العدد 27 - ثقافي | ||||||||||||||
مراجعة: روبرت مورتيمر* إن كان عنوان هذا الكتاب يبدو مألوفا، فذلك يعود إلى أن الكتاب – ما عدا الفهرس – مطابق للمجلد 9، العدد الثاني (صيف 2004) من مجلة دراسات شمال إفريقيا. ويمثل شكله بتجليده القماشي، فرصة مرحباً بها من جانب المختصين والمكتبات التي لم تحصل على "المجلة"، وعلى هذه المجموعة المسعفة من المقالات حول أزمة الجزائر السياسية الأخيرة. والمساهمون في هذه الدراسات خبراء عالميون حقيقيون في السياسة والاقتصاد والمجتمع الجزائري، وكثير منهم شارك في مؤتمر في جامعة متشيغان في شهر أيلول 2002. يفتتح عالم الاجتماع من أصل جزائري، لويس مارتينز، المعروف بمفهومه حول "imaginaire dela guerre," "تخيلات الحرب"، مجموعة المقالات، بمقالة حول السؤال الجوهري, "لماذا العنف في الحزائر؟" وبقليل من الاختلاف عن كتاب مبكر له في هذا الموضوع، يعزو مارتينز العنف إلى إيمان ثقافي عميق بالمساواة. يجادل في أن المسلحين الإسلاميين شعروا بالكراهية تجاه الدولة التي تم النظر اليها على أنها "ضالعة في فساد غير منضبط، يولد امتيازات غير مبررة لمجموعة محدودة"(ص 25). التوق للعدالة، الشائع في خطاب فترة حرب جبهة التحرير الوطني الجزائرية، وكذلك في طوباوية الجبهة الإسلامية للإنقاذ"(ص25) يفسر العنف المتطرف الذي ميز الحرب الأهلية الجزائرية. يجادل مارتينز بأن هذا الغضب المتشنج بعد أن استنفذ "نفسه"، فإن التحدي المستقبلي هو في شق طريق "لمصالحة الجزائريين بقادتهم وبأنفسهم"(ص 26). إلى أي حد تبدو مثل هذه المصالحة مجدية لبعض المساهمين الآخرين؟ بالنسبة لويليام كوانت في مساهمته "انتقال الجزائر إلى ماذا؟" فإنها ليست خارج نطاق التساؤل. وهو يستل الأمل من فكرة أن "الديمقراطية القائمة على تعدد الأحزاب، لم تعد مفهوما يبعث على السخرية،" في "الصحافة الحرة الحية" (والتي للأسف، فقدت بعضا من حيويتها منذ العام 2004) وكذلك من خلال وجود إشارات إلى أن الجيش مستعد لعقد اتفاقية ينقلها "إلى الهوامش" (ص86-89). ويعلن كوانت أنه "متفائل بحذر"( ص 91) بما يتعلق بانتقال متدرج إلى الديمقراطية. ومثله أيضا، كليمنت هنري الذي يعبر عن تفاؤله بآفاق ديمقراطية دستورية في الفصل الخاص به. ويرى عز الدين العياشي، في نظرته التعريفية بالحركة الإسلامية، أن هنالك أملا معقولا لعقد اجتماعي جديد بين الإسلاميين والعلمانيين. ومع أن السجل مختلط، فإن الأحداث منذ العام 2002 لم تؤثر حقا على هذه التقييمات. يحتوي القسم الثاني من المجموعة على مقالات ذات فائدة، كتبتها بثينة شيريعة وعبد الباقي بنزيان وكادا القاسم، تناولت جوانب مختلفة للاقتصاد والمجتمع – الجنوسة والتعليم والإصلاح الاقتصادي. وكل منها يحدد الإنجازات ،لكنه يأسف للمعوقات المستمرة في هذه القطاعات. ويعالج القسم الثالث "الشبكات الدولية والقوى الخارجية" قضايا مثل الشتات الجزائري في فرنسا، وعملية برشلونة وقضايا تتعلق بالسياسة الخارجية. ويشدد محمد القاسم ويحيى زبير على إعادة توكيد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لدور الجزائر في الشؤون العالمية. ويشير القاسم إلى أن دبلوماسية بوتفليقة النشطة "قد تكون على حساب التعامل مع القضايا المحلية التي هي في قلب أزمة الجزائر المستمرة"(ص 165)، في حين يستنتج الزبير أن سياسة الرئيس الخارجية النشطة لم تؤد فقط إلى "إنهاء عزلة الجزائر"(ص 180)، بل ساهمت في الاستقرار على المستوى المحلي. وهذان الفصلان يسهمان معا في النقاش الجاري حول دور السياسة الخارجية في النظام السياسي الجزائري. ويضع الجزء الختامي الجزائر في أطار منظور مقارن، ينتهي إلى أن الوضع في الجزائر يقدم مفتاحاً لفهم كثير مما يجري في العالم الإسلامي. ويشتمل الفصل الذي كتبه مارك تسلر على بيانات مسحية تقارن بالبيانات الخاصة بالمغرب ومصر والأردن والمملكة العربية السعودية. ويضع جون إنتليس الحالة الجزائرية في سياق أشمل هو علاقات الدولة بالمجتمع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وبالنظر إلى الجبهة الجزائرية للإنقاذ بوصفها "حركة إسلامية إصلاحية نموذجية" (ص 207)، وإلى النظام الجزائري بوصفه متسقا مع ممارسة واسعة الانتشار للمواجهة" فانها أطلقت شكلا أكثر قوة بكثير للتطرف الإسلامي"(ص 210). ويختم ويليام زارتمان مجموعة المقالات بالمقارنة بين "أزمة الجزائر العاصفة" وبين تجربة دول نامية أخرى بعد أربعين عاما، وهي فكرة خادعة، غير أن المرء يقع تحت إغراء التساؤل عما إذا كانت الأزمة العاصفة لم تبد أقرب إلى الذكرى الخمسين للأول من تشرين الثاني 1954، منها إلى أربعين عاما بعد الاستقلال. إن اندلاع حرب الاستقلال الجزائرية في العام 1954 يمثل لحظة التأسيس للنظام، ويواصل شرح كثير من العناصر الفريدة للنظام السياسي الجزائري (بما في ذلك تخيلات الحرب). بحلول العام 2004، حين انتخب بوتفليقة لولاية ثانية، كانت الجزائر تعيش عامها الخمسين التالي لذلك التاريخ الذي يمثل علامة مهمة، وربما كانت تمضي بعيدا عن أزمتها. وعلى أي حال، فإن المساهمين في هذا الكتاب يقدمون إطارا جيدا لتأملات راهنة حول هذه القضايا. |
|
|||||||||||||