العدد 25 - دولي
 

"نظرة واحدة لوجه كين ليفينغسون وهو يواجه الكاميرا، كافية لمعرفة القصة كاملة." هذا ما نقلته صحيفة الغارديان البريطانية عن أحد المراقبين في وصفه للحظة التي ظهرت فيها نتائج انتخابات بلدية لندن، التي خسر فيه عمدة لندن اليساري، كين لفنغستون، أمام مرشح حزب المحافظين بوريس جونسون بفارق ضئيل، إذ فاز جونسون بما نسبته 53 في المئة من أصوات الناخبين، فيما فاز لفنغستون بنحو 47 في المئة، ما وضع حداً لاستمرار لفنغستون رئيساً لبلدية لندن لفترة ثالثة بعد أن قضى في منصبه هذا ثماني سنوات.

انتخابات بلدية لندن كانت جزءاً من الانتخابات المحلية التي شهدتها بريطانيا أخيراً، ومُني فيها حزب العمال البريطاني بهزيمة تاريخية. ومن بين المدن العديدة التي خسرها حزب العمال في الانتخابات الأخيرة بدت خسارته لبلدية لندن هي الأكثر إيلاماً، وهي المدينة التي عرفت دوماً بأنها كانت عصيّة على اليمين. وربما كان هذا تحديداً هو الذي جعل خسارة حزب العمال في الانتخابات المحلية تبدو على هذه الدرجة من الأهمية. وفي هذا الإطار يمكن أن نفهم تصريح، ديفيد كاميرون، زعيم حزب المحافظين الشاب، الذي قال إن فوز الحزب برئاسة بلدية لندن "يعني أننا يمكن أن نكون البديل، فقد تغير حزبنا."

أمر آخر جعل الهزيمة تحمل أبعاداً إضافية، هو أن انتصار جونسون في لندن بدا وكأنه يقرب المسافة بين ديفيد كاميرون وبين انتقاله إلى 10 داوننغ ستريت في حال فوزه في الانتخابات النيابية المقررة في 2010. وبالطبع، فإن كاميرون لن ينسى في هذه الحالة أن بوريس جونسون لعب الدور الأبرز في وصوله المحتمل إلى داوننغ ستريت، ما جعل زعامة المحافظين البريطانيين تقسم على اثنين هما: كاميرون، وجونسون؛ وهذا ما جعل صحيفة «إندبندنت» تشير إلى نوع من عدم الارتياح الذي بدا على كاميرون، الذي شعر بقوة جونسون، وهي قوة قد تؤهله لمنافسة الزعيم الجديد لحزب المحافظين.

كين لفنغستون، الذي لم يكن على وفاق مع قادة حزب العمال، وبخاصة مع توني بلير، شعر بنوع من المرارة من موقف الحزب الذي لم يلق بثقله كاملاً وراء انتخابه، لكنه آثر أن يلقي اللوم على نفسه بقوله "أشعر بالأسف على أنني لم أتمكن من الحصول على نسبة ضئيلة من الأصوات التي كانت ستؤهلني للفوز. ولكن اللوم في ذلك يقع علي تحديداً". وكان عدم تحميل غوردون براون جزءاً من المسؤولية، هو أقصى ما كان يطمح إليه براون المثخن بجراح الهزيمة الكبيرة التي مُني بها حزبه.

افتتاحيات الصحف البريطانية، التي كتبت في هذا الفوز كادت تجمع على أن سكان ضواحي لندن لعبوا الدور الأساسي في إسقاط لفنغستون، ومعظم هؤلاء من سكان لندن التي هجروها بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة فيها، ليواجهوا في أماكن سكنهم الجديدة بارتفاع كبير في معدلات الجريمة وانخفاض في مستوى التعليم، بعد أن فقدوا ميزات العيش في العاصمة والاستفادة من مرافقها.

ويبدو أن هذه الفكرة تحديداً، مكافحة الجريمة، سوف تكون نقطة انطلاق جونسون في عمله رئيساً لبلدية لندن، فقد كان أول قراراته هو تعيين راي لويس، الذي كان مديراً لسجن «وودهيل» ليكون مساعده لشؤون الشباب، في محاولة منه "لوضع حد للتوجه المأساوي" لدى الشباب "لقتل بعضهم بعضاً". كما قال لدى إعلانه عن الخطوة الجديدة لمكافحة الجريمة التي تزداد انتشاراً في لندن.

"إن ذلك يبدو شبيهاً بما حدث في إيطاليا العام 1922، حين بدأت المسيرة نحو روما." قال أحد وزراء الظل في حكومة حزب المحافظين، في إشارة إلى المسيرة التي قادها الزعيم الفاشي الإيطالي، بنيتو موسوليني، نحو روما، واستولى على الحكم في إيطاليا. هل كان ذلك مجرد تشبيه عفوي؟ أم كانت تلك إشارة غير مباشرة إلى أن انتخابات بلدية روما التي جرت في أواخر الشهر الماضي قد أتت لمدينة روما التي كانت في معظم الأحيان من نصيب الحزب الشيوعي الإيطالي، برئيس بلدية ينتمي للحزب الفاشي؟ أياً كان الأمر، فإن اليمين تسلم مبنى بلدية لندن، تماماً مثلما فعل اليمين الفرنسي في باريس واليمين الإيطالي في روما.

اليمين يفوز في انتخابات بلدية لندن
 
08-May-2008
 
العدد 25