العدد 4 - اقتصادي
 

يرى خبراء اقتصاد أن حكومة نادر الذهبي تواجه حزمة تحديات اقتصادية متشعبة على رأسها التوفيق بين معدلات دخول المواطنين المتآكلة ومستويات التضخم التي يتوقع خبراء ان تلامس 12 % بعد استكمال الخطوة الاخيرة من رفع الدعم عن المشتقات النفطية.

ويعتقد اقتصاديون بأن الحكومة جاءت في “وضع لا تحسد عليه” نتيجة التداعيات في المشهد الاقتصادي الدولي والصراعات في الإقليم التي ظهرت إفرازاتها على مستوى الاقتصاد الوطني.

ويؤكد متابعون بأن التحدي الأبرز الذي ستقارعه الحكومة هو “ملف الطاقة” في بلد يستورد 95 % من احتياجاته النفطية المقدرة ب 100 ألف برميل يوميا.

كتاب التكليف السامي تمحور حول الاقتصاد والأمن الاجتماعي، إذ وجّه الحكومة نحو تعزيز خطط أمن التزود بالطاقة وبناء شبكة أمان اجتماعي.

وزير الاقتصاد الوطني السابق سامر الطويل يرى أن أهم التحديات أمام الحكومة تتمثل “بارتفاع متوالية الأسعار نتيجة رفع أسعار المحروقات”، ويطالب “بإيجاد شبكة أمان اجتماعي تضمن ايصال الدعم لمستحقيه من خلال برنامج متكامل يراعي ظروف العائلات الفقيرة ومحدودي الدخل من العاملين في القطاعين العام والخاص”.

تكاتف عوامل خارجية مثل انخفاض سعر الدولار المرتبط به الدينار وارتفاع أسعار المواد الأساسية عالميا والمحلية سترفع معدلات التضخم الى مستويات قياسية، بحسب الوزير السابق الذي يتحدث أيضا عن أهمية تطبيق ما ورد في كتاب التكليف حول “ربط الأجور بنسب التضخم”.

ويدعو الطويل إلى فرض آلية على مؤسسات القطاع الخاص لحماية العاملين فيه، إلى جانب وضع خطط لضبط الأسعار محليا تعتمد على إعفاء بعض السلع من ضريبة المبيعات وبعض المستوردات من الرسوم الجمركية.

كذلك يطالب بإصدار قانون لحماية المستهلك في بلد تنشط فيه جمعية غير حكومية لحماية المستهلك. كذلك يدعو إلى تفعيل دور النقابات العمالية (التي تضم أكثر من مليون عضو الآن) للدفاع عن مصالح العمّال وزيادة الحد الأدنى للأجور.

على النقابات المهنية أيضا (14 نقابة تضم في عضويتها زهاء 200 ألف منتسب) أن تلعب “دورها الحقيقي المعني بتطوير المهنة وحماية العاملين بها” بدلا من الانجرار وراء الشعارات السياسية.

ويطالب خبراء أعضاء الفريق الاقتصادي الحكومي المشكّل من طبقة التكنوقراط إضافة إلى مهندسي الملفات الاقتصادية بابتكار حلول ناجعة لجملة من الملفات الاقتصادية الشائكة تبدأ بالطاقة وعجز الموازنة، شح المساعدات، اختلال هيكلية الموازنة، ضعف تنافسية القطاعات الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر، تلحقها معدلات البطالة ولا تتوقف عند كبح جماح التضخم.

ويرى خبراء اقتصاديون أن خطط الحكومة الاقتصادية ستتصدي لحزمة من التحديات الاقتصادية كمتلازمة الفقر والبطالة عبر تعزيز الاستثمارات الخارجية وكبح جماح التضخم وتخفيف اثار الفاتورة النفطية على الاقتصاد الوطني عبر تفعيل وسائل ترشيد الطاقة وتسريع العمل لاستغلال خام الصخر الزيتي ومشاريع الطاقة الجديدة والمتجددة إضافة إلى السعي لتحسين الواقع الاستثماري وتنافسية القطاعات الإنتاجية الأردنية وبيئة الأعمال.

الخبير الاقتصادي ثابت الور أقر ان على حكومة الذهبي مواجهة العديد من المتغيرات الاقتصادية والتي تنجم بشكل أساسي عن آثار ارتفاع أسعار النفط وعبء التزود بالنفط وما يتفرع منها على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية.

وانطلق الور في تصريحاته لـ”السّجل” من فرضية مفادها أن جميع القطاعات الاقتصادية تتأثر بملف الطاقة بنسب متفاوتة الأمر الذي يدعو الحكومة إلى الإسراع في توجيه المشاريع الاقتصادية في قطاع الطاقة والاعتماد على المصادر المحلية فمن غير المعقول أن يدفع الاقتصاد الوطني ربع قيمة انتاجه السنوي قيمة فاتورة استيراد النفط الخام والمشتقات النفطية.

ومن ناحية أخرى دعا الور إلى الخروج بإستراتيجية مائية تعالج واقع شح المياه في المملكة الأمر الذي يرتبط كذلك بمختلف القطاعات الاقتصادية مما يفضي الى تحسين مستوى تنافسية القطاعات الاقتصادية كافة في المملكة.

واستند الور إلى البيانات الرقمية التي تشير إلى حاجة سوق العمل الأردني إلى استحداث 60 ألف فرصة عمل سنوي للكفاءات والموارد البشرية التي تتخرج إلى سوق العمل سنوياً داعياً في هذا السياق “الحكومة الاقتصادية”، إلى التواؤم مع المتطلبات الدولية كاتفاقية التجارة الحرة العالمية WTO لتحسين البيئة التشريعية والتعامل بجدية مع الواقع الاقتصادي المحلي والدولي وإفرازاته.

وشدد الور على ضرورة الاهتمام بالبيئة التنافسية للاقتصاد الوطني المناخ الاستثماري المحفز للنمو الاقتصادي واستقطاب الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية.

رئيس قسم الاقتصاد في جامعة الحسين بن طلال د. فؤاد كريشان يرى أن كتاب التكليف السامي وضع الحكومة أمام تحدياتها الحقيقية في الشأن الاقتصادي.

وقال د. كريشان إن أهم البرامج التي ستتولاها حكومة المهندس الذهبي ترتبط بملف الإصلاح الكلي للاقتصاد المتزامة مع ارتفاع أسعار النفط وتوقع استمرار منحى ارتفاع الأسعار بأثر انخفاض الدولار والتطورات السياسية الدولية.

وتوقع الدكتور كريشان أن تقارب قيمة فاتورة الطاقة الأردنية قيمة صادرات الأردن الكلية اذا استمرت الأسعار في صعودها، محذراً من تنامي عجوزات الموازنة العامة والحساب الجاري والضغط على رصيد العملات الأجنبية إضافة إلى ارتفاع معدل الأسعار “التضخم”.

من جانب آخر يدعو د. كريشان الحكومة إلى وضع خطط لمواجهة عبء ارتفاع الأسعار ببعديه الاقتصادي والاجتماعي وفقاً لما نص عليه كتاب التكليف السامي، وكذلك ربط معدل الأجور بمعدل التضخم مما يستدعي الحكومة إلى البحث عن ايرادات جديدة للموازنة العامة.

كما أن الملف الأبرز وفقاً للدكتور كريشان هو إخراج برامج اقتصادية فعالة لمكافحة ظاهرتي الفقر والبطالة والسعي إلى الخروج بمعادلة توافقيه بين السياستين النقدية والمالية.

وستمتد نشاطات الحكومة الاقتصادية إلى متابعة البرامج والمشاريع الاقتصادية التي أطلقها الملك العام الماضي المتمثلة في جزء منها بالمناطق التنموية واستقطاب استثمارات جديدة لها إضافة إلى اجراءات على مستوى تحسين البيئة التنافسية لقطاع الأعمال الأردني واستقطاب استثمارات مولدة للوظائف.

تحديات اقتصادية شائكة على أجندة "الذهبي" – جمان سليمان
 
29-Nov-2007
 
العدد 4