العدد 26 - احتباس حراري
 

شهدت الأرض خلال الأعوام الماضية‘ زيادة في الكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية التي سببها الإنسان بحرقه الفحم والخشب والنفط والغاز وغيرها، ما ينشأ عنه إطلاق كميات كبيرة جدا من المركبات الكيميائية السامة إلى الأجواء، مثل ثاني أكسيد الكربون، وأول أكسيد الكربون، وأكاسيد النيتروجين، وأكاسيد الكبريت، وجميع هذه الغازات ثقيلة لذا فإنها تبقى في النطاق السفلي للغلاف الغازي للأرض.

ويبين العلماء أن نسبة ثاني أكسيد الكربون وصلت إلى نحو 385 جزءا في المليون، فيما يجب أن تكون نسبتها 250 جزءا في المليون؛ أي أن الزيادة تمت بنسبة 52 % عن الحد الطبيعي، ما جعل الجو يتحول إلى «سم».

وتعتبر الولايات المتحدة على رأس الدول الصناعية الكبرى في زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو، رغم ذلك فإنها رفضت التوقيع على كل اتفاقيات المحافظة على البيئة.

ويعتبر غاز ثاني أكسيد الكربون من الغازات السامة التي تشكل خطورة على الكائنات الحية، فهو يبقى قرب سطح الأرض ما يمنع انتشار الحرارة ويمتص الأشعة تحت الحمراء ويمنع تشتتها من سطح الأرض، وهو ما يؤدي إلى رفع درجات الحرارة وبروز ظاهرة الاحتباس الحراري، وثقب طبقة الأوزون.

وأدت هذه الظاهرة إلى ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة حول العالم، وارتفعت درجات الحرارة بمعدل تراوح بين درجة إلى ثلاث درجات في آخر خمس سنوات، ما أدى إلى تسارع انصهار الجليد في القطبين. وتبين الدراسات أن الممر الشمالي الغربي من القطب الشمالي فتح تماما من جراء ذوبان مياه البحر.

وتشير دراسات أخرى إلى أن الجليد يذوب بواقع مليون كيلومتر مربع، ما يؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات الذي يتسبب في إغراق أغلب الجزر والمناطق الشاطئية التي تضم أراضي زراعية ومناطق آهلة بالسكان.

مع حلول العام 2040 يتوقع علماء أن يخلو القطب الشمالي من الثلج. كما تشير تقارير إلى أن 20% من مساحة الثلوج في المحيط المتجمد الشمالي اختفت تماما خلال العامين الماضيين، وهو ما سيؤدي إلى اختفاء المحيط المتجمد في العام 2030.

وتتوقع دراسات حديثة أن يشهد العالم في السنوات المقبلة كوارث عصيبة من الناحية الاقتصادية والسياسية؛ إذ ستغرق الدول الساحلية ذات الأراضي المنخفضة عن سطح البحر، وكثير من الجزر الواقعة في المحيط الهادي والأطلسي والهندي، أما المناطق القريبة من خط الاستواء فمن المحتمل أن تتحول إلى صحارى يستحيل الحياة فيها، كما تقول تلك التقارير.

كما ينذر الاحتباس الحراري بخطر حدوث العواصف والأعاصير المدمرة، بسبب زيادة درجة حرارة سطح البحر إلى درجات تزيد من قوة وعنف العواصف والأعاصير، كما أنها ستضرب أماكن لم تكن تضربها من قبل، وتكونها في أماكن لم تتكون فيها قبلا، ما سيؤدي إلى القضاء على الحياة في الشواطئ. ويؤكد علماء استحالة صد الأعاصير أو تغيير مسارها أو تفاديها حين تتشكل.

وبعيدا عن الكوارث الطبيعية، فإن للاحتباس الحراري إخطارا على حياة الناس والنبات والحيوان من الناحية الصحية، إذ تنذر بظهور أمراض جديدة بسبب زيادة نسبة الغازات السامة في الجو. ويجمع العلماء على عدم معرفتهم بالخطورة الكاملة للتغيرات المناخية، ولكن هنالك إشارات تحذر من إمكانية حدوث كوارث.

العالم العربي ليس بأفضل حالا من الدول الغربية من حيث التأثر بالتغيرات المناخية، إذ تمتلك الدول العربية سواحل طويلة مطلة على البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وعلى المحيطين الهندي والأطلسي، وهي أماكن معرضة لخطر التغير المناخي، كما حدث مؤخرا من أعاصير في سلطنة عمان على سبيل المثال.

ورغم وقوع الدول العربية في بؤرة الخطر فإنها حتى الآن لا تمتلك أجهزة  لرصد التغيرات المناخية والتحذير منها قبل وقوع الكوارث الطبيعية الناجمة عنها.

 كما لا توجد خطوات حقيقية لدى هذه الدول للحد من الظاهرة كاستغلال مصادر للطاقة البديلة والنظيفة والقادرة على إمداد شعوبهم باحتياجاتها بعد نفاد النفط مثل الطاقة الشمسية.

ويجادل العلماء في إمكانية أن تأخذ البيئة زمام المبادرة لتعيد التوازن إلى نفسها في حال لم يتحرك الإنسان لفعل ذلك. فيما يتفق أغلب العلماء أن ذلك غير ممكن.

إن الخلل الطبيعي الذي يحدث في البيئة مثل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون السامة، لا يمكن للطبيعة أن تتخلص منه تلقائيا. وبخاصة أن الزيادة لم تتم بصورة طبيعية مثل تلك التي تنبعث عند ثوران بركان على سبيل المثال، فالطبيعة قادرة على التخلص من هذه الكميات، إذ تمتصها البحار والمحيطات لتستفيد منها الطحالب الموجودة في الأعماق.

أما ما يحدث في العالم فهو جنون، بحد ذاته، فحرق الوقود مثل: النفط والغاز والفحم، مع الاستمرار في قطع أشجار الغابات وتلويث البحار والمحيطات وطبقات الأرض بالنفايات وبخاصة النووية، يؤدي إلى تراكمات لا تتخلص الطبيعة منها، بل تتركها لأنها لا تمتلك السيطرة عليها.

الاحتباس مع ثاني أكسيد الكربون يصنعان كوارث
 
15-May-2008
 
العدد 26