العدد 25 - اقتصادي | ||||||||||||||
السّجل- خاص تدفع أنباء حول قرار سوري بوقف تصدير القمح إلى المملكة وانتهاء مفاوضات مسؤولين أردنيين وقزخيين بدون توقيع اتفاق للحصول على القمح، الحكومة إلى اتباع سياسية جديدة لتوفير احتياجات الأردنيين من مادة استراتيجية كالقمح الذي تراجع انتاجها منه منذ عقود. تحتاج المملكة سنوياً إلى 700 ألف طن من القمح، وتوفر الحكومة مخزوناً استراتيجياً منه يكفي المملكة مدة ستة أشهر، وهي تسعى الآن لتوفيره بعقود آجلة من خلال موردين محليين يمثلون شركات عالمية. مشكلة توفر القمح للمملكة تتعمق في حال نفذت سورية ما ورد منها من أنباء عقب غياب الأردن عن القمة العربية الأخيرة، التي عقدت في دمشق، وتدفع المسؤولين إلى البحث عن بدائل لتوفير هذه المادة. ذريعة سورية في التوقف عن تأمين الأردن بنحو 600 ألف طن لعام 2008 ومثلها لعام 2009 اعتمدت على شرط وضعته في اتفاقها مع الأردن، يعطيها الحق بالتراجع عن توفير الكميات المتفق عليها في حال تراجع حجم محصولها، لكن تقريرا لمجلس القمح العالمي يؤكد أن إنتاج سورية من القمح سيزيد العام الحالي بمقدار 600 ألف طن ليبلغ مع نهاية العام 6.4 مليون طن . عدم ثبات مصادر الحصول على القمح وتذبذبها يفتح الباب واسعاً للحديث حول تراجع إنتاج الأردن من القمح الذي كان أحد صادراته عام 1952. التراجع في إنتاج محاصيل القمح والشعير، بشكل حاد خلال السنوات الماضية، يشكل تهديداً كبيراً للأمن الغذائي في ظل ارتفاع الأسعار العالمي للحبوب، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في السياسة الزراعية، فيما يختص بزراعة هاتين المادتين. كذلك، يؤدي التوسع العمراني على حساب المناطق الزراعية التي تمتاز بمستوى مطري مرتفع وتربة زراعية مناسبة إلى تراجع المساحات المزروعة بشكل كبير، إذ تراجعت مساحات الأراضي الزراعية المخصصة للمحاصيل الحقلية لصالح المباني والبستنة بشكل عام من 3.634 مليون دونم في العام 1939 الى 176 ألف دونم فقط في العام 2006، ورافق ذلك تراجع المحاصيل من القمح والشعير. كما ساهم توسع الزحف العمراني ودمج البلديات وما رافقه من تحويل معظم الأراضي إلى سكنية وتجارية خلال السنوات الماضية، بتآكل الرقعة الخضراء، وتفاقم مشكلة ارتفاع أسعار المواد الغذائية بعد أن صار الأردن يستورد معظم سلة غذائه من الخارج. لم تتجاوز كميات محاصيل العام 2007 من هاتين المادتين 24 ألف طن، 17 ألف طن منها قمح والباقي شعير، حتى صار إنتاج المملكة من القمح المحلي يغطي الاستهلاك العام للمملكة مدة 8 أيام فقط. نقيب المهندسين الزراعيين عبدالهادي الفلاحات يقول إن الحكومات المتعاقبة تجاهلت مناشدات الخبراء الزراعيين التي طالبت أكثر من مرة بالاعتماد على الزراعة محلياً، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، لكن القرارات الحكومية جاءت "منافية للمصلحة الزراعية وتعاملت الحكومات مع القطاع الزراعي على أنه قطاع هامشي". يضيف الفلاحات أن على الحكومة اتخاذ إجراءات مناسبة لإعادة إحياء القطاع من خلال العمل بنظام استعمالات الأراضي، وتوجيه الموارد المتاحة لدعم المزارعين والمنتجات الزراعية، أسوة بمعظم دول العالم، وفي مقدمتها الدول العربية المجاورة. ويدعو الفلاحات إلى تكثيف الجهود القائمة نحو الحصاد المائي من خلال السدود والحفائر الترابية ضمن خطة زمنية قابلة للقياس واستثمار الإمكانيات الكبيرة في البادية الأردنية وحماية مواردها لتكون مصدراً رئيسياً للأعلاف لمربي الثروة الحيوانية. الفلاحات يشير إلى أن زراعة القمح من الناحية الاقتصادية أصبحت مجزية، نظرا لارتفاع سعر القمح في السوق العالمية بعد توجه أكبر منتج للقمح في العالم، أميركا، لزراعة الذرة لإنتاج الوقود الحيوي. في إشارة الى الإمكانيات الكبيرة في حوض الديسي لزراعة القمح، يدعو الفلاحات الحكومة إلى فتح حوار جاد وإيجابي مع الشركات الزراعية التي تستثمر في حوض الديسي، لتتمكن من توجيه الشركات نحو الأوليات الوطنية بزراعة القمح كمادة استراتيجية، وأن يعاد النظر في بعض المكاسب للشركات التي تستثمر هناك. حسن جبر، نقيب المهندسين الزراعيين السابق، يتفق مع الفلاحات بأن التوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية أدى إلى تراجع المحاصيل من القمح والشعير وغيرهما من الحبوب. ويرى في زراعة المناطق الجنوبية المحاذية لمنطقة الديسي بالقمح حلا للمشكلة من خلال إعادة النظر في السياسة الزراعية وتعديلها لتستهدف تأمين كميات الإنتاج المحلي على المديين المتوسط والبعيد، لضمان إحكام منظومة الأمن الغذائي. بحسب الإحصاءات الرسمية لدى وزارة الزراعة، تراجعت مساحة الأراضي المزروعة بما أدى إلى تراجع المحاصيل من الحبوب بنسبة 70 بالمئة، فيما يتحمل تباين المواسم المطرية وزيادة نشاطات الآفات الزراعية خاصة دودة الزرع ما نسبته 30 بالمئة. وفي الوقت الذي وصلت فيه صادرات المملكة من مادة القمح الى 58460 طنا في العام 1952 تراجعت الى الصفر في آخر 25 سنة، وهو ما ينطبق على الشعير والعدس أيضا، إذ انخفضت من 14157 طنا في العام 1952 إلى توقف تام في آخر 25 سنة, إضافة إلى تراجع العدس من صادرات مقدارها 24788 إلى توقف تام عن التصدير لآخر 20 سنة. وفي جانب المستوردات ارتفعت مستوردات المملكة من مادة القمح الى حوالي 807 آلاف طن في العام 1998 وهو أعلى كمية استيراد للقمح، فيما وصلت في العام 2005 بحسب بيانات وزارة الزراعة الى 627.1 ألف طن. ومثلها في مادة الشعير، فقد استوردت المملكة في العام 2004 ما مقداره 765 ألف طن وفي العام 2005 نحو 627 ألف طن. |
|
|||||||||||||