العدد 4 - استهلاكي
 

بعد أسابيع من إقامة سلسلة أسواق “موازية” للخضراوات والفواكة لإنقاذ المستهلك من أسعار فلكية عصرت محفظة الفقراء، عاد “حيتان السوق” ليفرضوا أجندتهم من جديد على بورصة الأسعار وبالتالي أخذت بالارتفاع التدريجي وسط عوامل موازية مثل انخفاض الانتاج بين موسمي الصيف والشتاء، على ما يرى مزارعون، بائعو بسطات ومستهلكون.

حكومة معروف البخيت، التي استقالت عقب الانتخابات النيابية، كانت وضعت يدها على بعض الجرح حين نصبت أسواقا موازية تقوم على مبدأ البيع المباشر دون تدخل الوسطاء، الذين يتهمهم المزارعون والمستهلكون بمضاعفة أسعار المنتج.

حين انتشرت 13 سوقا في الأحياء الشعبية خلال رمضان الفائت انخفضت أسعار الخضار فيها إلى ما معدله %60-50 من السعر مقارنة مع الأسواق التقليدية. على أن هذه النسبة اتسعت إلى %30-20، بحسب مراقبين اعتبروا أن المقصد من إنشائها يأخذ بالتراجع.

ووجد العمانيون في هذه التجربة منقذا من الاسعار المرتفعة لمكون اساسي على موائدهم، وبدأ ارباب وربات البيوت منذ استحداث هذه الفكرة في رمضان بالتوجه لهذه الاسواق للحصول على منتج لا يثقل كاهلهم. وانتشر في العاصمة عمان 13 سوقا موازيا فيما كشف رئيس الاتحاد العام للمزارعين الاردنيين أحمد موسى الفاعور عن نية الاتحاد الذي أوكلت اليه مهمة ادارة هذه الاسواق عن نيته فتح اربع اسواق اخرى في عمان وتعميم الفكرة على باقي المحافظات.

“السّجل” جالت في عدة أسواق شعبية من صويلح إلى ماركا الشمالية لترصد ارتفاعا تدريجيا في الأسعار، أرجعه باعة إلى ارتفاع كلف التشغيل في الموسم المطري. يقول علي، أحد الباعة، أن ارتفاع الأسعار يعود إلى “انخفاض تدفق المنتج من المزارعين في الشتاء وتجهيز بسطات البيع بواقيات مطر تكّلف 300 دينار أجرة شهرية لكل بسطة”.

من المنتج مباشرة إلى المستهلك.. مبدأ اقتصادي غاب طويلا عن لوجستيات انتاج وبيع الخضار والفواكه بعد أن تغوّل الوسطاء لعقود ما كوّن عدّة حلقات وسيطة أدت إلى تحليق أسعار الخضار والفواكه في الأردن.

ولكن هذا المبدأ يتسلل تدريجيا الى الأسواق الموازية التي يؤكد مسؤولون حكوميون نجاحها ويصر مستهلكون وبائعون على انها بدأت تصطدم بعقبات يتصدرها بدء الموسم المطري. ومع بدء موسم الشتاء، تواجه هذه الاسواق التي اسستها أمانة عمان الكبرى في عدد من الاراضي المكشوفة مشكلة انهمار الأمطار. ولحل المشكلة، قام الاتحاد بتغطية الاسواق باستخدام “الشوادر” التي تغطي كلفة استئجارها أمانة عمان الكبرى فيما ادعى بائعون أنهم يدفعون ايجاراً شهريا لهذه الأغطية ما زاد الكلف عليهم.

غير أن هذه الاسواق ما تزال تعاني من مشكلة انعدام النظافة وعدم وجود أماكن اصطفاف السيارات وعدم وجود انارة ليلية، بحسب مواطنين. واشتكى عدد من البائعين ان التجار الكبار او ما يطلق عليهم مصطلح “الحيتان” قاموا بعرض منتجاتهم في هذه الاسواق. واكد بعض البائعين بأن هؤلاء “يضاربون” عليهم لتمكنهم من بيع منتجاتهم بأسعار أدنى نظرا لقدرتهم على شراء كميات كبرى من الخضار “الجملة” وتوزيعها على عدة بسطات لهم تنتشر في عدة مناطق من العاصمة.

وكانت امانة عمان اعلنت انها لن تستوفي اي ايجار من البائعين رغبة في تخفيض الكلف، الا أن “السّجل” رصدت أن عدة بائعين يمتلكون عدة بسطات ومحال تجارية اخرى استغلوا الفرصة ليستفيدوا من هذه الاسواق في عرض منتجات رديئة وذات صنف ثالث أو رابع.

أحد التجار الذي قال ان اسمه “ابو علي” قال أن لديه خمس بسطات في أسواق شعبية مختلفة في العاصمة، مؤكدا بأنه يشتري كميات كبيرة تساعده في تقليل هامش ربحه.

واعترف أبو علي بأنه يعرض بضاعة ذات جودة قليلة من أجل تخفيض “صوري” للسعر، مبينا أن الزبائن لا يشتكون من هذا الأمر.

الا ان ام فتحي التي كانت منهمكة في شراء البطاطا اكدت بأن اسعار الخضارما تزال معقولة في هذه الأسواق. وبلغ سعر كيلو البطاطا في سوق صويلح الموازي 40 قرشا، فيما تجاوز سعر الكيلو 60 قرشا خارج هذه الأسواق.

ويرد الفاعور ارتفاع الأسعار مؤخرا الى عوامل العرض والطلب وشح بعض انواع الخضار نظرا لتعذر قطفها في الموسم الماطر، فضلا عن انتعاش التصدير.

وتشير الأرقام الرسمية الى أن صادرات الأردن من الخضار ارتفعت خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي بنسبة %75 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، لتصل إلى 189 مليون دينار، لتستأثر سورية والعراق والإمارات العربية المتحدة بغالبية الصادرات من الخضار.

ويقوم الاتحاد بدراسة تهدف الى تأسيس شركة مع أمانة عمان الكبرى تكون مهمتها توريد الخضار من المزارع الى هذه الاسواق، بحسب الفاعور، فضلا عن استيراد تلك التي تشح في الاسواق الاردنية من اسواق مجاورة في سورية ولبنان.

وقال: “ادارة الأسواق مهمة صعبة وهي تجربة في طور التأسيس يلزمها تطوير لضمان نجاحها”، مبينا بأن الاتحاد يقوم حاليا بصياغة نظام يحكم عمل الأسواق ويضمن تحقيق الاهداف التي اسست لأجلها. واضاف: “نطلب من الناس والصحافة عدم الاستعجال في الحكم على هذه التجربة”.

المزارعون، خاصة الصغار ما يزال حقهم “مهضوماً” في ظل جميع هذه المعادلات. ويؤكد الفاعور بأن المزارعين ما يزالون يعانون من ارتفاع كلف الانتاج التي زادت بحسب الاتحاد الى %300 مؤخرا.

وأشار إلى ان المزارعين لم يستفيدوا من ارتفاع الأسعار في ظل هيمنة السماسرة وبائعي التجزئة على معظم الربح، فيما يؤكد رئيس الاتحاد ان المزارعين سيستفيدون وسيلمسون تحسنا في مداخيلهم عند تأسيس الشركة التي ستورد الخضار منهم وستخفف عنهم كلف النقل والتعبئة.

"الحيتان" تتسلل إلى الأسواق الموازية – علا الفرواتي
 
29-Nov-2007
 
العدد 4