العدد 26 - أردني | ||||||||||||||
سوسن زايدة منذ زمن غير بعيد، لم تعد الإعلانات الإغراء الوحيد لكسب ود الصحافة، فقد تبعتها الهدايا والمناسف والإعفاء من ضريبة المبيعات. وأخيراً، أضيفت إلى هذه القائمة من الإغراءات ميزة شطب مخالفات السير. وقد لاحظت «السّجل» أن لبعض الصحفيين القدرة على شطب مخالفات سير ارتكبت، وذلك من خلال اتصال هاتفي يجريه الصحفي أو رجل الإعلام بمديرية الأمن العام، وبالمكتب الإعلامي في المديرية تحديداً. يصعب تحديد تاريخ معين بدأت فيه ظاهرة شطب المكتب الإعلامي بمديرية الأمن العام لمخالفات سير الصحفيين. لكنها ظهرت علناً قبل شهور خلال مؤتمر صحفي عقده مدير دائرة الترخيص، يوسف بشر الصقور، في إدارة ترخيص السواقين والمركبات. وفي نهاية المؤتمر المشار إليه وقف المدير السابق للمكتب الإعلامي، بشير الدعجة، وهتف قائلاً: "من يحمل مخالفات سير فليعطني إياها". وسرعان ما اصطف طابور طويل من الصحفيين وفي أيديهم الأوراق المميزة للمخالفات ذات اللون الزهري. وقد كانت المخالفات التي يفترض أنها وجدت "صدفة" مع الصحفيين من الكثرة بحيث أكدت علم الصحفيين المسبق بالطلب الذي أعلنه المدير السابق للمكتب الإعلامي في المديرية. المكتب الإعلامي في مديرية الأمن العام، بحسب مديره، محمد الخطيب، هو حلقة الوصل بين الجسم الإعلامي والمديرية. «إذا ارتكب إعلامي أو صحفي ما مخالفة سير معينة، وعنده اعتراض أو شكوى ضدها، فنحن، ومن باب التسهيل على الصحفيين والإعلاميين، نطلب منه أن يحضر ومعه مخالفته، ليقدم شكوى بالمخالفة. فنكتب إلى إدارة السير أو الدوريات الخارجية المعنية للنظر في هذه المخالفة، ونجري عليها الإجراءات كما تجري على سائر المواطنين» يقول الخطيب. «وبهدف تسهيل عمل الصحفيين، فإننا نحن، كمكتب إعلامي، نكتب إلى الجهة المعنية حول الشكوى للتحقق من مدى مصداقيتها، ونتحقق مما إذا كان هنالك ظلم وقع عليه أو أن له اعتراضاً معيناً، ومن ثم يقوم مدير السير ومدير الدوريات بدورهما بتحويلها إلى مكتب الشكاوى للتحقيق فيها»، يوضح الخطيب. عدد من الصحفيين، بمن فيهم عضو في مجلس نقابة الصحفيين، سألوا عن علمهم بقيام المكتب الإعلامي في مديرية الأمن بشطب مخالفات سير من الدرجة الثانية وأعلى بناء على اتصالات مع صحفيين. تنوعت الأجوبة بين الإيجاب والنفي، أما من يعلمون بذلك فرفضوا التصريح، كما رفضوا ذكر أسمائهم. نقيب الصحفيين الأردنيين، ورئيس تحرير صحيفة «الرأي»، عبدالوهاب الزغيلات، قال: «إذا كان هنالك تساهل، فهو من الأمن العام الذي يفترض أن يتعامل مع الناس بالسوية نفسها». ويرى الزغيلات أن شطب مخالفات سير الصحفيين، «ليست ظاهرة ممنهجة، بل هي حالات فردية جاءت في سياق الواسطة الموجودة في مجتمعنا». ممارسات بعض الصحفيين التي تعد انتهاكاً لأخلاقيات المهنة، مثل: قبول الهدايا والولائم واستغلال مهنتهم في الحصول على المزايا و«الواسطة» و«التسهيلات» في الإجراءات الحكومية، وحتى الابتزاز للحصول على الإعلانات، قد تصل في بعض الأحيان إلى خرق القانون، أو دفع الآخرين لخرق القانون، مثل شطب مخالفات السير. من هنا تأتي مطالبات البعض من داخل الجسم الصحفي وخارجه بضرورة إيجاد «مدونة سلوك» تتبناها المؤسسات الإعلامية والنقابة، أو أي جهة أخرى من داخل الجسم الصحفي تنظم العلاقة بين الصحافة وأجهزة الإعلام وبين الجهات الرسمية وغير الرسمية. وفي حين تتبنى نقابة الصحفيين ميثاق شرف مهني يؤدي مهمة قوانين الإعلام نفسها؛، المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع، وهي مهمة تتمثل في «ضبط» أو «تقييد» المضمون الإعلامي، فإن النقابة، وأية مؤسسة إعلامية أخرى، تفتقد مدونة سلوك مهني لأعضائها. النقيب عبد الوهاب الزغيلات، أبدى رأياً مماثلاً، فهو رأى أن هنالك ضرورة «للقاء مع الصحفيين الأعضاء في النقابة لمناقشة مسألة وضع مدونة للسلوك خاصة بالصحفيين»، وحتى ذلك الحين، سيبقى في مقدور بعض الصحفيين شطب مخالفات لهم، وربما لأقاربهم وأصدقائهم. |
|
|||||||||||||