العدد 24 - رزنامه | ||||||||||||||
السّجل - خاص
يعيد معرض "بيوت من نابلس - حارة الياسمينة" للفنان محمد الجالوس، الوهجَ المعماري والحضاري والاجتماعي الذي أسرَ الفنانَ خلال زيارته للمدينة المحتلة سنة 1998، فاحتفظ في أرشيفه بعدد من اللوحات لهذه الحارة، ليعود إليها بعد أربع سنوات مستذكراً إياها، ومعيداً صوغ مفرداتها المعمارية والجمالية بريشته، رداً على اجتياح قوات الاحتلال الإسرائيلي المدينةَ وهدمها كثيراً من معالم الحارة. ويؤشر المعرض المقام على قاعة فخر النساء زيد في المركز الثقافي الملكي إلى الأسلوب الذي وسم، منجَز الجالوس في إحدى مراحل تجربته في رسم المدن، وهو المشروع الذي كان استهلّه سنة 1992 ببلدة الفحيص، ثم السلط، فالقدس، وأخيراً نابلس. ويرى الجالوس في تصريح لـ"السّجل" أن هذا المعرض يأتي خارج سياق تجربته المعاصرة، موضحاً أن دور الفنان والتزامه يقتضيان أن يقدم وثائق للمكان تحفظ ذاكرته التي هي، في الأساس، جزء من حضارته وهويته، لذا تبدو هذه التجربة "مسؤولية شخصية» تؤكد الدور الذي يراه الجالوس ضرورياً للفنان في الحفاظ على المكان. يضم المعرض لوحات مائية وجداريتين زيتيتين، وهو لا يخرج عن الدائرة اللونية التي كان الفنان اشتغل عليها في رسمه للمدن، مع مراعاة خصوصية «حارة الياسمينة» التي تبرز من خلال الأقواس والأبواب والنوافذ، وكأنما هي بيت له باب واحد يحوي في داخله أبواباً ونوافذ صغيرة متعددة، بحيث يبدو الزائر وكأنه لا يدخل حارة، وإنما بيتاً واحداً يسكن فيه أشخاص كثيرون. وإبرازاً للحميمة التي تجمع ساكني الحارة وبساطة أجوائها، اعتمدت اللوحات المعروضة على الألوان الترابية أو المائلة إلى الترابية التي تصور طبوغرافية المكان والمباني القديمة المشيدة بحجارته. كما لجأ الفنان في تصوير الفضاء الخارجي الذي يحتضن الشكل المعماري إلى الألوان الفاتحة من الأبيض والأزرق السماوي اللذين يمنحان المشاهد إحساساً بذلك الضوء المشع الذي يغمر المكان. يشتغل الجالوس في هذا المعرض، كما غيره من معارضه السابقة عن المدن، على المشهد المرئي الذي يرتبط معه الفنان بعلاقات متداخلة، وهو ما يؤكده الجالوس في هذه التجربة التي يعدّها محطة يستعيد من خلالها علاقته بالطبيعة التي ظلت «مصدراً للتجريد» الذي يحبه وينتمي إليه، موضحاً: «هنا أرتق علاقتي بالمرئي وأنجز وثيقة للمكان، أجد أنها تشكل جزءاً أساسياً من عملي كرسام». ولد الجالوس في عمّان سنة 1960، درس الفن في معهد الفنون الجميلة بعمّان، حصل على بكالوريوس في إدارة الأعمال من الجامعة الأردنية، وهو عضو رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين، ورئيسها خلال العام 2003. أصدر الجالوس عدداً من الكتب في النقد والقصة القصيرة. حصل على شهادة تقدير مهرجان موسكرون الدولي للفنون التشكيلية سنة 1996. وأُنتج عن حياته وفنه فيلم تلفزيوني بعنوان «هؤلاء الآخرون»، من إعداد وإخراج سوسن دروزة. |
|
|||||||||||||