العدد 4 - اقتصادي | ||||||||||||||
قمّة أوبك الثالثة التي عقدت في جدّة بمشاركة 12 رئيس دولة، تجاهلت انهيار موازنات الدول الفقيرة نتيجة ارتفاع أسعار النفط، واكتفت بالإشارة إلى مواصلة تقديم العون لها دون التزامات محدّدة. وانقسم المشاركون بين رافض لرفع الأسعار وبين مؤيد لها في مقدمتهم الرئيس الإيراني أحمد نجادي. الجميع كان يطمح أن تؤدي القمة إلى خفض أسعار البترول التي ارتفعت بشكل جنوني في الأسابيع القليلة الماضية لتصل إلى 100 دولار للبرميل ومرشحة للزيادة أكثر، وبالتالي الاستحواذ على نسبة كبيرة من مصاريف موازنات الدول. ورغم التطمينات التي قدمتها دول المنظمة الثلاث عشرة التي جاءت في البيان الختامي للقمة والمتعلقة باستمرار توفير إمدادات البترول بصورة ملائمة ومضمونة للعالم لضمان استقرار سوق البترول، إلا أن سعر برميل النفط الخام ارتفع بعد ساعات قليلة من تلاوة البيان ليصل إلى 100 دولار بعد أن كان يترنح بين 90 إلى 95 دولاراً للبرميل. القمة اتسمت باختلاف كبير بين وجهات نظر الرؤساء والملوك المؤيدين والمعارضين لأسعار البترول الحالية. وذهب بعض قادة أوبك إلى الإفتاء بجعل المنظمة تكتلاً سياسياً ضد دول معينة، واستخدام البترول كسلاح ضد بعض الدول بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، وهو مقترح جوبه بمعارضة من قبل قادة آخرين من بين أعضاء المنظمة. الرئيس الفنزولي هوغو شافيز المعروف بمعاداته للولايات المتحدة الأميركية، طالب في خطابه الذي افتتح به القمة بالعمل على مضاعفة سعر برميل النفط الخام ليصل 200 دولار، وذلك لانخفاض قيمة الدولار في السوق الحالية، داعياً أن تلعب المنظمة دوراً سياسياً وليس فقط دوراً اقتصادياً .وأيده في ذلك كل من الرئيس الإكوادوري رفائيل كوريه، والرئيس الإيراني أحمدي نجاد والذي ذهب إلى أبعد من ذلك ليقول «إن الدولار هو مجرد ورقة لا قيمة لها ونحن (أي الدول الأعضاء) نبيع بترولنا مقابل أوراق لا قيمة لها». إلا أن العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ردّ في خطابه فوراً على الرئيس الفنزولي، محذراً من استخدام المنظمة كأداة للصراع بين الدول، وطالب أن تكون أداة للتنمية، وحذر من ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات تؤدي إلى انخفاض الطلب على البترول، وبالتالي حدوث كساد في الاقتصاد العالمي، ورأى أن تكون الأسعار في مستويات معقولة لكل من المنتج والمستهلك. إلى ذلك أكدت منظمة الطاقة العالمية في تقريرها الشهري أن النمو في الطلب على البترول في شهر تشرين الثاني/نوفمبر انخفض ليصل نسبة 1.2 % فقط، بينما بلغ في الشهر الذي سبقه 1.5 % . ويرى الكثير من المحللين النفطيين أن الارتفاع في أسعار البترول يؤدي إلى التقنين في استعماله وبالتالي انخفاض الطلب عليه. ويدفع الارتفاع في أسعار البترول الدول والشركات والأفراد أيضاً إلى التفتيش عن طاقات بديلة كالطاقة الشمسية وغيرها من مصادر الطاقة. وكان حديث الرئيس شافيز شديد اللهجة ضد الولايات المتحدة، وطالب الدول الأعضاء في الأوبك عدم الخضوع لسياسة واشنطن في الدعوة إلى زيادة إنتاج البترول من أجل خفض الأسعار، ووضع خطط أكثر حزماً هدفها رفع سعر البرميل المصدر للدول الصناعية مقابل بيعه بسعر أرخص للدول النامية. وحاولت كل من فنزويلا وإيران والإكوادور أن يتضمن البيان الختامي فقرة تؤكد ضرورة دراسة سعر الدولار المتدني ومحاولة الاتفاق على سلة من العملات الأخرى تتعامل بها دول المنظمة عند بيع نفوطها مثل الين واليورو. وجوبهت هذه المحاولة بمعارضة دول أخرى أكثر اعتدالاً مثل السعودية على لسان وزير خارجيتها سعود الفيصل الذي رفض هذا التوجه من منطلق أن ضعف الدولار سيؤدي إلى انهياره والإضرار بمصالح أعضاء المنظمة كون معظم احتياطياتهم ومدخراتهم من العملات الصعبة بالدولار. وذكر محللون متخصصون في شؤون البترول حضروا القمة أن الإشارة في البيان الختامي إلى ضعف الدولار سيقفز بسعر البرميل إلى فوق 100 دولار بكثير. وفيما يخص الدول الفقيرة والنامية التي تشكل الفاتورة النفطية أكبر مشترياتها ولا تستطيع تسديدها في كثير من الأحيان، اكتفت القمة بتكرار ما ذكرته في القمتين السابقتين وهو أنها ستزيد من تقديم المساعدات لهذه الدول من خلال صندوق أوبك. ووعدت القمة بتقديم المعونة متعددة الأطراف لهذه الدول دون جدول زمني وبعيداً عن تحديد دول بأسمائها، بهدف تحقيق التنمية المستدامة واستئصال الفقر في الدول النامية. إلاّ أن القمة اتخذت قراراً حول دعم البحوث من أجل تحسين البيئة، وأقرت أن إنتاج البترول واستهلاكه تعرضان تحديات في مجال البيئة والتغير المناخي، وأشارت في الوقت نفسه إلى مسؤولية الدول المستهلكة في هذا المجال. وبعكس الصفة العامة التي طغت على دعم الدول غير المنتجة للنفط وعدم تحديد مبالغ بعينها لدعمها، تبرع الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود بمبلغ 300 مليون دولار لتمويل الدراسات التي ستقوم بها منظمة الأوبك لتحسين البيئة عالمياً، وبعد ذلك أعلنت كل من الكويت والإمارات وقطر تبرع كل واحدة منها بـ 150 مليون دولار للغرض نفسه. |
|
|||||||||||||