العدد 24 - اقليمي
 

القدس-- بعد ان كان الاجتياح الشامل هو الخيار الوحيد الذي تهدد به اسرائيل لاسكات الصواريخ المنطلقة من قطاع غزة، بدأت تلوح في الافق، بوادر وملامح اتفاق فلسطيني- اسرائيلي، برعاية مصرية ودعم اميركي، على تهدئة متبادلة ومتزامنة، وشاملة في مرحلة لاحقة، بخلاف ما كان عليه الامر في مرات سابقة.

هذه البوادر مهدت لها وقائع ومتغيرات على الارض تمثلت في الاجتياحات الاسرائيلية الدموية والحصار الخانق المفروض على قطاع غزة وتسبب في ازمة انسانية غير مسبوقة، الى جانب سلسلة عمليات نوعية شنتها فصائل المقاومة وابرزها الهجوم على "ناحل عوز" و"كرم ابو سالم" ومعبر "ايرز" اضافة الى عمليات اطلاق الصواريخ والقذائف باتجاه المستعمرات والمواقع الاسرائيلية.

وتلعب القاهرة مرة اخرى الدور الرئيس في تحقيق التهدئة مع الفارق هذه المرة انها هي "صاحبة المبادرة"، وليس حماس، وهو ما حرص رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل على تاكيده في مؤتمره الصحافي في الدوحة وفي حديثه لقناة الجزيرة القطرية.

ويسعى مشعل من وراء ذلك الى القاء الكرة في الملعبين المصري والاسرائيلي، حتى لا يكون الاستحقاق - من طرف واحد هو حماس والفصائل الفلسطينية. ولهذا طلبت حماس التزاما رسميا من جانب اسرائيل وبضمانة مصرية. كما حرصت ان تحصل على التزام مصري بفتح معبر رفح اذا رفضت اسرائيل شروط التهدئة، وفقا لتاكيد قيادات في الحركة.

وقد وصل ممثلون عن الفصائل - باستثناء حركة فتح- من اجل التباحث مع مدير المخابرات المصرية الوزير عمر سليمان حول شكل التهدئة وشروطها، فيما تنتظر تل ابيب ما ستخرج به الفصائل من اجل اعلان موقفها النهائي والرسمي.

وتتضمن التهدئة المطروحة فتح المعابر ورفع الحصار عن قطاع غزة والمفروض بشكل كامل منذ حزيران 2007، مقابل توقف الفصائل في القطاع عن اطلاق الصواريخ باتجاه المستعمرات الاسرائيلية، لكنها لا تشمل صفقة تحرير الجندي الاسرائيلي الاسير في غزة.

وفي تعليقه على الطريقة التي اديرت بها مباحثات التهدئة، قال تسفي برئيل في مقال له في صحيفة " هارتس" في 27 نيسان ان حماس حبست مصر واسرائيل في بوتقة واحدة. فرفض اسرائيل لاقتراح التهدئة من شانه ان يضع مصر في وضع حرج. فإذا لم تسمح القاهرة بفتح معبر رفح فانها قد تقف امام اقتحام عنيف للمعبر كما حصل في كانون الثاني الماضي، ، واذا سمحت للفلسطينيين بعبور حر في رفح فقد تخلق ازمة في علاقاتها مع اسرائيل".

اما اسرائيل فان حاجتها للتهدئة ورغبتها في الاحتفال  بالذكرى الستين لقيامها،  في اجواء هادئة، تفوق هذه المرة حاجة الفلسطينيين بشكل عام وحركة حماس بشكل خاص رغم ما يعنيه ذلك من تثبيت لمكانتها كطرف قوي في المعادلة استطاع ان يرفع الحصار دون ان يقدم تنازلات في القضايا السياسية.

 يذكر ان اسرائيل كانت على الدوام تبرر رفضها لوقف هجماتها على القطاع بان اية تهدئة ستساعد حماس في تعزيز قوتها والاستعداد لجولة الصراع القادمة".

فقد نقلت صحيفة "جيروزالم بوست" في عددها الصادر الاثنين الماضي عن مسؤولين في وزارة الدفاع الإسرائيلية قولهم إن الولايات المتحدة ومصر تمارسان ضغوطا على إسرائيل لحملها على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة قبل الزيارة التي يعتزم الرئيس بوش القيام بها إلى إسرائيل منتصف الشهر المقبل.

ونقلت صحيفة " معاريف" عن مصدر عسكري اسرائيلي كبير القول: واضح اننا امام معضلة. عمر سليمان بذل وباسناد اسرائيلي بذل جهودا كبيرة لبلورة اتفاق التهدئة واذا ما افشلنا هذه الجهود فاننا سنمس بمصر وبعملية الوساطة في تحرير شاليت.

ولمحت مصادر اسرائيلية الى استعداد الحكومة الاسرائيلية لقبول التهدئة بشرط ان تقبل كافة الفصائل الفلسطينية وعلى راسها الجهاد الاسلامي بهذه التهدئة وبالتالي توقف الصواريخ من القطاع.

كما اعلنت جهات امنية اسرائيلية ان وزير الامن الاسرائيلي ايهود باراك يميل الى اقرار اتفاق التهدئة بشرط ان تسبق الخطوة ضمانة مصرية بتنفيذ الشروط، ودفع عملية تحرير الجندي الاسير جلعاد شاليت.

واذا ما تكللت الجهود المصرية في تحقيق تهدئة فان حركة حماس تكون استعادت زمام الامور بيدها ونجحت في اختراق الطوق المفروض عليها من خلال الحصار. اما التوغلات وعمليات القتل هنا وهناك فهدفها ان تكون اسرائيل من يطلق الطلقة الاخيرة قبل التهدئة.

القاهرة تنشط مجددا وبوادر قبول اسرائيلي بالتهدئة 
 
01-May-2008
 
العدد 24