العدد 24 - أردني
 

سليمان البزور

شهد الأردن منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، ولادة قطاعات عمل جديدة نشأت في ظل التطورات الاقتصادية المرافقة للعولمة والانفتاح، أبرزها، قطاع تكنولوجيا المعلومات الذي تشكل الاتصالات وشبكة الإنترنت عصبه الرئيسي، بحجم استثمارات يقدر بنحو 120 مليون دينار في الاتصالات، وأربعة ملايين دينار في قطاع الإنترنت.

مع نشاط قطاع الاتصالات وانتشار استخدام الإنترنت، فتحت مقاهٍ في الأردن تقدم خدمة الإنترنت، بلغت زهاء 700 مقهى، ويعمل فيها نحو ألف مستخدم، ما بين أصحاب عمل وعمال، فيما يبلغ عدد العاملين في قطاع الاتصالات الثابتة والمتنقلة والبطاقات المدفوعة مسبقاً، 18 ألف موظف بشكل مباشر في شركات الاتصالات وحوالي 60 ألف مستخدم بشكل غير مباشر، في مراكز البيع والخدمات المساندة للقطاع.

لا توجد مظلة نقابية للعاملين في قطاع الاتصالات تؤطر عملهم، أو تتبنى قضاياهم العمالية، ويبقى الخيار متاحاً لهم للانتساب إلى النقابة العامة للعاملين في الخدمات العامة والمهن الحرة، التي لا يتجاوز عدد منتسبيها 1700 عضو مسجل في تلك النقابة. وتشكل هذه النقابة عنواناً فضفاضاً للعمل النقابي حيث تفتح أبوابها أمام العاملين في دور التمثيل والسينما والمسارح والملاهي، المطاعم، والمقاهي، والفنادق، الخدمات الاجتماعية كالجمعيات الخيرية والتعاونية، الاتصالات السلكية واللاسلكية، الهيئات والمؤسسات والشركات المشرفة على الأعمال السابقة.

يقول أمين سر النقابة خالد محمد إن نسبة منتسبي النقابة من قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لا تتجاوز 500 منتسب، أي نحو 30 بالمئة من عدد المنتسبين للنقابة. ويقر خالد بأنه لا توجد قاعدة بيانات عن خلفية هؤلاء المنتسبين العلمية، وبخاصة أن قانون النقابة يسمح لأي شخص بالانتساب إليه، شرط أن يعرف القراءة والكتابة.

تقوم هيئة تنظيم قطاع الاتصالات بالتعاون مع شركات الاتصالات ومزودي خدمات الإنترنت بمنح رخص فتح مقاهي الإنترنت ومحلات مستلزمات الهواتف المتنقلة، فيما يقتصر دور هيئة تنظيم قطاع الاتصالات على منح الرخص وتحديد الترددات وتنظيم العمل دون تدخل أو إشراف على العاملين في هذه القطاعات.

يقر عمال وأصحاب عمل في قطاعي الاتصالات والإنترنت بعزوفهم عن الانخراط في صفوف التنظيم النقابي في نقابة العاملين في مهن الخدمات العامة والمهن الحرة، لا سيما أنهم "لا يرون دوراً يذكر لتلك النقابة".

محمد رشيد، موظف في محل بيع هواتف وبطاقات مدفوعة مسبقاً، يقول: "أعمل في محل الاتصالات هذا منذ العام 2005، وأتقاضى راتباً مقداره 130 ديناراً لقاء عملي منذ الساعة التاسعة صباحاً، لغاية الثامنة مساء، إذ يأتي صاحب العمل ويستلم الغلة والحسابات، ومن ثم يجلس في المحل لساعة أو ساعتين قبل إغلاق المحل". يضيف رشيد "لا أنتسب لأية نقابة أو تنظيم مهني، كما أنني لا أخضع للضمان الاجتماعي أو التأمين الصحي"، معللاً سبب عزوفه عن التنظيم النقابي بأنه لا يرى للنقابات العمالية أي دور يذكر، وأنها لا تقدم شيئاً ملموسا لمنتسبيها.

بلغ حجم مساهمة قطاع الاتصالات حوالي 6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، في حين بلغ حجم ما تم توريده من قطاع الاتصالات لخزينة الدولة نحو 950 مليون دينار في الفترة 2003-2006، بما يعادل زهاء 330 مليون سنوياً، حيث تدفع الشركات 15 بالمئة ضريبة دخل، و10بالمئة مشاركة في العوائد مع الحكومة، بالإضافة إلى 20.5 بالمئة تورّدها الشركات إلى الخزينة ضريبة مبيعات وضريبة خاصة.

عاصم جواد، صاحب محل إنترنت، يقول إنه لا ينتسب إلى أي تنظيم نقابي عمالي، ويضيف: "لا أعتقد أن انتسابي لنقابة سيغير شيئا في طريقة عملي، لأن عملنا يعتمد بدرجة أولى على تأجير الزبائن خدمة مقابل مال"، يشغّل جواد في محله الخاص بالإنترنت ثلاثة موظفين تتراوح مرتباتهم بين 120 و200 دينار، أحد هؤلاء الموظفين خبير في برامج الصيانة وتقنيات الكمبيوتر.

أحمد عبده صاحب مقهى إنترنت، يقول حول السبب الذي دفعه إلى افتتاح المحل: "رأيت الحاجة تتنامى، وبخاصة من فئة الشباب لتقنية الإنترنت، وسألت بعض أصدقائي عن تكلفة تشغيل مقهى إنترنت، وسمعت منهم أن هذا العمل يدر أرباحاً كبيرة، لذلك فأنا أعمل في النهار مدرساً في القطاع الخاص، بينما يدير المقهى أثناء النهار موظف متخصص في التمريض، ما زال حتى اليوم لم يحصل على وظيفة، وأعطيه 125 ديناراً في الشهر".

تقدّر إحصاءات العالم للإنترنت عدد مستخدمي الانترنت في الأردن بنحو 797 ألف مستخدم، بنسبة انتشار تناهز 13.2 بالمئة، فيما تتوقع الإستراتيجية الوطنية لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، رفع هذه النسبة إلى 50 بالمئة في العام 2011.

يمتلك الأردن رقماً عالمياً بعدد مقاهي الإنترنت في شارع شفيق إرشيدات بإربد والذي يبلغ زهاء 130 مقهى، ما مكّنه من دخول كتاب "غينس" للأرقام القياسية.

في كانون الأول/ ديسمبر 2000 صدر أول قرار لتنظيم عمل مقاهي الانترنت من قبل هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، وجاء في القرار إن «الحكومة مسؤولة، عن إصدار تراخيص تشغيل مقاهي الانترنت» شرط أن يكون صاحب المقهى «أردني الجنسية، يتمتع بالسمعة الحسنة ولم يسبق الحكم عليه في قضية مخلة بالشرف أو الأمانة». وألزم القرار مديري المقاهي بتسجيل أسماء الرواد وأرقام هوياتهم الشخصية ووقت الاستخدام في بيان شهري يتضمن المواقع التي قام الزوار بتفحصها.

تكنولوجيا الاتصالات.. قطاع نشأ في ظل العولمة
 
01-May-2008
 
العدد 24