العدد 27 - اقليمي | ||||||||||||||
معن البياري في تموز /يوليو الماضي قررت وزيرة المعارف الإسرائيلية، يولي تامير، أن يشمل كتاب التاريخ للصف الثالث الابتدائي للمدارس العربية في الدولة العبرية، توصيف ما حل بالفلسطينيين في 1948 بأنه نكبة. أثار القرار سخطاً واسعاً لدى أوساط اليمين الإسرائيلي، ومن ذلك قول الوزير السابق للتعليم، زولوفون أورليف، أن تامير تتسبب بـ «نكبة» لجهاز التعليم الإسرائيلي، وتشطب في قرارها تاريخ الشعب اليهودي، وتكفر بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، وتمنح العرب شرعية عدم الاعتراف بها. لم يذهب القرار المذكور أبداً إلى شيء من هذا، إذ ينحصر في كتاب مدرسي وحيد، والمعنيون به هم الطلاب من السكان العرب في إسرائيل، وهذه تسمية الفلسطينيين في وطنهم المنكوب بطرد أهله منه وإقامة دولة غاصبة فيه. وسوّغت الوزيرة، وهي من يسار الوسط في حزب العمل، قرارها في حينه بقناعتها بأن وجهة النظر العربية عمّا حدث في 1948 تستحق أن يكون لها مكانها في السجال الإسرائيلي العام، لأن ذلك بحسبها يساهم في تأكيد أهمية التعايش بين الشعبين، ويتيح للمجتمع العربي في إسرائيل فرصة التعبير عن مشاعره. قرار الوزيرة في طاقم حكومة إيهود أولمرت يثير الحاجة للتعرّف على ما يدرسه الطلاب من أهل فلسطين وأبناء أرضها التي جرى نهبها والسطو عليها في واقعة تاريخيّة غير مسبوقة. من ذلك أن كتاب التاريخ لتلاميذ الثالث الابتدائي، موضوع القرار، يردُ فيه أن رفض الفلسطينيين قرار الأمم المتحدة التقسيم هو سبب حرب 1948، بينما وافق اليهود على القرار، ولذلك طُرد بعض «العرب»، وصودرت أرض مملوكة لهم. ولا يشير الكتاب أبداً إلى لاجئين فلسطينيين ولا إلى حقوقهم، والجديد الذي أملت أن تُضيفه الوزيرة العمّالية أربع عبارات فقط، بدت لصهاينة غير قليلين مسّاً كبيراً بالرواية الإسرائيلية عن «استقلال» اليهود في «أرض الميعاد». وقد أنجزت عصابات مسلّحة قبل أزيد من 60 عاماً هذه الجريمة التي قامت على أساسها الدولة العبرية، كياناً ومؤسسات وجيشاً. لا تأتي مناهج التعليم العبرية على أيٍّ من هذه الحقائق، بل تعمدُ إلى التزييف والى تشويه مشحون بعنصرية مقيتة،كما في كتاب مقرّر للرابع الابتدائي عن الحياة التي تمضي في القدس بين جدرانها التي تحوطها التلال التي «تخيف العرب اللصوص». أما كتاب الرياضيات للصف الخامس الابتدائي، فيتناول أسلحة الجيش الإسرائيلي وألويته وكتائبه، في عمليات حسابية للجمع والطرح والقسمة. يجدر بالذكر أن منهاج المدارس العربية في فلسطين 1948 مترجم عن منهاج المدارس اليهودية الذي يعتمد حصرياً على الرؤية الصهيونيّة للتاريخ والصراع، على ما أوضح النائب الفلسطيني في الكنيست، جمال زحالقة مرة، في معرض حديث له عما تزرعه في نفوس التلاميذ والطلاب التربية الصهيونية وتلفيقاتها. والبادي أنه ليس هناك مجهود فلسطيني رسمي جدّي في تظهير هذا كله للعالم، وتوظيفه في كشف المزاعم والدعاوى الإسرائيلية عن «الإرهاب» الفلسطيني، وفي مواجهة ما تنشط فيه هيئات ومؤسسات صهيونية عالمية في مراقبة ومتابعة مناهج التعليم الفلسطينية وانتقاداتها لهذه المناهج، كوسائل ضغط على السلطة الوطنيّة، ولمطالباتها بتضمين تعديلات على هذه المناهج، عن السلام والتعايش والتسامح، وغير ذلك من مفاهيم معاكسة لما تحفل به المناهج الإسرائيلية التي تتجرأ على التاريخ، وتتطاول على حقائقه. أما النواب العرب في الكنيست، فتتركز مطالباتهم بأن تتولى الهيئات الوطنيّة العربيّة في الدولة العبريّة وضع برامج التدريس للمدارس العربيّة، ما دام هناك فصل بين المدارس العربية واليهودبة،مما يملي فصلاً في المناهج وبين الهيئات التي تضع هذه المناهج. |
|
|||||||||||||