العدد 4 - ثقافي | ||||||||||||||
لعل الزميلة رندا حبيب أول أردنية-عربية تكتب مؤلفاً عالمياً بلغة أجنبية عن القيادة الأردنية والعواصف التي اجتازتها في منطقة مضطربة مروراً بانتقال السلطة من الأب القائد إلى الابن القادم من المؤسسة العسكرية. في “الحسين: الأب والابن” HUSSEIN PÈRE ET FILS الذي صدر قبل يومين عن دار “لرشيبال” L’ Archipel الباريسية العريقة، تسلّط السيدة حبيب الضوء بأثر رجعي ( flash back) على حياة الملك الراحل من نقطة الرحيل في شتاء 1999. من ذلك المفصل يتخذ السرد مسربين: إضاءة استعادية لحكم الملك الراحل والأردن في ظل العهد الجديد. عبر فضاءات 240 صفحة من القطع الكبير، تبحر الصحفية/الكاتبة مع القارئ في تفاصيل مشهد حكم الملك الراحل كلاعب أساسي في الشرق الأوسط عاصر رؤساء مصر جمال عبد الناصر (1954 - 1971)، العراق صدّام حسين (1979 - 2003) وسورية حافظ الأسد (1970 - 2000) كما تعاقبت عليه إدارات أميركية بدءاً بدوايت أيزنهاور وحتى بيل كلينتون إضافة إلى حكومات إسرائيل. في طيّات فصل إسرائيل، خفايا عن علاقة الملك الراحل بزعماء إسرائيل لا سيما رئيس الوزراء اسحق رابين الذي قتله متطرف يهودي في خريف 1995. الشعور السائد خلال جنازة رابين التي شارك بها الملك، كان كم خسر العالم في رجل وقع معاهدة سلام؟ بعد ذلك التاريخ بأربع سنوات، هبّ قادة العالم إلى عمّان لوداع ملك عاصر أعاصير النصف الثاني من القرن العشرين. اختزل ذلك المشهد حجم التقدير والاحترام لملك قاد شعبه إلى بر الأمان. في الكتاب تفاصيل دقيقة عن سنوات الحسين الأخيرة في الحكم بدءاً بمرضه المباغت مروراً بقراره الحاسم في نقل ولاية العهد من شقيقه الأمير الحسن إلى نجله الأكبر عبد الله. تستذكر المؤلفة كيف أن فكرة نقل ولاية العهد راودت الحسين أول مرّة عام 1992 عقب عودته من عملية استئصال ورم في كليته وحالبه الأيسر في مايو كلينيك (الولايات المتحدة). ترتكز السيدة حبيب في استقصاء المعلومات إلى مشاهدات حيّة، لقاءات اجتماعية ومقابلات صحفية مع الملك الراحل ونجله الملك عبد الله الثاني. كذلك تعتمد على مئات المقابلات الشخصية والرسمية مع سياسيين أردنيين وعرب فضلا عن دبلوماسيين أجانب. تفرد المؤلفة فصول الكتاب لتسليط الضوء على علاقة الحسين بالقضية الفلسطينية والراحل ياسر عرفات، وأيضاً مع القيادات السورية والعراقية والعديد من دول وقضايا المنطقة. وثمّة فصلان عن انتقال ولاية العهد وتفاصيل كتابة آخر رسالة إلى شقيقه الحسن بن طلال. ثم تأتي المرحلة الجديدة واليمين الدستورية التي أدّاها عبد الله الثاني- رابع ملوك الأردن- ليفتح صفحة جديدة في حياة مملكة تتأرجح على حافة بؤر اشتعال من بغداد إلى غزّة. في هذا الفصل تنقل المؤلفة آليات بناء مداميك جديدة في إدارة الحكم المحلي والسياسة الخارجية. فكرة السيرة تستذكر المؤلفة كيف نبعت فكرة الكتاب بالتناغم مع أفكار العاهل الراحل. ففي الأشهر الأخيرة التي سبقت مرضه، وبالتحديد عام 1997 أبدى الحسين موافقته على فكرة كتابة سيرة عن حياته بقلم المؤلفة التي قابلته عدة مرات. مذ ذاك راكمت الصحفية مئات الوثائق والمقابلات والمعطيات وقوداً لأول مطبوعة باللغة الفرنسية على الأرجح عن حياة الملك الراحل ونجله. وتخطّط دار النشر، التي أصدرت 20 ألف نسخة في الطبعة الأولى، لترجمة “الحسين: الأب والابن” إلى العربية والانكليزية. من المقرر أن تشارك الزميلة في توقيع الكتاب في باريس. قدّم للكتاب المحلل السياسي أنطوان صفير، الخبير في شؤون الشرق الأوسط. صفير اللبناني الأصل يشكّل مرجعية في قضايا المنطقة، وهو يدرّس العلوم السياسية في جامعة السوربون. تعود أول مقابلة صحفية مع الملك إلى أواخر سبعينيات العقد الماضي حين كانت السيدة حبيب طالبة سنة ثانية علوم سياسية وإدارية في الجامعة اليسوعية. في ذلك الوقت جاءت الطالبة الطموحة إلى عمان وقابلت رأس الدولة لصالح مجلة «الأسبوع العربي» الناطقة بالفرنسية. منذ ذلك الحين ارتبطت الطالبة الشابة وجدانيا بالأردن الذي ستستقر فيه بدءاً من عام 1980 حين عملت في وكالة الصحافة الفرنسية. بعد ذلك بسبع سنوات تولت السيدة حبيب إدارة مكتب الوكالة في عمّان فضلا عن مراسلة إذاعة مونتي كارلو. إلى جانب انخراطها في مهنة المتاعب، بنت السيدة حبيب أسرة صغيرة مع قرينها رجل الأعمال الأردني عدنان غرايبة إلى جانب نجليهما سيف ويارا. واختيرت أخيراً أحد خمسة أعضاء مؤسسين لمؤسسة وكالة الصحافة الفرنسية متعددة الأغراض AFP Foundation . وهي تحمل منذ عام 2002 وسام الاستحقاق الفرنسي بدرجة فارس. |
|
|||||||||||||