العدد 27 - احتباس حراري | ||||||||||||||
يعتقد علماء البيئة أن التغيرات المناخية سوف تسبب كوارث إنسانية واضطرابات كبيرة وواسعة في عدد من الدول، وتنشر النزاعات والحروب فيما بينها. ويبين العلماء أن عدم أخذ مشكلة التغير المناخي على محمل الجد وعدم القيام بإجراءات للحد من الظاهرة، سيؤدي إلى عجز الدول المتضررة ومنظمات المساعدة والإغاثة الدولية عن مواجهة تداعياتها الخطيرة. وكان المجلس العلمي لمواجهة المتغيرات البيئية العالمية الألمانية قد نشر دراسة بعنوان (التغيرات المناخية مهدد خطير للأمن والاستقرار العالمي) تبين هذه التداعيات. هنالك نحو 1.1 بليون إنسان في العالم يعانون الآن من شح وندرة مياه الشرب الصحية، كما أن استمرار التغيرات المناخية سيزيد في اضطراب دورات ومعدلات سقوط الأمطار وشح الموارد المائية بشكل خطير، ما يهدد أوضاع هؤلاء السكان. وتوضح الدراسة أن نقص المياه، سواء للري أو الشرب، سوف يؤدي إلى خسائر فادحة في الدول النامية، فتنتشر المجاعات وترتفع أعداد المصابين بسوء التغذية من 850 مليون إنسان حالياً إلى ضعف هذا العدد خلال الأعوام المقبلة. ومن جانب آخر، سوف تؤدي زيادة معدلات سقوط الأمطار الغزيرة وارتفاع منسوب البحار الناتج عن التغير المناخي، إلى تهديد المدن الكبرى في المناطق الصناعية أو قرب السواحل في بعض أجزاء الكرة الأرضية بكوارث مدمرة؛ فبعض مدن الصين على سبيل المثال ستصبح في المستقبل القريب هدفا لفيضانات وأعاصير مروعة. كما أن اضطراب مواسم الأمطار في منطقة حوض نهر الأمازون، بفعل التغيرات المناخية، سيحدث فناءً واسعاً للغابات ويلحق بالمنطقة أضراراً اقتصادية واجتماعية وإنسانية شديدة. وسيترتب على هذه الكوارث الطبيعية بحسب ما تشير إليه الدراسة من تهديد لوجود الدول النامية. كما أن نسبة الهجرات واللجوء ستزداد بنسب غير مسبوقة وستندلع الحروب بسبب الخلافات على توزيع حصص المياه وتقسيم الأراضي الخصبة. وسوف تساهم التغيرات المناخية في تفاقم المعاناة وإشعال المزيد من النزاعات والحروب ونزوح الملايين من القارة الأفريقية غير المستقرة خلال الأعوام المقبلة. وسوف يساهم التغير المناخي خلال أعوام قليلة في زيادة عدد الدول الفقيرة وتحول بعضها إلى مناطق مهجورة تفتقد مقومات العيش الصحي والآمن كافة، كما أن التغيرات المناخية ستنعكس مستقبلا على دول منطقتي الجنوب الأفريقي ودلتا نهر الغانج في آسيا، وتضعفها اقتصاديا وتفقدها شروط الحياة الآمنة، وتجعلها عاجزة عن التصدي بقدراتها لما سيواجهها من مشكلات. في المستقبل القريب ستصبح التغيرات المناخية هي السبب الرئيسي للنزاعات بين الدول الفقيرة المتضررة والدول الصناعية المتقدمة. وستسفر هذه النزاعات عن تأسيس نظام دولي جديد له بنية جغرافية وسياسية مختلفة عما هو سائد في العالم اليوم، إذ سيفرض على دول صناعية كبرى الدفاع عن نفسها باستمرار، بسبب الاتهامات المتكررة التي ستوجه إليها بتدمير البيئة العالمية والإضرار بحياة ملايين البشر. ورغم كل هذه السوداوية فإن الدراسة تؤكد أن هنالك فرصة حقيقية للتصدي للتغيرات المناخية إذا ما تعاملت الدول والمنظمات العالمية معها بشكل جماعي وتصدت لتداعياتها على أنها خطر يهدد البشرية أجمع. وتقترح الدراسة تأسيس منظمة دولية مستقلة لحماية البيئة وتعديل السياسات البيئية الحالية للحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون والغازات الصناعية حتى عام 2050 بنسبة 50بالمئة مما كان عليه عام 1990. كما تقترح الدراسة إنشاء نظام دولي للإنذار المبكر من الكوارث الطبيعية وتطوير آليات جديدة للتعامل معها، وسن اتفاقية دولية للتعامل مع موجات الهجرة واللجوء في مناطق هذه الكوارث. ** .. وتهدد حياة الكوالا حياة حيوان الكوالا مهدد، بسبب زيادة نسب أكسيد الكربون في الأجواء التي تؤثر بشكل مباشر على الغذاء الذي يتناوله، بحسب ما أفاد العلماء مؤخراً. ويتغذى حيوان الكوالا على أوراق أشجار الكينا (اليوكالبتوس) حيث تمثل بالنسبة له الوجبة الرئيسية. وبين الباحث، أيان هيوم، من جامعة سيدني، أن هذه النباتات تتأثر بالتغير المناخي، وهو ما سيجعل حيوان الكوالا غير قادر على تناولها. يقول هيوم: إن مقدار السمية في الوجبة الرئيسية لهذه الحيوانات زادت كثيراً في الآونة الأخيرة بسبب انبعاث الغازات الدفيئة، ولهذا السبب يبدو أن حياة الكوالا ستكون صعبة للغاية. وتوصل هيوم إلى نتيجة مؤداها أن أكسيد الكربون في أوراق هذا النبات قد أثر على التوازن في نسبة المغذيات التي تحتويها، وتساعد الكوالا على النمو والاستمرار في العيش. وهو يرى أن زيادة نسبة أكسيد الكربون في هذه النبتة تجعلها غير مفيدة على الإطلاق بالنسبة للكوالا. بل تجعلها من المواد السامة التي قد تهدد حياتها. ويوضح أن شجر الكينا يحتوي على نسبة عالية من البروتين، ولكن زيادة نسبة أكسيد الكربون تجعل النبتة تنتج مادة سامة تدعى تانينز، التي تمنع الكوالا من هضم البروتين. ويتوقع أن تؤثر زيادة نسبة أكسيد الكربون في الأجواء على بقاء الكوالا وتقرر مصيرها خلال الـ 50 سنة القادمة. يقول هيوم: "هنالك 600 نوع لنبتة الكينا، ولن تتمكن الكوالا أن تتغذى سوى على 25 نوعاً منها فقط، الأمر الذي يهدد حياتها بشكل خطير. ويبين هيوم أن الكوالا تضع مولوداً واحداً كل عام في الظروف الطبيعية، ولكن نقص المواد المغذية سوف يجعلها تضع مولوداً واحداً فقط كل أربعة أعوام ما يعني انقراضها بعد حين. ومن جهة أخرى يبين العالم هيو تيندال بايسكو أن ما خرج به هيوم من نتائج قد لا تكون صحيحة 100 في المئة، مبيناً أن أوراق شجر الكينا لا تحتوي على قيم غذائية كبيرة وأن الكوالا تأقلمت مع هذا التغيير من خلال الحصول على ساعات نوم أكثر لمواجهة النقص في الغذاء، وتوفير الطاقة في أجسامها. يقول بايسكو "تنام الكوالا 20 ساعة في اليوم ولا يتبقى لديها سوى 4 ساعات لفعل ما تريده، فهي تأكل الأوراق، وقد تبحث عن شريك لأجل التكاثر. ويبين تيندال أن الكوالا اختفت بالفعل من بعض المناطق في استراليا، ولكنها ما تزال تحافظ على أعدادها الوفيرة في مناطق أخرى، الأمر الذي يجعل انقراضها بسبب التغير المناخي أمراً مستحيلاً، فهي غيرت مكان عيشها بسبب الزحف العمراني وإقامة المزارع الخاصة. |
|
|||||||||||||