العدد 4 - ثقافي | ||||||||||||||
بينما يتقبّل الناس مغامرات الرجل العاطفية ويتناقلون أخبار شطحاته، تبقى «زلاّت» الزوجة موضع استنكار وفي طي الكتمان، نظراً للثقافة الشرقية التي تغض الطرف عن الرجل. في المقابل تدخل المرأة دائرة التجريم، وتنعت فعلتها بأبشع الصفات، على ما يؤكد علماء اجتماع وأزواج مرّوا بتجارب كهذه. وبعيداً عن الثقافة الشرقية، يبقى موضوع الخيانة سواء- من قبل الرجل أو المرأة- مؤشراً على خلل في مؤسسة الزواج، وغياب الحوار والحب والاحترام المفترض بين الطرفين. يرى علماء اجتماع أن وتيرة الحياة المتسارعة وخروج المرأة للعلم والعمل زاد من الاحتكاك «الجندري» مقارنة مع العقود الماضية، في بلد ارتفعت فيه نسبة مشاركتها في سوق العمل إلى 15 % بينما احتلت نصف مقاعده المدرسية والجامعية. سيدة في الأربعين من عمرها، أطلقت على نفسها اسم حنان، ترفض أن تصف ما فعلته بالخيانة حين تعرفت على شخص أثناء زواجها، وبادلته مشاعر الحب في وقت كانت علاقتها الزوجية “تحتضر”، كما تقول، بسبب معاملة زوجها “القاسية لها وعدم إبدائه تجاهها أي اهتمام أو حتى احترام”. وبعد أن تأكدت حنان من مشاعر الشخص “الذي أحبته طلبت من زوجها الطلاق فحصلت عليه بعد معاناة طويلة. ثم ارتبطت بمن أحبت واختارت”. لا تنكر حنان حجم المعاناة التي عاشتها في تلك الفترة بخاصة مع وجود طفلين. حتى إن الضغط النفسي عندها وصل إلى حد دفعها للتردد على اختصاصي نفسي لطلب المشورة والنصح في ضوء الانشطار في الآراء حيال المرأة والرجل. مع أن زوج حنان كان “يخونها باستمرار تحت الأضواء بعلم والديه وأسرته” إلا أنها تلقت سهام التقريع والتخوين بمجرد أن حاولت الانتقام لكرامتها”. تقول :”أما أنا فأصحبت بنظرهم مجرمة حتى بعد أن انفصلت وتزوجت بحسب الشرع والعادات والتقاليد”. إلى هذه الحكاية، ثمّة دراما شبه بوليسية عن خيانات خلف أبواب موصدة بطلتها المرأة. إذ إن العشرات من النساء وقعن في الخيانة دون أن يطلبن الانفصال خوفاً من لقب مطلقة أو خشية على مصير الأولاد ومخاطر تهديم البيت. والزنا برأي الدين، من كبائر الذنوب، وعقوبته على الذكر والانثى في حال ثبوته بالإقرار أو شهادة أربعة شهود عدول أن يجلد كل واحد منهما مائة جلدة إذا كان أعزباً، والقتل رجما بالحجارة إذا كان متزوجاً من سابق. تتعدد قصص متزوجات انخرطن في قصص عاطفية جانبية. لكل قصة خيانة سبب أو مبرر أو دافع تسوقه المرأة لتريح ضميرها. فهذه تنتقم لكرامتها المجروحة رداً على خيانة زوجها لها ظناً منها أنها بذلك توجه له الإهانة بمثلها، وأخرى معتدة بجمالها وترغب في جمع أكبر عدد من المعجبين وثالثة تعاني من إهمال زوجها أو عدم احترامه لكيانها وعواطفها، فتجد في الآخر ملاذاً تلجأ إليه لإشباع فراغها عاطفيا أو تحقيق رغبة دفينة، بحسب مسح محدود أجرته «السِّجل». تختلف ردة فعل الزوج بين من يؤذي زوجته بكل الطرق من ضرب وقتل وتشهير بسمعتها وأسرتها على الملأ، وبين من ينفصل بهدوء. ونادراً ما يتم احتواء الأمر بعكس معظم قصص خيانات الرجل التي تستوعبها المرأة حتى لا تهدم بيتها. محمد خضر (50 عاماً) يرى “في خيانة المرأة غلطة لا تغتفر” لكنه يلفت النظر “إلى أن وقوع هذا الأمر يدل على وجود خلل كبير في العلاقة الزوجية في معظم الأحيان”. ويستطرد خضر الذي يعمل في الجامعة الأردنية “أن الزوج لا بد من أن يتثبت من الأمر ويتحقق منه، وفي حال تأكد من ذلك فيجب عليه أن يتصرف بحكمة ومنطق، وأن لا ينجر وراء العنف الذي سيعود عليه بالأذى”. بالنسبة لهذا الرجل الأكاديمي، فإن “الزوج الحكيم لا بد من أن يتساءل عن الدوافع وراء المشكلة. ثم ينفصل بهدوء”. الإعلامي زيد عبد الرحيم يتشارك مع خضر في هذا الطرح. ويرى أن “حل هذه المشكلة لا بد من أن يخضع للشكل الحضاري في التعامل، وهو الانفصال بهدوء”. ويقول “إن الرجل العاقل لا بد من أن يسأل نفسه عن السبب الذي يعود إليه وجعل زوجته تخونه. وفي حال تأكد من عدم تقصيره في شيء يكون الطلاق هو الحل الأخير والوحيد”. “في هذه الحالة يكون الخلل في الزوجة وعلى الزوج الانسحاب دون الشعور بأي أسف”. وتعكس آراء خضر وعبد الرحيم اجتهاداً متمدناً للتعامل مع المشكلة. ومع الإشارة إلى تفاوت ردود فعل الأزواج حسب البيئة والمستوى الثقافي. في هذا الإطار يسوق عبدالله سليم، الذي يعمل مدرساً، مثالاً عن أحد أصدقائه الذي راوده الشك “مجرد الشك بسلوك زوجته”. فما كان منه إلا أن “طلّقها وبقي يعاني عقداً نفسية لم تفارقه حتى اليوم رغم مرور 10 سنوات”. وهو اليوم يرفض قطعياً تكرار تجربة الزواج. من جانبها توضح الإعلامية رانيا سابا أن المرأة العربية “ممكن أن تغفر الخيانة للمحافظة على بيتها. أما الرجل الشرقي فلا يغفر، ومن ثم على المرأة أن “تحتمل المعاناة النفسية والاجتماعية في كل الحالات”. تستبعد سابا أن تتغير هذه المنظومة الاجتماعية في عالمنا العربي. اللجوء إلى اختصاصي تعاني المرأة التي تقع في الخيانة من صراعات نفسية تؤدي بها الى زيارة الطبيب النفسي لطلب المشورة في بعض الأحيان، وبخاصة أنها لا تستطيع البوح بالأمر لأي أحد نظراً لحساسيته. الطبيب النفسي، فائق الزغاري يؤكد أن “تعامل الزوجات مع هذا الأمر يختلف من واحدة لأخرى”. إذ يصل الأمر، أحياناً بحسب الزغاري، إلى حد توجه الزوجة إلى عيادات الطب النفسي “للشكوى من تصرفات عشيقها. بذلك هي لا تشعر بأي تأنيب ضمير تجاه زوجها، وتتعامل مع الأمر على أنه حرية وانفتاح”. هناك فئة أخرى تراجع الطب النفسي وهي تعاني من متاعب نفسية نظراً لشعورها بالذنب، بحسب الزغاري. في كلتا الحالتين، يؤكد الزغاري أن “الأمر يعود لقناعات السيدة، ونشأتها، والمفاهيم الراسخة في وجدانها”. تشريح المشكلة عن تحليل هذه المشكلة، والوقوف على دوافعها، يقول الزغاري إن المرأة “بطبيعتها تحب الاستقرار المتمثل بوجود بيت وأسرة تمنحها الأمان. وهذه هي الغاية من الزواج. وفي حال لم تتوافر هذه المقومات في منزل الزوجية تفكر بعض النساء بالخيانة”.مؤكداً أن “المرأة ليس من السهل أن تقع في الخيانة. فالأساس لديها هو عدم الخيانة ومنح الثقة”. وعن الأسباب وراء واقعة الخيانة، يقول إنها تتلخص في معظم الأحيان “بعدم احترام الزوج الذي يصل، في بعض الأحيان، للإهانة، وأيضاً البرود الجنسي، وتراكم الخلافات التي تبني حالة من النفور مع الزمن. وبهذا يتلاشى الجو الصحي المفترض وجوده في المنزل إلى جانب ضعف القيم والمبادئ الدينية لدى الزوجة” التي تجنح نحو الخيانة. ومن التفسيرات الأخرى وجود “نساء يشعرن بالتفوق على أزواجهن بسبب حالة مادية جيدة أو جمال لافت أو وضع مهني مرموق. وهنا تشعر الزوجة أن من حقها البحث عن شخص آخر تقيس نفسها به”. يرى محامون وعلماء اجتماع أن من الصعب رصد حجم الخيانات الزوجية، لاسيما لدى المرأة، لأنها من القضايا الحساسة والمسكوت عنها . بخلاف الدول الغربية، من الصعب توزيع استبانات بحثية أو أكاديمية للكشف عن هذه الحالات. أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي يعترف بالمشكلة، ويؤكد أن الدراسات لم تستطع التوصل لشيء إلا من خلال الأمراض المنتشرة بسبب العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج ومنها الإيدز. ينقل الخزاعي عن إحصائية تقريببية مفادها أن بين 6 – 10 % من الرجال والنساء لديهم علاقات جنسية خارج إطار العلاقة الزوجية، بنسبة الثلث عند النساء وثلثين لدى الرجال. هذه أرقام استنتاجية تم التوصل إليها من خلال بعض الأمراض الجنسية الناجمة عن علاقات خارج إطار الزواج. تشير الأرقام إلى أن حالات العنف الواقعة على الزوجات، وعلى رأسها القتل تعود في نسبة كبيرة منها للغيرة التي يشعر بها الرجل سواء تأكد من سلوك زوجته أو انتابه مجرد الشك بهذا السلوك. في الأردن حالات وليست ظاهرة يؤكد الخزاعي أن خيانة الزوجات، لم تصل بعد في الأردن إلى حد الظاهرة، بسبب كبرياء المرأة الشرقية وارتباطها بمنزلها وأسرتها، مع الإشارة في الوقت نفسه إلى التغيّر الكبير الذي طرأ على المجتمع المحلي نتيجة الهجمة الإعلامية الهائلة التي غيرت من منظومة القيم لدى الكثيرين. ومن اللافت للنظر أحياناً دخول سيدات في نفق الخيانة الزوجية والارتباط بعلاقات عاطفية خارج إطار الزواج دون أي بعد جسدي للعلاقة. في هذا يقول الأختصاصي النفسي باسل الحمد إن المرأة تكون “بحاجة إلى إشباع عاطفي بسبب خلل أصاب العلاقة الزوجية نتج عن عدم اتصال عاطفي عميق”. ويشير الحمد إلى أن هذا الأمر هو الذي يدفع الرجل كذلك للخيانة، ويؤكد أن الخيانة هي حالة يغيب فيها التفكير المنطقي. إذ في معظم الأحيان لا يكون هناك أي أمل في الاستمرار”. بدورها ترفض المتخصصة في دراسات المرأة في الجامعة الأردنية الدكتورة أمل خاروف مبررات خيانة المرأة وكذلك خيانة الرجل. وتقول خاروف إن “المرأة التي تقع في الخيانة هي إنسانة لديها الاستعداد لذلك لأسباب خاصة بها مثل إهمال الزوج أو خيانته أو بعده المتواصل عنها”. في المقابل، ثمّة “نساء كثيرات يعانين من المشاكل نفسها لكن ردة الفعل لا تكون نفسها”، حسبما تستدرك. القانون حليف للرجل المحامية رحاب القدومي ترى أن المشرع الأردني كان يقضي سابقاً في المادة 340 من قانون العقوبات بأن يستفيد الرجل من العذر المحل في حال فاجأ زوجته متلبسة بجريمة الزنا وقتلها. ولم تكن الزوجة تستفيد من هذا العذر إلى أن تم تعديل القانون عام 2002 وأصبحت الزوجة تستفيد بمقتضاه من العذر المخفف في حال قتلت زوجها، لكن اشترطت المادة أن تكون الزوجة قد تفاجأت بزوجها وهو يمارس الزنا على فراش الزوجية فقط وليس في أي مكان آخر. |
|
|||||||||||||