العدد 26 - احتباس حراري | ||||||||||||||
جميع من على كوكب الأرض لحظوا التغيرات التي طرأت على المناخ؛ فموجات الحر أصبحت قاسية، وموجات البرد قارسة، هنالك فيضانات عنيفة وموجات جفاف حارقة، وأعاصير مدمرة وحرائق مخيفة في الغابات. والسبب الرئيسي لكل هذه الكوارث المدمرة هو الاحتباس الحراري. ومنذ أن أصدرت الهيئة الحكومية الدولية للتغير المناخي IPCC تقريرها الرسمي حول ارتفاع درجة حرارة الأرض بشكل متنام، ونبهت إلى خطورة ذلك على مستقبل كوكب الأرض، لم يتوقف الجدل بين مشكك في حقيقة تلك الظاهرة وبين مرجح لصحتها؛ بين مؤيد للإجراءات المتخذة للحد منها وبين معترض على جدوى الحلول المقترحة. على الرغم من اتفاق عدد كبير من العلماء على حقيقة سخونة الأرض واحتمال تعرض البشرية لأخطار وكوارث محدقة بسببها، فإن هنالك علماء يعترضون ويرون غير ذلك من خلال استنادهم على حقائق علمية ومؤشرات جدلية لا يمكن تجاهلها. ويرى هؤلاء العلماء أن الاحتباس الحراري في الأرض هو جزء من دورة مناخية طبيعية، لم يتسبب الإنسان ونشاطاته في الأرض بها، ويبرهنون على ذلك من خلال التاريخ؛ فقد مرت الأرض بحالة مماثلة من الدفء العالمي في فترة ما قبل الثورة الصناعية، قبل أن تتنامى وتتطور أنشطة الإنسان، وقبل تلوث الجو بغازات الدفيئة، كما مرت الأرض بحالة من البرودة النسبية خلال السبعينيات من القرن الماضي رغم استمرار تنامي الانبعاثات الغازية والملوثات الجوية في تلك الفترة. ويرى هؤلاء العلماء أن ذلك يعني أن دفء الأرض قد ينقلب في أية لحظة إلى برد وسلام على كل من يعيش عليها، فمناخ الأرض يتميز بالديناميكية والتغير، فتؤثر فيه العديد من العوامل والعناصر منها الطبيعية ومنها ما يصنعه الإنسان بفعل أنشطته. ويبين العلماء أن ذلك يعني صعوبة التمييز بين إسهام الأنشطة البشرية في هذا التغيير وبين دور العوامل الطبيعية في إحداثه. ولا يعتبر هؤلاء العلماء تزامن زيادة نسبة غازات الدفيئة وتكاثرها في الجو مع ارتفاع متوسط درجة الحرارة على الأرض، دليلاً كافياً من أجل جعلها السبب وراء الاحتباس الحراري. كما يبين علماء آخرون أن هنالك فوائد للتغير المناخي، فلو حدث لتحسنت إنتاجية بعض الغابات والمحاصيل، ولزادت مصادر المياه، وتحسنت حالة بعض الموائل الطبيعية. ويرى علماء آخرون أن هذا الجدل بين المؤيد والمعارض لن يخرج الأرض من المشكلة، ولن يجنبنا تداعياتها الخطيرة، فسخونة الأرض، وبغض النظر عن المسببات سواء كانت بفعل الإنسان أو الطبيعة، هي حقيقة واقعة، واستمرارها يعني حدوث تغيرات مناخية لا يعلم عواقبها إلا عالم الغيب. كما أن مشكلة الاحتباس الحراري باتت تفوق في حجمها وخطورتها أي مشكلة أخرى تهدد العالم بما فيها ظاهرة الإرهاب الدولي؛ فالاحتــباس الحراري وما ينتج عنه من فيضانات وأعـــاصير وموجات جفاف وحرائق غابــات وتــداعيات أخرى يصعب حصرها، باتت تحصــد فـي كل ساعة آلاف الأرواح والمنشآت. كما أنه لا توجد منطقة في العالم بعيدة عن مخاطر الاحتباس الحراري؛ الجميع في خطر. لذلك يدعو العلماء إلى تكاتف الجميع، والعمل على إيجاد مخرج لهذه المشكلة، والحد من تداعياتها الخطيرة، وفي هذا المجال يجب الاستماع إلى علماء البيئة وجماعات الدفاع عنها (الخضر)، ودراسة نصائحهم من أجل المحافظة على النظام البيئي، والخروج من هذه المشكلة بأقل أضرار ممكنة. |
|
|||||||||||||