العدد 27 - أردني | ||||||||||||||
يعد الكتاب الأكاديمي الأكثر تداولاً في سوق الكتب، بحسب ناشرين. وهذا ما يجعله معرضاً للسطو من قبل أكاديميين آخرين لا يترددون في انتحاله. ويتخذ الانتحال منحيين الأول: نسخ كتب، وأفكار مؤلفين آخرين من جانب بعض الأكاديميين، والثاني: توزيع دور نشر لنسخ مقلدة لكتب رائجة أكاديمياً، دون الحصول على موافقة المؤلف أو الناشر. الشاعر جهاد أبو حشيش، مدير دار فضاءات للنشر والتوزيع ـ عمّان، يؤكد أن "الناشر إما أنه أبٌ روحي لما يولد من كتب وصانع للوعي والثقافة، وأما مدعٍ لا يهمهُ سوى ما يمكن أن يضاف إلى رصيد حساباته البنكية." ويضيف أن "حال الناشر كحال المبدع تماماً، الذي قد يكون عالماً أوأكاديمياً، وقد يكون "منتحلاً" لا يتورع عن سرقة الكتاب، أو سرقة أفكار ورؤى لكُتّاب مبدعين". إحدى الجامعات اكتشفت، من خلال اتصال كاتب من الخارج، أن الكتاب المقدم من قبل أستاذ في الجامعة، والمعتمد في تدريس طلابه، هو كتاب مسحوب حرفياً من شبكة الإنترنت. الدكتور المذكور أثبت للجامعة أن الكتاب قد نُشر الكترونياً قبل سنوات من إدعاء الدكتور قيامه بتأليفه، بعد ذلك بدأ رحلة البحث عن طريقة لإثبات حقه في الكتاب. أحد الناشرين نزع الغلاف لا أكثر، ووضع اسمه مكان اسم المؤلف الحقيقي، ولكن الكتاب وقع في يد المؤلف الأصلي، وبعد ذلك بدأ مسلسل من تدخل الوسطاء لإثناء المدرس عن اتخاذ إجراء قانوني، فأتلفت الكمية المطبوعة كاملة، ودفع المنتحل مبلغاً كتعويض. يقول أبو حشيش: «في بداية عملي في النشر أعطتني إحدى الدور كُتباً لأطبعها لها، وبالمصادفة تناول الدكتور محمد الخطيب أحد الكتب وأخذ يقرأ. ثم التفت وسألني: ما عمر المؤلف؟ أجبت إنني لا أعرفه فهذا لدار نشر أخرى، فنبهني إلى أن المؤلف يذكر أنه صديق لعالم متوفي منذ سنة 1929». ختم أبو حشيش قائلاً «الثقافة إبداع، وهي نبض الإنسان الذي بدونه لا يكون الاستمرار في الحياة فهل يعقل السماح بسرقتها؟». في سياق متصل أكد زياد أحمد صاحب، دار قنديل للنشر والتوزيع، أن 2 بالمئة فقط من الكتب الأكاديمية التي تصدر في الأردن خاضعة للتقييم والدراسة. زياد أفتتح حديثه بإثارة إشكالية أن «الكم الهائل من الكتب الجامعية التي تطبع لا تخضع للتقييم، وبالتالي، فإن معظم الكتب الجامعية التي تتواجد في السوق، غير مستوفية للشروط العلمية». ظاهرة جديد طرأت على النشر الأكاديمي مؤخراً، بحسب زياد، وهي أن «بعض الكُتب تعاد طباعتها، دون مراعاة أي شرط علمي، على الرغم من محاولة تلافي بعض الأخطاء التي وردت في الطبعة الأولى». وأشار زياد إلى أن بعض الكُتّاب يلجأون لطريقة حديثة للتحايل؛ فيضعون بعض الأسماء كمؤلفين مشاركين، علماً بأن هذه الأسماء قد لا تكون لها علاقة بالمادة العلمية المنشورة في الكتاب. «لكن هذه الأسماء،» كما يقول «تمتلك نفوذاً ما في الجامعات، ويمكن من خلالها تسويق الكتاب». زياد يرى أن المشكلة لا تقتصر على النشر الجامعي، فحال الكليات المتوسطة ليس أفضل. «كتاب كليات المجتمع، لا يخضع هو الآخر، لأي معايير أكاديمية، بل يخضع لقدرة مؤلف الكتاب على نسج العلاقات مع أصحاب القرار». ظاهرة الانتحال أدت إلى مشكلة جديدة «فالكتاب المقرر للجامعة نكتشف أنه أصبح ملغى، وأن كتاباً آخر حل محله ولكن لمؤلف آخر». مع ما يعنيه ذلك من خسائر تتكبدها دور النشر. صاحب دار الخليج للنشر والتوزيع قال: «السرقات فنون، وإحدى دور النشر، قامت بطبع كتاب، ولم تغير سوى العنوان.» صاحب دار نشر - فضل عدم ذكر اسمه - تحدث عن أستاذ وضع كتاباً، انتحل نصاً من كتاب واخذ الهوامش من كتاب آخر، وقرره على طلابه غير أن الهوامش لم تكن متجانسة مع النص، وتركت الأخطاء اللغوية والمطبعية ذاتها. |
|
|||||||||||||