العدد 24 - أردني | ||||||||||||||
نهاد الجريري لا تتوافر احصائيات حول عدد العاملات في قطاع السكرتاريا. السكرتيرة التي تعمل في مكتب طبيب تتبع لنقابة العاملين في الخدمات الصحية، والتي تعمل في مصنع إسمنت تتبع لنقابة العاملين في الخدمات الإنشائية، وفي مكتب المحامي لنقابة العاملين في الخدمات القانونية وهكذا. وعليه يقدر عدد السكرتيرات العاملات في القطاع الصحي الخاص، مثلا، بـ 3800 عاملة، في العاصمة وحدها، وذلك من خلال احتساب أن ثمة 3000 عيادة طب عام واختصاص منتشرة في عمّان إلى جانب 800 عيادة أسنان. هنادي السوداني، رئيسة لجنة المرأة، في نقابة الخدمات الصحية، تقول إن "القطاع غير منظم، ولا معايير تحكمه". بهذا يظل القطاع محكوماً "لمزاجية" صاحب المكتب أو العيادة. هذه "العشوائية" تنعكس على وضع السكرتيرات وطبيعة المشاكل التي يتعرضن لها. السوداني تعتبر أن أهم هذه المشاكل هي تدني الرواتب التي تراوح ما بين 60 ديناراً و180 ديناراً في أحسن الأحوال. وتلفت إلى أن الرواتب لا تغطي التأمين الصحي أو الضمان الاجتماعي، ولا تشتمل على زيادات معقولة لا تزيد على 5 أو 10 دنانير سنوياً. ساعات العمل تصل في معظم الأحيان إلى 12 ساعة يوميا ستة أيام في الأسبوع. وتلفت السوداني إلى أن أعداداً قليلة من العاملات في قطاع السكرتاريا يعلمن بوجود نقابات تستطيع أن توفر لهن غطاءً من الحماية أمام بعض الممارسات "المجحفة" من حيث الرواتب وظروف العمل وغيرها. هداية وحنان هداية شابة في مقتبل العمر، حصلت للتو على شهادة الشامل تخصص حاسوب. تعمل سكرتيرة لثلاث عيادات منذ حوالي عام بمعدل 10 ساعات يوميا- من 9 صباحا حتى 7 مساء. بدأت بتقاضي راتب 120 دينارا، وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة ارتفع إلى 180 دينارا ولكن "بطلوع الروح". تقول هداية "في البداية قال لي الأطباء الثلاثة إنني سأمارس مهامي كأي سكرتيرة: أحضر الأوراق والمواعيد، وأرد على التلفونات، وأحاسب المرضى." لكن هداية الآن تقوم بأعمال التنظيف كاملة في العيادات الثلاث، وتتحسر "حتى إنني أحمل كيس القمامة من الأعلى إلى الحاوية على الشارع، لكن أهلي لا يعلمون بذلك!". في محاولة منها كي لا تشعر بـ"انكسار النفس"، صارت تبادر إلى صنع القهوة والشاي "للدكاترة" وضيوفهم، لتوفر على نفسها سماع "الأوامر" بإحضار "الضيافة". هداية مضطرة للاستمرار بالعمل. لا تعيل أحدا من أفراد أسرتها لكنها تقول "منذ عام أنا أصرف على نفسي ودراستي، لا أستطيع أن أحكي لأهلي: أعطوني." تجربة حنان في مكتب خاص لم تكن أفضل من تجربة هداية. حنان كانت في العشرين من عمرها، حين اضطرت للعمل إذ توفي والدها بعد أشهر من التحاق أخيها الأصغر بالجامعة. ولها إخوة آخرون أصغر منها سنا. بدأت براتب 150 دينارا في الشهر. وكم كانت فرحتها غامرة في العيد حين اشترت لأصغر إخوتها وعمره 6 سنوات "بدلة سفاري بطاقية". بعد مضي شهرين فقط على عملها، بدأت حنان تشعر بتغير في سلوك "مديرها". فتحولت كلمات الإطراء التي كانت تتقبلها ببراءة –على اعتبار أنه "بعمر والدها"- إلى تحرش ومضايقات. وتقول: "صار يحاول أن يتقرب مني، ويمسك بيدي، أو يتحسسني، ومرة جذبني اليه وحاول تقبيلي". في يوم، خرجت من المكتب تجهش بالبكاء. رفضت حنان أن تفصح عمّا حدث في ذلك اليوم. اكتفت بالقول إنها غادرت المكان من دون رجعة. حكاية حنان ليست فريدة من نوعها،هناك الكثير من النماذج التي تشبهها في ظروف عمل السكرتيرات ، مما يصلح سيناريوهات لمسلسلات تلفزيونية. |
|
|||||||||||||