العدد 26 - اقليمي | ||||||||||||||
عبدالسلام حسن القدس - بالتزامن مع الذكرى الستين لقيامها تعيش الدولة العبرية أجواء فضيحة فساد مدوية، قد تطيح برئيس حكومتها، أيهود أولمرت، الذي استطاع النجاة بجلده من تداعيات حربه على لبنان ومن ثلاث قضايا فساد سابقة. القضية التي تكشفت فجأة، تطورت بشكل درامتيكي في الحلبة السياسية الإسرائيلية بيمينها ويسارها، ووصلت حد تدارس السيناريوهات المحتملة لمرحلة ما بعد أولمرت اذا ما أخلى موقعه. وكانت الوحدة القطرية في الشرطة المكلفة بالتحقيق في الاحتيال استجوبت أولمرت في منزله قبل أسبوعين، وفرضت الشرطة حظراً على نشر أية تفاصيل في البداية، لكن خيوطا للقضية أظهرت تورط أولمرت في فضيحة جديدة تتعلق بتلقيه منحاً مالية بمئات آلاف الدولارت من المليونير اليهودي، الأميركي موريس تالانسكي، الأمر الذي نفاه أولمرت بالقول إن الأموال "هدفها فقط دعمه في الانتخابات، وليس هناك اي شيء غير قانوني في ذلك". يشار الى ان هذا التحقيق هو الخامس الذي يتعرض له منذ توليه منصبه كرئيس للحكومة في العام 2006. وكشفت صحيفة "معاريف" عدد الأحد الماضي أن المحامي أوري ميسر، صديق أولمرت وشريكه سابقا في مكتب محاماة، اعترف اثناء التحقيق معه في الشرطة بأنه سلم رئيس الحكومة مغلفاً مليئا بالمال. وأدلى ميسر بمعلومات عديدة خلال التحقيق، تتعلق بتمرير أموال تبرعات لتمويل حملات انتخابية خاضها أولمرت، واعترف بأنه تم تسليم الأموال نقدا وبمغلفات. ونقلت "نيويورك بوست" الأميركية عن مصادر إسرائيلية القول: " هذه المرة يبدو الأمر أكثر جدية، وقد يستغرق الأمر أياما أو أسابيع أو أشهر لكن أولمرت في النهاية قد لا يتمكن من الاستمرار كرئيس للوزراء". وقال عضو الكنيست احمد الطيبي ان "القضية التي يواجهها رئيس الحكومة الإسرائيلية هي الأخطر من بين القضايا التي واجهها"، لافتا الى ان التسريبات والمؤشرات من المحققين تظهر النية لتقديم لائحة اتهام بحقه. ويدير أولمرت ائتلافا حكوميا بـ64 مقعدا في الكنيست بعد انسحاب حزب "إسرائيل بيتنا"، بقيادة ليبرمان، على خلفية المفاوضات مع الفلسطينيين. كما خسر مؤخرا 3 مقاعد اخرى من حزب المتقاعدين بهدف التحالف مع حزب المليونير الروسي اركادي غايدماك. وقال أولمرت في خطاب متلفز وجهه للإسرائيليين في ذكرى قيام دولتهم مساء الخميس ، إنه سوف يبادر الى تقديم استقالته فقط اذا تقرر توجيه لائحة اتهام ضده. وأكد أنه لن يقاوم من أجل البقاء في مكتبه اذا ما وجهت له تهمة رسمية. وجاء إعلان أولمرت هذا في وقت تعالت فيه أصوات مناديه برحيله نظراً لضلوعه بعدد كبير من قضايا الفساد. وقال عضو الكنيست أرييه الداد من حزب الاتحاد الوطني المتطرف:"مشاكل أولمرت تحرف اهتمامه عن ادارة شؤون البلد، ودولة مثل إسرائيل تواجه تهديدات خارجية تحتاج لرئيس حكومة متفرغ". اما عضو الكنيست شيلي ياكيموفتش من حزب العمل الشريك الرئيسي في الائتلاف الحكومي فقالت: حزب العمل لن يستطيع البقاء في هذا الائتلاف مع رئيس حكومة ضالع في هذا العدد الكبير من قضايا الفساد. يشار الى ان حزب العمل إذا ما أقدم على الخروج، فإن حكومة أولمرت ستسقط تمهيدا لانتخابات مبكرة قبل موعدها المفترض في العام 2010. ومع التطورات في التحقيقات الجارية مع أولمرت بدا عدد من المسؤولين في "كاديما" بمناقشة مستقبل الحزب. وارتفعت أصوات في داخل الحزب" مطالبة باستقالة أولمرت قبل أن ينهار الحزب، واستبداله بمرشح آخر. ونقل عن أحد كبار المسؤولين في الحزب أن الذهاب نحو الانتخابات مع أولمرت هو بمثابة انتحار. وتبرز وزيرة الخارجية تسيبي ليفني المرشح الأوفر حظا لخلافته. غير أن وزير المواصلات شاؤون موفاز ووزير الداخلية مئير شطريت، أعلنا وعلى الملأ أن "الطريقة الوحيدة لانتخاب رئيس الحزب هي من خلال الانتخابات التمهيدية، ولا يوجد خيار آخر". وقال الاثنان إنهما معنيان أن يقرر 60 ألف منتسب في حزب " كديما" خليفة أولمرت، وليس عدد من القادة فقط. على الجانب الفلسطيني تسود حالة من الترقب لما يمكن أن يترتب على المتغيرات الحاصلة في إسرائيل على مستقبل المفاوضات الجارية منذ ستة أشهر، لا سيما إذا تمت الدعوة لانتخابات مبكرة، احتمالات صعود الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو الى سدة الحكم. ورغم لزوم الحذر تجاه التطورات الحاصة في إسرائيل إلا أن رئيس الوفد الفلسطيني الى مفاوضات الوضع النهائي أحمد قريع وفي كلمة له في رام الله يوم السبت الماضي عن خشيته من أن تحقيقا جنائياً يجرى مع رئيس الحكومة الإسرائيلية قد يضر بفرص التوصل لاتفاق بشأن إقامة دولة فلسطينية هذا العام. اما رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات، فقال إن أي اتفاق سلام مع إسرائيل سيؤجل اذا أرغم أولمرت على الاستقالة واجراء انتخابات عامة في إسرائيل. أما اذا تولت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني زمام الأمر فستظل الامور في مجراها. بدورهم وجه قادة إسرائيليون بضمنهم أولمرت، رسائل الى السلطة الفلسطينية وسورية لطمأنتهما بأن عملية السلام لن تتأثر بما يجري في إسرائيل. وقالوا ان الاتصالات والمفاوضات ستستمر من دون أي تغيير. وقال أولمرت أمام حفل ضم سفراء وممثلي 80 دولة لمناسبة مرور 60 عاما على قيام إسرائيل إنه "يريد وسيكون القائد الإسرائيلي الذي يجلب السلام مع الفلسطينيين ومع سورية". ولمح إلى أن التحقيقات ضده تفجرت على خلفية مبادرته لإحداث اختراق في عملية السلام بهدف صرفه عن هذه الطريق". وفي السياق ذاته تنشر جهات في اليمين مخاوف من لجوء أولمرت "مع تقدم التحقيق معه الى تقديم تنازلات للفلسطينيين والتفريط بأراضي دولة إسرائيل". |
|
|||||||||||||