العدد 27 - حريات
 

السجل-خاص

تنفرد المدونات الأردنية الناطقة بالإنجليزية في أنها توفر لقرائها منظورا مختلفا للظواهر الاجتماعية والأحداث السياسية في البلد، لا نجده في صحافتنا اليومية أو حتى في مدونات أخرى ناطقة بالعربية، على الأقل حتى وقت قريب.

لا شك في أن هذه المدونات تجاوزت الكثير من "التابوهات" في وقت مبكر من بداية التدوين في الأردن. وربما كان مرد ذلك إلى أن المدونين الأوائل كانوا أكثر عرضة للأسلوب الغربي في التعاطي مع الأمور من دون قيود، ما منحهم مجالا أوسع للحركة والتعبير.

من الأمثلة الأولى على هذا الطرح، ما جاء في مدونة "ماذا يحدث في الأردن؟" ajloun.blogspot.com التي يديرها "شخص" اختار لنفسه اسم خلف. في 25/9/2005 كتب خلف تحت عنوان "طريقة جديدة لجمع الأموال"، عن خطط حكومية لتغيير لوحات السيارات تبلغ تكلفة تغيير كل لوحة منها ما بين 20-25 ديناراً. يقول في الخاتمة: "حسبما أرى، فإن الحكومة تبحث عن طريقة لتربح 20 مليون دينار بسهولة. فاللوحات يجب ألا تكلف أكثر من دينارين، هذا إذا كانت هناك حاجة في الأصل لاستبدالها."

بدأ التدوين في الأردن عام 2004. ولم يكن ليتم إلا بالإنجليزية ذلك أن أدوات التدوين بالعربية لم تكن قد تطورت بعد. زيد ناصر الكاتب في شؤون التكنولوجيا والإعلام يضيف أن المدونين الأوائل كانوا "مطلعين على المدونات الإنجليزية" التي بدأت منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي. ويعتبر أن الأمر "لا يتعدى قضية الثقافة التي اكتسبها هؤلاء والميل نحو الغرب، إما بسبب دراستهم أو لأنهم أمضوا وقتا في الخارج."

المدونون في الأردن في بداياتهم لم يتجاوزوا العشرة. ربى العاصي، الخبيرة في شؤون المدونات، تقول إن "هؤلاء كتبوا في كل شيء من السياسة إلى تغليف الأجاص إلى طيور البطريق." كان من أبرزهم عصام بايزيدي، نتاشا الطوال تاينز، عمار إبراهيم ونادر شنودي، ومعظمهم من المتخصصين في تقنية المعلومات IT.

ويعتبر عصام بايزيدي أبا المدونات الأردنية. مدونته "أفكار وأشياء أخرى" isam.bayazidi.net كانت أشبه بمذكرات يومية تتحدث عن تجربة عمله في الخارج وعودته إلى عمان، وعن التدخين في عمان والرحلات إلى وادي الموجب. لكن بايزيدي كان يسهب في الحديث عن هذا الشغف الجديد الذي اسمه مدونات. أما نتاشا فبدأت مدونتها "فوضى العقل natashatynes.com كطريقة للتواصل مع أهلها في عمان، إذ تزوجت وعاشت في الولايات المتحدة. لكنها ظلت تتابع المشهد الأردني حتى اليوم فتكتب عن طائفة من المواضيع من حرية الصحافة إلى السياحة في الكرك.

ظل التدوين في تلك الفترة بطيئا. أول موقع لفهرسة هذه المدونات وكان اسمه جوردان بلانيت jordanplanet.com لم يكن يحوي أكثر من عشرة مواقع. لكن بحلول عام 2005 زاد عدد المدونين فوصل 30 ثم 50 ثم 100. كما تنوع المدونون في مهنهم، فلم يقتصروا على تقنية المعلومات. مدونة جميد jameed.net يقوم عليها صيدلاني يتناول مذكراته اليومية وشؤونه الحياتية. رامبلينغ ramblinghal.blogspot.com تقوم عليه صحفية أردنية خصصت الموقع "للتنفيس عن أي غضب أو شكوى." وموقع "الهواء الطلق" linasturmoil.blogspot.com للكاتبة والصحفية لينا عجيلات تتناول فيه تحديدا المشهد الثقافي في الأردن من مسرح وسينما. ومدونة السوسنة السوداء black-iris.com التي يديرها نسيم الطراونة الحاصل على شهادة في العلوم السياسية والدراسات الإدارية. المدونة الأخيرة تتناول الأحداث السياسية في الأردن والظواهر الاجتماعية بالإضافة إلى الشؤون الحياتية اليومية للمدون. مدونة "وراء الأسوار" backtojerusalem.jeeran.com مخصصة للقدس وكل ما يتعلق بها. المدونة تتناول أيضا مواضيع اجتماعية عن المرأة.

كان لافتا في حركة المدونات بالإنجليزية أن اتخذ موقع جوردان بلوغز jordanblogs.net الذي حل محل جوردان بلانيت، قرارا بعدم إدراج مدونتين أردنيتين هما: شؤون أردنية jordanianissues.blogspot.com و أبو شريك abu-shreek.blogspot.com على اعتبار أنهما مدونتان سياسيتان تديرهما شخصيات مجهولة الهوية anonymous. شؤون أردنية يديرها "شخص" اسمه خضر، أما أبو شريك فيعرف عن نفسه بأنه "مجرد وجه ضمن حشد من الناس." هذا الموقع كان جريئا في طرحه السياسي. في 25/5/2006 نشر مقالا بعنوان "الخصخصة" جاء في خاتمته: " أبو شريك يدفع الآن فاتورة المياه في ليما الفرنسية، وفاتورة التلفون في تيليكوم الكويتية، ويركب باصا يديره سلطان بروناي، ويتقدم بطلب الفيزا ليزور العقبة، ويدرك أنه لم يعد بإمكانه أن يشتري باكيت دخان فايسروي."

قرار عدم الإدراج أثر سلبا في حركة التدوين. تقول العاصي: "صارت التحليلات السياسية والاجتماعية أقل عمقا." إلا أن هذه الحالة كانت مؤقتة. فما تزال المدونات مستمرة في طرحها المتميّز للمواضيع.

ما زال موقع شؤون أردنية يعرف نفسه بأنه "محاولة لملء فراغ متعاظم على شبكة المعلوماتية فيما يخص الأردن. هذا الفراغ مرتبط بانعدام التناول الجدي والمتواصل، إلا فيما ندر، لما يجري في الأردن. إن ما أود القيام به هو حالة أخرى على هذا الصعيد، من أجل أن يكون لمواطني الأردن قناة أخرى، على محدوديتها، بعد أن أصبحت القنوات المتاحة تضيق بهم في الداخل والخارج.»

يلاحظ زيد ناصر، «أن المدونات بالإنجليزية ما تزال أقوى من العربية» لكنه يلفت في الوقت نفسه إلى بداية انتشار مميز للمدونات بالعربية، وبخاصة تلك التي يقوم عليها صحفيون مثل ياسر أبو هلالة abuhilaleh.maktoobblog.com وباتر وردم jordanwatch.net ويتوقع ناصر أنه في وقت قصير ومع انتشار المدونات بالعربية سوف تنحسر المدونات بالإنجليزية التي تقدر نسبتها بنحو 50 بالمئة من المدونات الفاعلة والنشطة في الأردن، وقد تنخفض هذه النسبة إلى 30 بالمئة إذا حسبنا المدونات غير الناشطة. هذه المدونات تستقطب قراء يراوحون بين 300 و1000 يوميا.

مدونات إنجليزية اللغة.. أردنية الهوية
 
22-May-2008
 
العدد 27