العدد 24 - اقتصادي | ||||||||||||||
قلل خبراء وعاملون في السوق من فعالية الخطوات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة لتخفيض أسعار المواد الغذائية الرئيسية عبر إعفائها من الضرائب والرسوم، في الوقت الذي ما زالت تشهد فيه الأسواق انفلاتاً في أسعار المواد الغذائية وسط استياء شعبي عارم. وزارة الصناعة والتجارة، وبالتنسيق مع نقابة تجار المواد الغذائية، أصدرت قائمة "إرشادية" هي الأولى من نوعها، لأسعار السلع التي تم إعفاؤها من ضريبة المبيعات والرسوم الجمركية بسعر الجملة، بناء على قرار مجلس الوزراء في منتصف الشهر الحالي بإلغاء الرسوم الجمركية على مواد غذائية أساسية، أبرزها الذبائح، واللحوم، والأسماك المجمدة التي تتراوح بين 5 و22 بالمئة. هدف هذه القائمة هي أن يطلع المستهلك على كلفة هذه المواد بالجملة، ومن ثم معرفة هوامش الربح التي يحصل عليها أصحاب محال التجزئة، وبالمحصلة رفع قدرة المستهلكين على صنع قرارات تتعلق بمشترياتهم. ولكن السوق التي تتبع سياسة الحكومة "الانفتاحية" و"التنافسية"، تشهد، بحسب عاملين في السوق وخبراء، تذبذباً واسعاً في الأسعار، وفوارق أرباح كبيرة بعيدة كثيراً عن أسعار الجملة. المحلل الاقتصادي، حسام عايش، قال: إن خطوة الحكومة والنقابة قد تكون إيجابية، "لكنها ليست كافية في ظل عدم وجود أدوات تلزم التجار بتخفيض الأسعار." الارتفاع المتواصل لأسعار المحروقات، من جهة أخرى يسهم، بحسب محللين، في إضعاف قرارات الحكومة، خصوصاً وأن السياسة النقدية التي تربط الدينار بالدولار "الضعيف" تقلل من القيمة الشرائية للدينار في الأسواق العالمية. المحلل الاقتصادي، يوسف منصور، قال: إن السياسة النقدية الأردنية ما تزال "منقوصة"، وتبقي الدينار خاضعاً للعرض والطلب، فيما ترتفع أسعار البترول الذي يسهم بشكل مباشر وغير مباشر، في رفع فاتورة استهلاك المواطن بنسبة 20 بالمائة. القائمة التي أصدرتها النقابة لن تحقق هدفها لأن "كلفة الحركة" بحسب عايش ستؤثر على قدرة المواطنين على الذهاب إلى الأماكن ذات هوامش الربح القليلة. محمد السالمي، الذي يسكن في منطقة تلاع العلي، قال إنه اعتاد قبل ارتفاع أسعار المحروقات ابتياع حاجياته من ماركا الشمالية أو مخيم الحسين، ولكنه عَدِل عن ذلك بعد أن احتسب كلفة ذهابه وإيابه بالسيارة، خصوصاً بعد ارتفاع أسعار المحرقات، التي تتجاوز الوفر الذي يحققه عبر شرائه من هاتين المنطقتين. يقول: "حاولت أيضاً أن أقوم بتجميع مشترياتي ومراكمتها بحيث أشتري معظم أغراضي دفعة واحدة، ولكن هذا أيضاً لم يساهم في التخفيف من المصروف." عايش، يستشهد على عدم فعالية القائمة بقائمة "إرشادية" أخرى تضعها أسواق الخضار المركزية لأسعار الجملة التي لم تفلح في تخفيض أسعار الخضار، خصوصاً وأن أسعارها في محلات التجزئة تتجاوز أضعاف أسعارها في "الحسبة المركزية." إلى ذلك، قال مدير المبيعات في أحد المولات إنه لم يلمس بعد أي انخفاض لأسعار المواد التموينية من تجار الجملة في ظل انخفاض المبيعات، وتوجه المواطنين إلى البحث عن بدائل أرخص للمواد التموينية التي يحتاجونها. يقول: "لاحظت مثلاً انخفاض مبيعات جبنة أبو الولد، والبقرة الضاحكة، التي زادت أسعارها بنحو 30 بالمائة (من 40 إلى 65 قرشاً) إلى شراء جبنة بوي التي ما زال سعرها أقل من 35 قرشاً." غير أن نقيب تجار المواد الغذائية، خليل الحاج توفيق، توقع أن تشهد أسعار المواد الغذائية التي حددت أسعارها مثل: الأرز، والسكر انخفاضاً يصل إلى 20 بالمئة، خصوصاً وأن الحكومة أوعزت إلى تجار الجملة والمستوردين بتحديد أسعار هاتين المادتين على العبوات التي توزع في السوق. الحاج توفيق، طالب أصحاب محلات التجزئة بعكس قيمة التخفيض في الأسعار لصالح المواطنين، والرضى بهامش ربحي بسيط من شأنه زيادة المبيعات وتحريك السوق الذي يقدر الحاج توفيق انخفاض حجم مبيعاته بنحو 50 بالمائة. إلى ذلك، طالب عايش الحكومة بتشكيل هيئة عليا للاستهلاك والأسعار لاستيراد المواد الغذائية الأساسية ومراقبة الأسواق لتفعيل خطوات الحكومة التي ترمي إلى خفض الأسعار. وقال: "هذه الإجراءات ستظل تجميلية وترقيعية ما لم تخلق الحكومة آليات فعالة لضمان تنفيذها. الحكومة يجب أن تفكر، بشكل استراتيجي، وليس متابعة سياسة القرارات الاسترضائية التي تصطدم بسوق اعتاد على رفع الهوامش الربحية بغض النظر عن حجم المبيعات." |
|
|||||||||||||