العدد 27 - اقتصادي | ||||||||||||||
السّجل - خاص في كل عام، يلتحق زهاء ثلاثين ألف خريج جامعي من مختلف التخصصات بصفوف الباحثين عن عمل. وتقدر إحصائية ديوان الخدمة المدنية عدد هؤلاء بنحو 150 ألفاً يشكل الجامعيون منهم 6ر66 بالمئة بواقع 100357 من حملة الشهادات الجامعية. يبلغ معدل البطالة العام، بحسب مسح العمالة والبطالة للعام 2007، ما نسبته 14.3 بالمئة، أما المتعطلون ممن يحملون مؤهل بكالوريوس فتناهز نسبتهم 34 بالمئة من إجمالي المتعطلين؛ 22 بالمئة للذكور ونحو 50 بالمئة للإناث. حالة النمو في الاقتصاد الوطني، وما يترتب عليها من توفر فرص عمل جديدة، تبقى قاصرة عن استيعاب هذا "الجيش" من الخريجين الجدد و"القدامى" الراكنين في قيود ديوان الخدمة المدنية، بسبب "فشل" الجهود المبذولة على مدار السنوات الماضية في تحقيق المواءمة بين متطلبات سوق العمل ومخرجات مؤسسات التعليم العالي." فرحة التخرج واحتفال الخريجين باجتياز مرحلة من مراحل حياتهم، بما تحمله من أعباء مالية، ونفسية، وطموحات وآمال نحو المستقبل، تصطدم بحاجز "البطالة"، ليتقلد جلهم لقب "متعطل" أو "باحث عن عمل" خلال فترة قد تطول أو تقصر، وفقاً لمتقضيات وظروف كل حالة، وهو ما يعود إلى طبيعة التخصص ومدى حاجة السوق له أولا، ومدى توفر المهارات المطلوبة للحصول على "فرص عمل" في الخريج ثانياً، بينما يقفز بعضهم عن هذه المتطلبات إلى الوظيفة من خلال ما اصطلح على تسميته بـ"فيتامين و" أي "الواسطة". أسباب عدم مواءمة مخرجات الجامعات ومتطلبات سوق العمل تعود إلى "الفجوة" بين مؤسسات القطاعين؛ التعليم العالي، وسوق العمل، إذ تصف إحدى الدراسات المتخصصة العلاقة بين الصناعة والجامعات بـ"المؤقتة والمتذبذبة"، وبأنه يشوبها كثير من الشوائب من عدم الثقة، وعدم المعرفة باحتياجات الطرف الآخر وعدم المشاركة والمصارحة، ووجود توقعات غير واقعية لدى الطرفين. اعتبار أن النظرة إلى الخبرة الصناعية أقل من الخبرة الأكاديمية... وقلة أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات الذين لهم علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع الصناعة وعدم اهتمام الكثيرين بعمل أبحاث تخدم الصناعة. وتشخص مهارات خريجي الجامعات بأنها "ضعيفة"، سواء تلك التي يحتاجها القطاع الصناعي أو المهارات اللغوية والحاسوبية والإدارية، على وجه الخصوص، واللازمة لتمكين الخريج من أخذ دور فعال في العمل بعد تخرجه. حالة "الجفاء" بين الطرفين مردها ضعف اهتمام الأكاديميين بالتطورات والمشاكل التي تحدث في الصناعة، وعدم معرفتهم بها، في بعض الأحيان، لا سيما في ظل عدم وجود استراتيجية مشتركة أو مشاريع وطنية شاملة تستطيع الصناعة والجامعات التشارك بها والعمل على تنفيذها. بالمقابل، فإن معظم الخريجين ممن نالوا الدرجة الجامعية الأولى، كان التحاقهم بتخصصاتهم منذ البداية، دون رغبتهم، بل أملته عليهم أسس القبول التي لا ترى معيارا إلا في نتيجة التوجيهي. فأسس القبول الجامعي ما زالت تضرب عرض الحائط برغبة الطالب في التخصص الذي يريد، وتجد من معدل الطالب في الثانوية العامة "التوجيهي" المعيار الوحيد لـ"إيجاد" التخصص الذي يناسب الطالب، ليكون الحظ إلى جانب الطلبة "المتفوقين" فقط، بينما زملاؤهم الآخرون يلتحقون بخياراتهم العشرين أو الثلاثين. وتشكل الثقافة والنظرة المجتمعية للتعليم العالي سببا آخر في عدم تمكن الطالب من الالتحاق بالتخصص الذي يرغب فيه، فأولياء الأمور يريدون تحقيق ما يحلمون به في أن يكون ابنهم طبيبا أو مهندسا أو صيدلانيا أو طبيب أسنان، دون مراعاة إمكانيات أبنائهم الأكاديمية أو رغباتهم، وكذلك القدرات المالية لهم، إذ إن الكلفة الدراسية لبعض التخصصات تفوق قدراتهم. ومن هنا تنطلق الدعوات لإعادة النظر في سياسة القبول ليتم اختيار الطلبة في التخصصات عن طريق اختبارات عامة تجرى لهذه الغاية، باعتبار أن اختيار الطلبة وقبولهم في مؤسسات التعليم العالي يعد الخطوة الأولى في مجال جودة نوعية التعليم العالي. إفساح المجال للشاب للاختيار ممكن من خلال وجود تشريعات مرنة تسمح بحرية انتقال الطلبة إلى التخصصات التي يرغبون بدراستها في ضوء تحصيلهم في المواد ذات العلاقة، والتي تحددها المؤسسة في إطار الحدود الدنيا لمعدلات القبول. وهذا ما ذهبت إليه خلوة "التعليم العالي" أخيرا بمشاركة جميع الجهات المعنية، بأن أسس القبول الحالية يعتريها قصور في تحقيق العدالة، وتكافؤ الفرص، وتلبية رغبات الطلبة وضعف معايير القبول. وقد دعت الخلوة إلى تطوير آلية القبول الموحد بحيث تحقق العدالة وتكافؤ الفرص، والاستجابة لحاجات التنمية وسوق العمل ورغبات الطالب ما أمكن. أرقام ومؤشرات تحمل المؤشرات الرقمية دلالات لابد من دراستها والوصول من خلالها إلى استراتيجيات وخطط قصيرة وطويلة المدى لمعالجة الاختلالات، فبحسب الإحصاءات المنشورة على موقع ديوان الخدمة المدنية، فإن العدد التراكمي لطلبات التوظيف في مخزون الديوان هو 150550 طلبا منها 1168 قدمت بعد الأول من كانون الثاني من العام الماضي. وبلغت نسبة الإناث من العدد التراكمي لطلبات التوظيف 695، بواقع 103912 متقدمة. يوضح الديوان أنه "على مدى سنوات عديدة شكل الجامعيون النسبة الأعلى من طالبي التوظيف حيث بلغت النسبة 6ر66 بالمئة، بواقع 100357 متقدماً، ووصلت نسبة حملة المؤهلات الجامعية العليا 2.87 بالمئة إجمالي الطلبات، و3ر4 بالمئة من إجمالي الجامعيين، بواقع 4319 متقدماً، يتركز معظمها في حملة شهادة الماجستير. بينما شكل حملة الدبلوم المتوسط ما نسبته 34ر33 بالمئة، بواقع 50193 متقدماً. جاء أعلى تراكم لطلبات التوظيف من الجامعيين في إقليم الوسط، بنسبة 53.13 بالمئة، وتوسطت النسبة في إقليم الشمال بنسبة 74ر35 بالمئة، وانخفضت إلى 13ر11 بالمئة في إقليم الجنوب. وكانت أعلى نسبة من الجامعيين في محافظات العاصمة وإربد والزرقاء وبنسبة مئوية مقدارها 30 بالمئة و5ر23 و 115 بالمئة على التوالي. واستحوذ 27 تخصصا على الحصة الكبرى من العدد التراكمي لطلبات التوظيف وبنسبة 62ر60 بالمئة منها: محاسبة و علوم الحاسب الآلي، وحقوق وإدارة أعمال، وشريعة، ودراسات إسلامية، وعلوم مصرفية، ومالية ومادة اللغة العربية وآدابها، واللغة الإنجليزية وآدابها، ومجال/لغة عربية، وأحياء، وجغرافيا، وكيمياء، وتاريخ، وعلم اجتماع، ومجال/لغة إنجليزية، وتربية ابتدائية، وطفل، ورياضيات، ومجال/اجتماعيات + دراسات اجتماعية وصيدلة ومجال/شريعة ودراسات إسلامية. تظهر بيانات الديوان أن أعلى نسبة من المجموع التراكمي لطلبات التوظيف من حملة مؤهل الدبلوم المتوسط كانت تخصصات في التربية الابتدائية والطفل وبنسبة 16ر165 من الإناث بواقع 8111 طلبا. بخصوص التعيينات في العام المنصرم، شكل حملة الشهادات الجامعية ما نسبته 76ر645 من التعيينات، بينما حملة الدبلوم المتوسط 18.8بالمئة. أبرز التخصصات التي حظي خريجوها بفرص تعيين أكبر كانت على مستوى الذكور : التمريض والطب والمحاسبة وإدارة الأعمال وهندسة مدنية وطب أسنان وفيزياء وهندسة مدنية / إنشاءات وهندسة ميكانيكية وعلم الحاسوب. أما على مستوى الإناث فهناك التمريض والمختبرات والتحاليل الطبية والمحاسبة والطب وطب الأسنان وإدارة المستشفيات. ووفقا لدراسة أعدها مشروع المنار حول فرص العمل المتوقعة للأعوام 2008-2009، فإن التخصصات التي تشهد وستشهد إقبالا قويا هي تخصصات التربية الابتدائية، المحاسبة، الهندسة المدنية، الحقوق، معلمو المرحلة الثانوية، الطب، التمريض والقبالة، وتصميم برامج الحاسوب.وبحسب الدراسة ذاتها، فإن سوق العمل وفّر خلال السنوات الأربع الماضية نحو 200 ألف فرصة عمل جديدة إلى جانب فرص العمل الإحلالية التي تقدر بـنحو 27 ألف فرصة عمل سنوية. |
|
|||||||||||||