العدد 27 - أردني
 

يشكل الربط بين البحوث العلمية التطبيقية واحتياجات سوق العمل، "الجسر" الذي يربط مؤسسات التعليم العالي بالقطاع الصناعي ويساعد على تجاوز الفجوة فيما بينهما لتحقيق التنمية لكلا الطرفين.

هذه الخطوة تتطلب تشخيص واقع البحث العلمي القائم، للوقوف على المعوقات والعمل على معالجتها، وتعزيز نقاط الضعف، لتكون المسيرة التكاملية بين البحث والإنتاج"صحية" قادرة على تحقيق أهدافها.

يعد التمويل المنخفض من أبرز المعوقات التي تحد من نوعية التعليم العالي، إذ لا يمثل تمويل البحث العلمي في الأردن حاليا أكثر من 0.4 بالمئة من الناتج القومي الإجمالي، وفقا لدراسة أكاديمية متخصصة.

تنبه القائمون على قطاع التعليم العالي إلى ضعف التنسيق ما بين وزارتي الصناعة والتجارة والتعليم العالي والبحث العلمي، فتقررت الاستفادة من نسبة الواحد بالمئة المخصصة من أرباح الشركات السنوية، من خلال تخصيصها لأغراض البحث العلمي، فتم تعديل القانون بما يتيح إنشاء صندوق خاص لدعم البحث العلمي تحول له نسبة الواحد بالمئة مباشرة.

إلا ان المطلوب حاليا هو وضع خطة متكاملة للبحث العلمي على مستوى الدولة في ضوء أولويات خطط التنمية الشاملة بالتنسيق بين المؤسسات ذات العلاقة.

تكمن أهمية الدعوة الى استحداث برنامج لدعم البحوث العلمية التطبيقية لطلبة الدراسات العليا وربطها باحتياجات قطاع الصناعة المحلية، بأن تحمل الدعوة أكثر من بُعد؛ أولا: بأن تشدد على نوعية الأبحاث، ثانيا: أن تكون موائمة لاحتياجات السوق، وثالثا: أن تكون هنالك شراكة حقيقية بين القطاع الصناعي والمؤسسات التعليمية.

ومن المؤمل أن تكون مبادرة صندوق الملك عبد الله الثاني باستحداث برنامج لدعم البحث والتطوير لدى طلبة الجامعات، النموذج الذي يجب أن تحتذيه مؤسسات التعليم العالي والقطاع الصناعي في العلاقة فيما بينها.

وقد جاءت فكرة البرنامج تنفيذا لتوجيهات الملك لدعم المبدعين والمتميزين من خلال تهيئة الظروف والبيئة الملائمة لهم ومنحهم الإمكانيات وتوفير الوسائل التي تمكنهم من إبراز إبداعاتهم الفكرية والفتية وترجمتها إلى نتائج ملموسة تساهم في دعم مسيرة التنمية الشاملة.

وتقوم فكرة البرنامج، التي استفاد منها العديد من الطلبة، على تقديم تمويل من الصندوق لمشاريع البحث والتطوير المعدة من قبل طلبة الجامعات الرسمية، بغية توفير الظروف والبيئة والإمكانيات لدعم المبدعين والمتميزين، ولتغيير أنماط التفكير المنحصرة في تحصيل العلامات الى السعي نحو الابتكار والتفكير الخلاق والبحث والتطوير. وفي شق آخر، يحمل البرنامج أبعادا أخرى منها؛ تكريس مبدأ المنافسة بين الطلبة باعتماد أسس الكفاءة والإنتاجية وروح المبادرة، فضلا عن دعم السياسات الحكومية الرامية الى تطوير مستوى التعليم الجامعي والنهوض به. ولتكتمل الحلقة، بما يحقق الغاية، وقع الصندوق اتفاقية مع مركز الملك عبدالله الثاني للتصميم والتطوير ليتولى من خلال دائرة البحث العلمي التابعة له، مهام الإشراف والمتابعة على المشاريع البحثية التي يقرر الصندوق تمويلها.

ولتحفيز الطلبة في الجامعات وللتركيز على النوعية وتلبية متطلبات التنمية، اشترط الصندوق، لغايات التمويل، أن يكون المشروع البحثي هو مشروع تخرج في الجامعة وأن يكون ذا طبيعة أبداعية، ويفضل ان يكون موجها لحل مشكلة للقطاع الصناعي، ويحقق إضافة معقولة في مجال البحث.

وحدد ضمن الشروط ألا يقل عدد الطلبة المشاركين في تنفيذ المشروع عن ثلاثة طلاب بالنسبة لدرجة البكالوريوس، فيما أعفي طلبة الماجستير من هذا الشرط.

**

أرقام وحقائق

رغم توسع الجامعات في برامج الدراسات العليا وتزايد أعداد طلبة الدراسات العليا فيها، فإن مساهمتهم في تطوير البحث العلمي ما تزال محدودة، لكون معظمهم غير متفرغين ويتابعون دراستهم في ظروف صعبة. وهم وفقا لدراسة متخصصة لا يستطيعون التفرغ الكامل لدراستهم، لأن الجامعات لا تقدم لهم البدائل المالية الكافية والحوافز المشجعة للعمل مساعدي بحث وتدريس بما يتيح لهم الفرصة للتدرب على ممارسة البحث العلمي الجاد.

بلغت المخصصات المالية لمنح طلبة الدراسات العليا في الجامعات الرسمية عام 2003 لطلبة درجتي الماجستير والدكتوراه نحو 619 ألف دينار، أي ما نسبته 0.3 من مجموع موازنات الجامعات، فيما بلغ عدد طلبة الدراسات العليا في العام نفسه نحو 6357 طالبا وطالبة، ما يعني أن حصة الطالب الواحد من المنح تبلغ 100 دينار سنويا فقط، وهي نسبة متدنية جدا بحسب الدراسة.

وارتفعت نفقات البحث العلمي في المملكة بمقدار 1.4 مليون دينار عام 2003 عما كانت عليه في عام 2000 وتركزت الزيادة في مكوني البحث العلمي (دعم المشاريع البحثية والنشر والمؤتمرات) والبعثات والتدريب. وتشير الإحصاءات إلى أن الأردن أنفق نحو 31.6 مليون دولار على البحث والتطوير، أي ما نسبته 0.4 من الناتج القومي الإجمالي، وساهمت الجامعات الرسمية بما نسبته 31 من حجم تلك النفقات. وبلغ مجموع ما أنفقته الجامعات الرسمية عام 2003 على البحث والتطوير 15.529.111 دينارا، أي ما نسبته 6.44 من المجموع العام للنفقات، حيث بلغ مجموع نفقات البحث العلمي، بحسب دراسة تحليلية لموازنات الجامعات الرسمية لعام 2003 نحو 4.606.345 دينارا، أي ما نسبته 1.91 من المجموع العام للنفقات البالغ 241.558.219 دينارا، كما أنفقت الجامعات مبلغ 3.295.688 دينارا على المختبرات والتجهيزات العلمية، وهذه تكافىء 1.36 في المئة من مجموع النفقات، فيما كان نصيب البعثات العلمية 7.627.078 دينار أي ما نسبته 3.16 من النفقات.

انخفاض الإنفاق على البحث العلمي أظهر معوقات تطوير التعليم
 
22-May-2008
 
العدد 27