العدد 24 - دولي | ||||||||||||||
لم تكن قد مضت سوى عدة أيام على استعداد بكين للتفاوض مع ممثلين عن الدلاي لاما حول وضع الأقلية التبتية في الصين، حين صدرت أحكام اعتبرت قاسية على عدد من الأشخاص الذين اتهموا بالتسبب في أضرار لحقت بممتلكات الدولة وممتلكات خاصة، في أثناء ما عرف بانتفاضة لاسا التي شهدتها عاصمة إقليم التيبت في شهر آذار الماضي. الأحكام، التي راوحت بين ثلاث وعشر سنوات لبعض المتظاهرين، تضمنت أيضا حكما مدى الحياة على أحد المشاركين في تلك الأحداث، «لقيادته مجموعة من المتظاهرين الذين أحرقوا سيارات وحطموا مراكز للشرطة وهاجموا رجال الإطفاء الذين جاؤوا ليخمدوا النيران المشتعلة.» وقد اعتبرت الأحكام جزءا من الحرب الإعلامية والسياسية الدائرة بين النظام الصيني الذي يتوق إلى أن يرى دورة الألعاب الأوليمبية وقد عقدت بنجاح (فلا خلاف على عقدها من حيث المبدأ) في عدد من المدن الصينية في شهر آب المقبل، وبين الأقلية التيبتية التي قامت بكثير من أشكال الاحتجاج ضد الصين التي يتهمها هؤلاء بتغييب هويتهم القومية، وبتطبيق نظام قمعي صارم ضدهم. في خضم هذه المعركة يقف الدلاي لاما، زعيم التيبت المنفي منذ العام 1959، الذي يعتبره سكان التيبت زعيما روحيا وسياسيا لهم، فيما تعتبره بكين محرضا على أعمال العنف وداعية لانفصال التيبت عن الصين. وكان الدلاي لاما الذي فاوض الزعيم الصيني الراحل ما تسي تونغ سنوات قبل أن يغادر التيبت هاربا إلى الهند حيث يقيم، قد أعلن أنه لا يدعو إلى الانفصال عن الصين، وأن كل ما يطالب به هو «الاستقلال الثقافي»، بمعنى الحصول على حقوق ثقافية للأقلية التبيتية. وقد حققت اللهجة المهادنة للدلاي لاما ومطالبه المتواضعة تأييدا له في كثير من عواصم الغرب والعالم. لكن العنصر الأكثر أهمية، ربما، هو الألعاب الأوليمبية التي تنوي الصين استضافتها، والتي فعلت الكثير من أجل إنجاحها. فمن الواضح أن الأقلية التيبتية، وكثير من مناصريها في أنحاء العالم، قد وجدوا فرصة في الحصول من الصين على تنازلات سياسية تستفيد منها التيبت أساسا، قبل أن تعقد الدورة الأوليمبية. فيما تخشى الصين من حدوث ما يعكر صفو الألعاب الأوليمبية خلال فترة انعقادها، من خلال حدوث أعمال شغب شبيهة بتلك التي حدثت في مدينة لاسا في الشهر الماضي. على هذا الخيط المشدود يسير الطرفان، فالدلاي لاما كثف من تصريحاته ذات الطبيعة المعتدلة لأنه يعرف أن المطالب المتشددة لن تجد لها آذانا صاغية في الصين التي تعتبر قضية التيبت قضية قومية لا تنازل جوهريا فيها. أما الصين فيهمها أن تبدو مرنة تجاه الأقليات القومية التي تعيش في الصين، ومنها التيبتية، خاصة وأن عددا من الأحداث المنذرة قد وقعت خلال عملية نقل الشعلة الأوليمبية من اليونان إلى الصين، حيث قامت احتجاجات في عدد من المدن التي مر موكب الشعلة في شوارعها. أما الأمر الثاني، فهو تهديد عدد من دول أوروبا بالتغيب عن حفل افتتاح الدورة الأوليمبية، وبعضهم، مثل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، قرر المقاطعة عقب أحداث لاسا في الشهر الماضي، وهو ما تريد الصين تجنبه. |
|
|||||||||||||