العدد 25 - أردني
 

نهاد الجريري

قد لا تتوقف كثيراً عند موسيقاهم؛ فهي كأي موسيقى عربية هذه الأيام تشبه هجيناً من مقامات عربية و"نوتات" الترانس أو البوب الغربي. لكنك حتماً ستتوقف عند كلماتهم وأدائهم. فهم يستخدمون عبارات لم تسمعها قط في أي غناء عربي، تؤدى بأسلوب أشبه بالكلام والحوار منه بالغناء. إنهم ببساطة مغنو "الراب RAP".

تعتمد موسيقى الراب في الأصل، على "نبش" قعر المدينة وإظهاره على السطح. عامر طالب الحاسوب في جامعة عمان الأهلية وأحد ثلاثة يشكلون فرقة "شرق" يقول: "نحاول أن نعالج لغة الشارع، وهو شارع له ثقافته وخصوصيته."

في أغانيها تتناول فرقة "شرق" وبلغة انتقادية صريحة وغير مسبوقة، مواضيع مثل: الإساءة للطفل، وجرائم الشرف، والمخدرات، والعلاقة بين الرجل والمرأة، وحتى الحرب والسلام. في كلماتهم عبارات مثل "زهقت من الحكي عن السكوت، زهقت كل يوم اتفرج، تابوت وراه تابوت،" أو " اعطيني مبرر، ليش اللسان الناطق باللغة العربية دايماً متضرر، وغيرو متحرر، بحاول يصور برواز حياتي بدون ما يتطلع عالصورة."

عمر الطالب في قسم الصحافة في جامعة البتراء، يقول "نحن كشباب نحب هذا النوع من الفن، ورأينا أن شريحة واسعة من الشباب هذه الأيام تتفاعل مع هذا الغناء، فاخترنا أن نستغل هذا القالب لإيصال رسالة توعوية." يضيف عامر الذي يشرف على إنتاج الموسيقى في الفرقة أن "الشاب يحب أن يسمع من شاب مثله مر بظروفه حتى لا يظل الأمر مجرد تنظير."

لكن هناك من يعتبر أن مغني الراب العربي لا يقدم إضافة نوعية للثقافة العربية ،لا من حيث الألوان الفنية ولا من حيث القيم الاجتماعية. سليمان شاب في الثامنة والعشرين من عمره، يكاد لا يطيق هذا النوع من الموسيقى "الصاخبة" برأيه. يرى أن الكلمات "تخلو من أي مضمون"، وأن ناظميها حاولوا "تجميعها" حتى تتلاءم مع القافية واللحن. فهي بالنسبة له "مجرد تقليد أعمى" للنمط الغربي.

على الجانب الآخر، ثمة فئة من الشباب يجد نفسه في هذا النمط من الغناء الذي يبدو جريئا في مضمونه، وحديثا في شكله.عيد ذو العشرين عاما يعتبر كلمات الراب "حلوة ومرتبة"، لأنها تتحدث عن "المشاكل اليومية" "بلغة يفهمها." حتى الموسيقى تلفت انتباه عيد الذي يسمع فيها لحناً عربياً في قالب يتواءم مع الحداثة.

يرد عامر بأن "مجرد أن نغني هذا النوع من الموسيقى بلغة عربية هو رسالة في حد ذاتها،" باعتبار أن "الراب" الغربي يتناول قضايا لا تتصل بالشباب العربي وقضاياه، فضلا عن أنها تحوي كلمات "بذيئة". ويزيد أن "لا تقليد في الموسيقى لأنها بلا حدود." ويدلل على ذلك بأن كثيرا من الأغاني العربية الرائجة هذه الأيام، تقوم في الأصل على "أنماط" موسيقية غربية." ويتساءل "لماذا نعتبر نحن مقلدين دون سوانا؟" .

يذكر أن نمط الراب ينتشر في دول عربية. فهناك تجربة فرقة "دم" الفلسطينية التي تضم ثلاثة شبان من الأراضي المحتلة عام 1948.

هناك قدر من التشابه في الموضوع أو "الكلمات" بين الفرقتين: الأردنية والفلسطينية. فالمباشرة في الخطاب واستخدام ألفاظ صريحة كانا سمة واضحة ومشتركة. الاختلاف في النضج الموسيقي الذي تتمتع به "دم" فلا يمتلك المرء إلا الإصغاء لهم. فتتضمن اللازمة مثلاً لحناً من إحدى أغنيات أم كلثوم، أو "دقة" من تراث فلسطيني.

تجربة "دم" أكثر عمقا من تجربة نظرائهم الأردنيين. يفسر عامر ذلك بالقول: "دم موجودة على الساحة منذ عام 1997، وقد تطورت عبر هذه السنين حتى إن شركة بريطانية بدأت برعايتها وإنتاج إسطواناتها. أما "شرق" الأردنية، فما زالت تعتمد على برنامج حاسوب متواضع لدمج النغمات الموسيقية وإنتاجها، وهو ما لا يتيح مجالاً للإبداع.

ويضيف عامر أن "إنتاج موسيقى متقدمة يتطلب وجود موسيقيين يعزفون ألحانا حية." وهو أمر غير متوافر لارتفاع كلفة مثل هذا المشروع إلى ما يفوق طاقة طلاب في الجامعة.

"شرق" غنت في مسارح جارا، حدائق الحسين، مركز الحسين الثقافي، الأرينا، والعقبة. وهم في كل هذا يواجهون بقليل من التأييد وكثير من الانتقاد. لكنهم في كل الأحوال، طاقة خرجت عن المألوف وتؤشر الى وجود ما هو مختلف، وبدأ يحتل موطئ قدم في الثقافة السائدة بين الشباب. من الواضح أن هذه الطاقة تسعى لإحداث تغيير "فعلي" نحو الأفضل، لكنها تدرك أنها مثل كل جديد تتعرض للتهميش والإقصاء.

**

تتكون فرقة «شرق» من ثلاثة شبان، هم عمر وعامر وأحمد. يقدمون أغنيات الراب، وهو نمط من الموسيقى الغربية يؤدى وكأنه سرد للكلام. هذه مقاطع من بعض أغانيهم التي تتناول مواضيع إنسانية وسياسية عامة.

"سلام يا سلام"

من موال لَموال

هموم بتهد جبال

تعدد ديانات

تعدد لهجات

تباعد طبقات

بس توحد وجهات نظر

الكل انتظر، بس ما نال إلا قلة راحة البال

برجع بطرح نفسو السؤال

بعد ما عدينا الألف ميل

و تخطينا الصعب

رجعنا لخط الصفر

**

"حقوق الطفل"

عمرو خمس سنين

حكيو كأنو بالعشرين

من قد ما شاف ظلم

من قد ما انحرم الحنين

يا قطعه من حجر كريم

يا ريحة الزهر عظيم انك

مع انك مش عارف اللوم عمين

عندك يقين

يتجدد القديم

وتبطل بكا وانين

بس يوم بعد يوم

الكل قاعد بيخذلك

على مين راح اللوم

ومين بيوم وقف معك

بتسمع عن الصراحه

بس ما بتشوف غير كذب

**

"راب حربي"

سكوتنا لن تروا

إلى يوم أن نموت

قالبا وقلبا

للحق نحن جنود

راب حربي

قد فاق كل الحدود

عاهدنا نفسنا

نكون أو لا نكون

سمعنا كتير

حكي كتير

كلام كتير.. وعود

سمعنا كتير.. أغاني عم بتخرب بالجمهور

سمعنا صواريخ نازلة على شعب مقهور

سمعنا كتير.. عم بغتصبوا براءة الورود

سمعنا إنو كتير فيه أطفال عم بتموت

من المرض، من الظلم، من الفقر، من الجوع

نفسي أبطل أسمع

وأشوف شوية حلول

راب حربي

الراب غناء عربي في قالب غربي
 
08-May-2008
 
العدد 25