العدد 23 - أردني
 

حسين أبو رمّان

الكرة الآن في ملعب طلبة الجامعات للتقدم خطوات على طريق تعزيز مشاركتهم في الحياة السياسية والحزبية، وفق الرؤية التي أطلقها الملك عبدالله الثاني من جامعة اليرموك للشباب الجامعي يوم الأحد الماضي.

الرؤية الملكية تضع الإصبع على خلل استفحل في الجامعات الأردنية خلال العقدين الماضيين بتقييد العمل السياسي والحزبي، وتتوقف أمام الحاجة إلى وضع حد للعنف الطلابي في الجامعات.

تتجه الجامعات، على ما يبدو، إلى تبني تشريع يغلظ العقوبات على الطلبة المنخرطين في أعمال عنف في جامعاتهم. في حين أن الخبرة الاجتماعية المتراكمة تفيد أن المبالغة في معاقبة الطلبة على سلوك ناجم عن الانحياز للانتماءات الأولية في الجامعات، يخفف من المشكلة، لكنها لا تحلها، بينما المطلوب هو الحل لا مجرد توقيع عقوبات.

الحل معروف ومجرب، غير أن إدارات جامعية تخلت عن دورها التربوي، وكرسّت نمطاً "أمنياً"، قد يكون مريحاً لها من "وجع الرأس" الناجم عن أنشطة سياسية أو حزبية، لكنه يفرّخ عنفاً ينخر في النسيج الاجتماعي. مما ينقل مشكلات من خارج الجامعات إلى داخلها، بدل أن تتحول الجامعات إلى منارة هادية للمجتمع داخل الجامعات وخارجها.

الجديد في الأمر أن لقاء الملك مع طلبة اليرموك، ينطوي على مخاطبة الشباب مباشرة للتحرك باتجاه تفعيل دورهم في النشاط السياسي والحزبي، مؤكداً أنه سيكون داعماً لهذا التوجه وراعياً له. بهذا على الشباب المبادرة في عمل شيء ملموس في هذا الاتجاه دون انتظار أن تبدأ المبادرة من إدارات الجامعات.

شباب من هيئة شباب كلنا الأردن، اتفقوا على أن ترجمة التوجه الملكي، يبدأ من الشباب أنفسهم، وأن يستند إلى القناعة بأن هناك إرادة سياسية من رأس الدولة بدعم هذا التوجه.

أوساط شبابية أخرى، تركز على الدور الرسمي في "حلحلة" أمور توسيع نطاق الحرية والمشاركة السياسية في الجامعات.

معاذ وحشة، رئيس شبكة "شباب من أجل الديمقراطية" التابعة للهيئة الأردنية للثقافة الديمقراطية، يقول "إن المبادرة الملكية ممتازة وتأتي في وقتها، فهذا ما نطمح إليه كشباب"، لكن الجهات الرسمية من حكومات إلى إدارات جامعات "لا تترجم التوجه الملكي دائماً بالشكل أو المستوى المطلوب".

الشاب وحشة، يعتقد مع ذلك أن كون الدعوة الملكية انطلقت من داخل جامعة حكومية، فإن "إدارات الجامعات ستكون معنية بأخذ العبرة" منها، ولذا يتوقع أن "تبدي هذه الإدارات اهتماماً أكبر بفعل شيء في هذا الاتجاه". وحشة يشكو من أن البيروقراطية والمحسوبية في الجامعات تحد من المبادرة والإبداع الطلابي.

الناشط الشبابي أحمد العقرباوي يعتقد من جهته "أن تفاعلات الحديث الملكي للشباب ستكون متفاوتة بين إدارات الجامعات، ويتوقع أن تبذل إدارة جامعة اليرموك جهداً أكبر للتناغم مع التوجه الملكي".

"العنف الطلابي" احتل حيزاً في حديث الملك الذي دعا الطلبة أن يبدأوا هم بالفكرة، وأنه سيدعمهم. مما يؤكد أهمية الأفكار التي يمكن أن يبلورها الشباب أنفسهم ، وضرورة الاستماع إلى صوت الشباب ومقترحاتهم.

في كلتا الحالتين، إدارات الجامعات معنية بالمساعدة على ترجمة التوجه الملكي، من خلال عقد لقاءات على مستويات مختلفة لبحث الأمر مع الطلبة، وبلورة أفكار ومقترحات عملية.

الشاب وحشة يرى أن حالة الاستقطاب الراهنة في الجامعات بين تيارين رئيسيين؛ تيار الإسلاميين، وتيار "وطن"، لا تشجع على إشاعة مناخ تعددي. مؤكداً عزوف أعداد كبيرة من الطلبة عن أي عمل منظم، مثلما أن توجه الأحزاب من غير الإسلاميين إلى الطلبة الجامعيين شبه معدوم.

هناك أهمية المعرفة والتوعية لتبصير الشباب بالتحديات التي تواجههم. مع أهمية موازية للفن والإعلام في تحفيز الشباب على المشاركة السياسية والحزبية التي تعد الحل الأمثل لتجاوز مشكلة العنف الطلابي التي تمتد جذورها إلى التربية الأسرية والعشائرية. الجامعات ومنظمات المجتمع المدني مدعوة للتعاون ما بينها لتدريب الشباب على الحوار الفعال .

الشباب هم أكثر قطاعات المجتمع مصلحة في المساهمة بحل مشاكل البلاد بما يوفر مدخلاً لحل مشكلاتهم هم. حين يدعو الملك الشباب إلى المشاركة الواسعة في الحياة السياسية والحزبية، فإنه يعبر عن قناعته بأن الشباب هم عماد التنمية السياسية، وأن الارتقاء بقدرة المجتمع على تلبية متطلبات نهضته يبدأ من شريحة الشباب.

الجامعة تزهو كلما اتسعت مساحة الحرية فيها
 
24-Apr-2008
 
العدد 23