العدد 25 - أردني | ||||||||||||||
سليمان البزور بين نكوص حزبي وإحجام نقابي وانقطاع شعبي عن الدعوة، مر الرابع من أيار/مايو الأردني دون جلبة، ودون أن يلاحظ كثيرونأن دعوة لإضراب سلمي قد انطلقت، وذلك باستثناء توقيف ثلاثة ناشطين، إثر قيامهم بتوزيع منشورات دعت للإضراب مطلع الأسبوع الجاري، قبل إعادة إطلاق سراحهم، في اليوم نفسه.كان يقدر للحدث أن يتساوق مع حدث مماثل في مصر تمت التهيئة له بالوسائل نفسها(الإنترنت) وبرفع شعارات متقاربة. المفكر الاقتصادي المصري سمير أمين، وصف الدعوات للإضراب عبرموقع face book في مصر بأنه "أعاد الاعتبار لتقاليد النضال الجماعي وودع وهم الخلاص الفردي". عندنا كان الحدث أكثر تواضعاً. "لا نمتلك أرقاماً، وليس بإمكاننا الوصول إلى أرقام تقريبية لحجم المشاركين في الإضراب، لكن الأمور مطمئنة ونستعد للمزيد من النشاطات في المستقبل القريب." يقول علي البطران، أحد منظمي الإضراب الذي بدأت "حكايته" قبل شهر حين أطلقت الدعوة اليه مجموعة من الشبان لم يفصحوا عن أسمائهم أو خلفياتهم السياسية، واستحدثوا نافذة عبر موقع التعارف والصداقة فيس بوك، وجهوا فيه دعوات للإضراب تحت عنوان "إضراب النشامى والرجالة"، وذلك بالتزامن مع دعوات أطلقت في مصر للإضراب في اليوم الذي يصادف بلوغ الرئيس المصري حسني مبارك 80 عاماً. حدد مروجو الإضراب في الأردن آلية تنفيذ الإضراب؛ بالتأخر عن التوجه للعمل حتى الحادية عشرة صباحاً، رفع الأعلام الأردنية على أسطح المنازل، عدم شراء السلع باستثناء الضروري منها. وتبلورت مطالبهم بدعوة الحكومة ل"بذل جهود حقيقية للحد من ارتفاع الأسعار، تثبيت أسعار الغاز والكهرباء، وقف بيع ممتلكات الوطن، إنصاف موظفي القطاع الخاص، ووضع ضوابط قانونية ملزمة للشركات لرفع رواتبهم". بعد أيام من إطلاق دعوى الإضراب، استخدم بعضهم الموقع لتوجيه رسائل إلى الديوان الملكي، فقال عبود آل علي في رسالته: "حكومات غائبة، وتجار احترفوا زيادة الأسعار، وشعب يئن، هو ليس في عبدون ودير غبار، إنه في كل قرية وشارع على امتداد الوطن، سيدي ضاقت به الحياة". ويخاطب أحد المشاركين المواطنين محاولاً بث الحماسة فيهم: "الخائفون لا يصنعون الحرية. المترددون لن تقوى أيديهم المرتعشة على البناء". ووجه أصحاب فكرة الإضراب بأصوات مناوئة ،فظهرت مجموعة عبر الموقع نفسه الذي أطلقت منه الدعوة (Face book) تحمل اسم "إحنا كلنا أردنية"، شارك منها نحو 200 عضو، وتبناها شاب أطلق على نفسه اسم حمزة. يقول: "كلنا ضد الإضراب، إحنا بنعتز ببلدنا، وجئنا لنبين ولاءنا وانتماءنا للأردن". دعوة إضراب 4 أيار/ مايو فتحت شهية شباب في الدول المجاورة، فتمنى الشاب السوري بسام أن يؤسس لدعوة مماثلة في سورية، كما طالب محمد من فلسطين بنقل التجربة إلى الأراضي الفلسطينية لا سيما قطاع غزة. وعبر أحد المــدونيــن عبـــر مــدونة (Jordanian issues) عن امتعاضه من شعار دعوة الإضراب: "النشامى والرجالة"، واصفاً الشعار بأنه يرشح عن ذكورية قاسية في المجتمع. أحد منظمي دعوة الإضراب الذي اختار له اسماً مستعاراً" نشمي، جدع" يقول: إن فكرة الإضراب خطرت له حين نظر إلى والدته: "نظرت إلى عيني والدتي وتمنيت لو أنني لم آت إلى الدنيا، ما هو ذنبنا حتى نكون غير قادرين على العيش لهذه الدرجة". لم تشارك القوى السياسيةمن أحزاب، نقابات،, منظمات مجتمع مدني في الإضراب، في حين ارتأى قائمون على "حركة اليسار الاجتماعي" التوأمة مع مطلقي الدعوة وتواصلوا معهم عبر المراسلات بحسب الناشط في الحركة مهدي السعافين: "خاطبنا النقابات المهنية والعمالية والعديد من القوى السياسية، لكن لم نجد استجابة لدعوتنا سوى من قبل بعض عمال المياومة، الذين قرروا عدم التوجه إلى عملهم قبل الحادية عشرة صباحاً." نقيب المهندسين، وائل السقا، اعتبر اللجوء إلى الدعوة للإضراب من خلال شبكة الإنترنت غير فعال، وأن الإضراب والتنظيم والتحضير له يحتاج إلى عمل مطول وتشكيل لجان متابعة وتنسيق:"ندعو في النقابات المهنية لمسيرات واعتصامات وندوات تكون معدة مسبقاً وبالكاد يحضرها مائتا مشارك، رغم كل التحضيرات المسبقة ،فكيف بإضراب تمت الدعوة له من خلال الإنترنت دون رؤى واضحة". يضيف السقا " يمكن استغلال الإنترنت للتصويت على قضايا، أو التعبير عنها أو الدعوة لها ،لكن ليس للتحضير لإضراب أو نشاط جماهيري يراد له النجاح". ينفي السقا أن تكون النقابات تلقت دعوة للمشاركة في المناسبة" ليس هناك من دعوة حقيقية تلقتها النقابات المهنية، وان كان تم وضع دعوة في مجمع النقابات، فالنقابات ذات إدارات واستقلالية كاملة، وهي مؤسسات فاعلة وليست غرفة صغيرة، وكان من الواجب الحديث مطولاً حول الموضوع ورسم خطوط واضحة له". مدير مركز الأردن الجديد للدراسات هاني الحوراني ينفي بدوره تلقي المركز الدعوة للإضراب "رغم أن المركز لديه موقع الكتروني منذ منتصف التسعينيات وعنوانه معروف، إلا أنه لم يتلق دعوة بهذا الخصوص". يضيف الحوراني: " الإنترنت يحتل مكانة مميزة وزاد الاعتماد عليه في مناحي الحياة المختلفة، إلا أنه لم يبلغ بعد مرحلة الترويج من خلاله لنشاطات من هذا القبيل. يجب أن تؤخذ مكانة الواقع الافتراضي في المرات المقبلة عند محاولة القيام بمثل هذه النشاطات. من السابق لأوانه الدعوة لمثل هذه النشاطات من خلال الإنترنت". يقول الموظف في شركة تصميم خالد حفظي إنه سمع بالإضراب ووصلته رسالة عبر نافذته في موقع face book ،لكنه لم يحبذ الاستجابة له أو المشاركة فيه :"أهداف الإضراب فضفاضة، ومن هم وراء هذا الإضراب مجهولون، وأعتقد أنهم يحاولون (الفشخرة) السياسية فقط دون رؤية واضحة، أما الموقع المروج من خلاله للإضراب فهو موقع تعارف ،وليس من المنطق تحويله إلى منبر لمحاولة نشر أفكار مشتتة ومبعثرة في الهواء الرقمي، لذلك لم أشارك به". موظف محل الملابس باسل داوود: "لم أسمع عن الإضراب إلا في اليوم التالي له، من خلال أحاديث زملائي في السوق عنه، وأن شيئاً لم يحدث في اليوم السابق. الطريقة التي تمت الدعوة من خلالها ليست جدية بالقدر الكافي، وليس كل المواطنين الأردنيين على معرفة بعالم الإنترنت". لم تلق دعوة الإضراب استجابة، ولو جزئية، كما حدث في مصر التي انطلقت فيها الدعوات قبل ذلك، ولم ينجح القائمون على الاضراب في محاكاة الحالة المصرية، لأن مصر هي مصر والأردن هو الأردن، لكل ظروفه وطريقة تفاعله وتعبيره عن الأحداث.هكذا مضى الرابع من أيار الأردني كالثالث من الشهر ذاته وكما مر الخامس من الشهر ذاته أيضاً، دون أن يحدث شيء أبعد من أصداء إعلامية. |
|
|||||||||||||