العدد 27 - أردني | ||||||||||||||
يحاول كثيرون الترويج لفكرة رفع رسوم الدراسة الجامعية بشكل تدريجي وصولا إلى استيفاء الكلفة «الحقيقية» للدراسة من الطالب، وهو ما يعادل إعادة هيكلة التعليم العالي، ورفع الدعم عن هذا القطاع. وقد بينت دراسة حملت عنوان "تمويل الجامعات"، قدمت إلى منتدى التعليم العالي الذي عقد على شاطئ البحر الميت ، أن الطلبة يغطون ما نسبته 41ر66 بالمئة من إجمالي النفقات التي تقدر بنحو 261 مليون دينار تقريبا. وأشارت الدراسة التي استندت في تحليلها، إلى إحصاءات العام قبل الماضي، إلى أن طلبة الجامعات يدفعون ما قيمته 3ر173 مليون دينار سنويا رسوما دراسية، وتتم تغطية باقي النفقات من الإيرادات الأخرى المتمثلة بالدعم الحكومي السنوي و إيرادات أخرى للجامعات. راوح الدعم الحكومي للجامعات خلال السنوات الثلاث الأخير ما بين 50 - 53 مليون دينار – بحسب مصادر مطلعة، وهو يغطي ما نسبته 20 بالمئة من إجمالي النفقات تقريبا، وهو ما أشارت إليه الدراسة التي حددت النسبة بنحو 34ر20 بالمئة. تسجل الدارسة أن أدنى الإيرادات هي إيرادات الجامعات ذاتها، بما فيها التسهيلات الائتمانية، إذ تقدر بنحو 35 مليون دينار، وبنسبة تصل إلى 25ر13 بالمئة من إجمالي الإيرادات. وتكشف الأرقام التي تضمنتها الدراسة – بعيدا عن تحليلها - أن التقصير هو من جانب الجامعات التي تلعب دور "المظلوم" مقارنة مع نظيراتها الخاصة، فهي طالما منتّ على الطالب بأنها صاحبة فضل عليه لجهة تمكينه من إكمال دراسته الجامعية الأولى. غير أن تلك الجامعات تتناسى أنها تتقاضى دعما من الحكومة سنويا لا تتقاضاه "الخاصة"، وأن الأخيرة تترتب عليها كلف مالية بسبب تطبيقها لمعايير الاعتماد التي ما زالت خارج "بنديرتها"، مخالفة في ذلك القانون. معاناة الجامعات المالية ليست بالمعضلة الجديدة، فقبل أربع سنوات تقريبا بدأت بعض الجامعات برفع الرسوم تدريجيا تحت مسمى"إعادة هيكلة الرسوم"، ليتم رفعها سنويا بنسب معينة تمهيدا لتحصيل الكلفة الحقيقية للتعليم الجامعي من الطالب، شرط أن توفر الجامعات ذاتها صناديق لدعم الطلبة المحتاجين المتضررين من عملية الرفع. أحد مصادر تمويل تلك الصناديق هو جزء من الدعم الحكومي للجامعات نسبته 10 بالمئة سنويا تقريبا، وهي نسبة تزداد وصولاً إلى الانتهاء من عملية الهيكلة وتحويل الدعم كاملا لصالح الصناديق. بيد أن الحكومة قررت وقف إعادة هيكلة الرسوم، إذ إن قرار رفع الرسوم هو قرار سياسي، مع الاستمرار بفكرة الصناديق، ولكن بآلية جديدة تمثلت بإنشاء صندوق حمل اسم صندوق دعم التعليم الجامعي في وزارة التعليم العالي، يقدم منحاً وقروضاً للطلبة ويتم تمويله من الدعم الحكومي للجامعات . الدراسة المشار إليها تقدر متوسط كلفة الطالب الواحد بنحو 1828 دينارا تساهم الرسوم الجامعية من الطالب فيها بنحو 999 دينارا، أي ما نسبته 54.6 بالمئة، ويساهم الدعم الحكومي بما معدله 566 دينارا والباقي، وهو 263 دينارا، يغطى من موارد أخرى بما فيها نسب العجز أو القروض. ضخامة هذه الأرقام تكشف عن ارتفاع عدد الطلبة المسجلين في الجامعات، والذين بلغ عددهم وفقاً للعام 2003 نحو 124 ألف طالب وطالبة، منهم نحو 86 ألف طالب وطالبة في البرنامج العادي، أي برسوم منخفضة مقارنة بنحو 30 ألفا في البرامج الخاصة المختلفة، أي برسوم مرتفعة، مقابل زهاء 8 آلاف في الدراسات العليا، برسوم قريبة من البرامج الخاصة . تشكل نسبة مساهمة الرسوم في إجمالي النفقات الفعلية – وفقا للعام 2003 ما نسبته 54.7 بالمئة، أي أنها تساهم بمبلغ يزيد على 123.7 مليون ونصف المليون دينار، مقابل 31 بالمئة، هي نسبة الدعم الحكومي، أي سبعين مليونا، في حين أن المصادر الأخرى شكلت ما نسبته 14.35 بالمئة أي أكثر من 32 مليون دينار. الاستنتاج الذي أفرزته الأرقام السالفة ينسجم مع التقرير الرقابي لديوان المحاسبة للحسابات الختامية للجامعات الأردنية الرسمية لعامي 2003 و2004، الذي انتقد أوجه الإنفاق والاقتراض وعمليات التحصيل، في الجامعات وقد أبدى التقرير ملاحظات حولها وقدم مقترحات لتلافيها. ووضعت الحكومة الجامعات على المحك حينما قررت قبل زهاء سنتين تسديد مديونية الجامعات الرسمية كاملة، والتي تقدر بنحو 118 مليون دينار شريطة عدم السماح لها بالاقتراض لأي سبب كان، في محاولة لتحفيزها على الإنتاج والاعتماد على الذات. في المقابل، تناقص حجم الدعم الحكومي للجامعات منذ عام 2001 بمعدل 9 بالمئة سنوياً – وفقا للدراسة ذاتها- ما، جعل البعض في الوسط الجامعي يطالب بإنشاء صندوق تابع للحكومة، ممثلة بوزارة التعليم العالي، تحول إليه جميع الرسوم والضرائب المستوفاة لصالح الجامعات. يرى هؤلاء في تلك المطالبة إنصافا للجامعات والحكومة في آن واحد، إذ يعفي الموازنة من تحمل أعباء مالية قد ترتبها التقديرات للسنة المالية بما يخص الدعم الحكومي – وهو أمر يستبعده البعض- ممن يرون أن ذلك سيوفر للجامعات ضعفي الدعم المقدم لها حاليا. إلى حين، إيجاد حلول لأزمة الجامعات المالية وتحديد أسبابها الفعلية تبقى الجامعات تعاني من موازنات عاجزة، تنعكس على مستوى أدائها ودورها. |
|
|||||||||||||