية وبين من يعتبره "كماليا". إلا أن البعض يميل إلى الخيار الأول ولو بخسارة. سناء طالبة التحاليل الطبية تشعر بالحزن لأن معدلها تدنى من امتياز إلى جيد جدا، منذ انتخبت أمينة صندوق في نادي التراث الأردني، على اعتبار أن "من سيوظفني سيسألني عن علاماتي ولن يسألني عما قدمته للمجتمع." لكنها رغم ذلك غير نادمة، فهي ما زالت تستذكر مشاركتها في حملة، نظمت قبل أشهر، لجمع تبرعات عينية ونقدية لعوائل في المفرق أسمتها حملة "الشتاء الدافىء".
** "صوت الطلبة" تصدر عمادة شؤون الطلبة في الجامعة الأردنية صحيفة شهرية بعنوان «صوت الطلبة». مساعدة رئيس التحرير، مساعدة العميد، إمتنان الصمادي، تقول إن الصحيفة تتميز بأنها «تعطي الأولوية لأخبار الطلبة وما يتعلق بشؤونهم على عكس النمط الذي كان سائداً من التركيز على أخبار إدارات الجامعة من رئاسة أوعمادة». هذه الصحيفة تتضمن رسائل موجهة إلى المسؤولين في الجامعة، وتحقيقات مثل «الحمامات في الجامعة»، و«تدخين الفتيات»، واستطلاعات عن «مستوى الخدمات المقدمة للطلبة،» بالإضافة إلى مقالات وأشعار وقصص قصيرة يكتبها طلبة الكليات المختلفة. الصحيفة تتضمن كذلك أعمالاً فنية من لوحات و«اسكيتشات»، ورسوم كاريكاتورية عن واقع الحياة الجامعية، مثل: كاريكاتور ينتقد سلوك الطلبة في المكتبة، أو عدم تقبل الإدارات لمقترحات الطلبة والأساتذة، أو ارتفاع الأسعار بشكل عام. |
|
|||||||||||||