العدد 26 - زووم | ||||||||||||||
خالد ابو الخير يتعين أن نخوض في الليل لنهتدي إلى درب سلكه أوائل إلى ستين عاماً من التيه. أن نقشر العتمة، ونقرأ في وجوههم، تماماً كما نقرأ في بقايا هولوكست، إشارات غامضة لأناس بوغتوا بالرصاص والشظايا والمجازر والنكبات ونزيف الهزائم. أن نسترشد بالليل، ومن استرشد بليل، صار أخاً للحلكة وطغيان الأسود الذي تتراجع سطوته أمام باقي الألوان. .. حين تحدق في الصور، وتذهب إلى حيث انحناءات الغياب، سيصدمك أن تصحو على ما حفظه الأسود والأبيض من بقايا نهار، ينزوي في أعطافه لاجئون طازجون كبرتقال يافا الذي قطف للتو. وكما يبعد برتقال يافا، وحيفا، واللد، والرملة، وباقي المدن والقرى والبلدات، تبعد المسافة بيننا وبين أطفال على باب خيمة، جلسوا تحت شمس اللجوء، غير أن الصورة لا تظهر شمساً، ولا ما يحزنون! ستستوقفك مثلما استوقaفتنا صورة المرأة الراكعة أمام بيتها السليب، تناجيه وتشد اليد على اطفال بحضنها خشية أن يندفعوا إلى أسلاك شائكة تدمي المسافة بينهما، وتغرز براثنها في المسافات التي توالدت عبثاً مسافات أخرى. الريح التي تلعب في المدى ترشح إلى حقل زيتون وسيارة راكعة أبت أن تغادر. تركها لاجئون يوسعون الخطى إلى مجهول حاملين ما أمكنهم من متاع :هل لحظت أن الريح ما تزال تلعب في تلك الأرجاء. على كيس خيش أرخى ثمانيني رأسه، تحنو عليه حفيدته. ما يدعو لتساؤل: أين سنجد كيس خيش نريح عليه غيابنا؟. لكن الطفلة التي تسير في الوحل حاملة بعض ما اقتنصته من طعام، من بعض هبات وكالة الغوث، تظل رجلاها تنغرز في طين أيامنا.. وخطاها الثقيلة تقودها، مثلما تقودنا، الى مصير ما زال مجهولاً. ما جرى في الخامس عشر من أيار/ مايو قبل ستين عاماً.. حاضر اليوم. ولا شيء يقدر أن يمنعه من الحضور في غد، بالأسود أيضا. وغدا لناظره قريب. |
|
|||||||||||||