العدد 23 - أردني
 

جمانة غنيمات

مع انفجار الإشاعات حول صفقات بيع أراضي الدولة في الأسابيع الماضية يدور جدال في أوساط اقتصادية وشعبية حول عدالة قيمة صفقة بيع ميناء البضائع القديم في العقبة الذي أسس قبل خمسة عقود بقيمة 500 مليون دولار مقابل 3200 دونم ، إذ يرى البعض أن الموقع الاستراتيجي يستحق أعلى من هذه القيمة بكثير.

ويعتمد هؤلاء في تقديراتهم على قيم صفقات تمت في الماضي، إذ تمكن احد أصحاب الأراضي في العقبة من بيع سبعة دونمات بمبلغ عشرة ملايين دينار للدونم.

بقسمة مبلغ 500 مليون دولار على 3200 دونم يتضح أن قيمة الدونم الواحد تقارب 160 ألف دولار، فيما يرى مخمنون عقار أن القيمة العادلة تساوي 800 مليون دولار.

لكن، رئيس مفوضية منطقة العقبة الخاصة المهندس حسني أبو غيدا يشدد على أن الصفقة عادلة، ولا تمس سيادة البلد، مؤكداً أن بيع الميناء والأرض لا يعني بيع السيادة فالسيادة لا تباع ولا تنقل.

ويشدد على أن قيمة الصفقة مناسبة وتساوي القيمة السوقية لهذه المساحة، لا سيما وأن هناك اختلافاً كبيراً بين المواقع التي يضمها الاتفاق.

يضيف أبو غيدا إن العمل على إتمام الاتفاق بدا منذ فترة وليس وليد اللحظة. ويضيف أن قبول الاماراتيين بشروط الاتفاق يأتي تقديرا منهم للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها المملكة، وبخاصة وأن الاتفاق يشتمل على تأخير تسليم الأراضي لهم نصف عقد من الزمان.

أبو غيدا يؤكد عدالة قيمة الصفقة التي يقدرها بـ 500 مليون دولار لا سيما وان الاتفاق الذي وقعه وزير المالية حمد الكساسبة تضمن تسلم المبلغ واستخدامه في تغطية جزء من ديون نادي باريس المقدرة 4.2 مليار دولار، وذلك ضمن اتفاق وقعته الحكومة مع النادي شهر آذار الماضي.

بدون إعلان رسمي قامت الحكومة بتوقيع صفقة البيع مع شركة المعبر الدولية للاستثمار لتطوير 3200 دونم من أراضي العقبة منها أرض الميناء الرئيسي التي تقارب مساحتها 800 دونم يقع 159 دونماً منها على الساحل.

شركة المعبر الدولية للاستثمار هي شركة إماراتية مقرها أبو ظبي تم تأسيسها من قبل ائتلاف يضم شركات الاستثمار والتطوير في دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة بشكل عام ويضم الائتلاف شركات الدار، صروح، الريم، الريم الدولية والقدرة القابضة.

بموجب الاتفاقية ستسلم الحكومة الأرض المتضمنة موقع الميناء والأراضي المحيطة به ليتسنى لشركة المعبر الدولية للاستثمار التي مقرها أبو ظبي تطوير هذه الأراضي خلال فترات زمنية أقصاها 5 سنوات وتشتمل على إقامة منتجعات سياحية، ومشاريع عقارية بحجم استثمار يقدر بحوالي 5 مليارات دولار، واستحداث ما لا يقل عن 15 ألف فرصة عمل.

أبو غيدا يؤكد أن الصفقة جيدة للأردن بكل المقاييس لا سيما وأنها من أفضل الشركات فنيا وماليا، ويشير إلى أن الشركة الإماراتية مثل غيرها من المطورين، تسعى لتطوير المنطقة واستقطاب استثمارات بالمليارات.

بحسب أبو غيدا ستحصل الحكومة على 3 بالمئة سنويا من إجمالي قيمة مبيعات الشركة والتي ستصل قيمتها 900 مليون دولار وفقا لتقديرات أبو غيدا، إذ أن الأردن غير معني بربح الشركة أو خسارتها.

كما أن الأراضي المباعة التي يشكل الميناء نصف مساحتها، ستسلم للشركة على مراحل آخرها بعد خمس سنوات يقول أبو غيدا.

يوضح أبو غيدا أن الميناء الجديد الذي سيقام في المنطقة الجنوبية ويبعد 22 كيلو متراً عن الموقع الحالي سيكلف بين 700 و800 مليون دولار.

أما عائدات الميناء الحالية، فستعود لشركة تطوير العقبة طوال السنوات الخمس المقبلة.

لكن أبو غيدا يؤكد أن الحكومة بصدد طرح عطاءات الميناء الجديد قريبا.

يقدر أبو غيدا حجم الاستثمار الذي سيقام في الموقع المباع بـ 5 مليارات دولار ستولد 15 ألف فرصة عمل.

النائب عن منطقة العقبة زياد الشويخ يؤكد أن ليس المهم قيمة الصفقة بل حجم الاستثمارات التي سيستقطبها الموقع، كما أن بقاء الميناء في موقعه الحالي يضر بأهالي العقبة بحسب الشويخ.

الشويخ يدافع عن وجهة نظره بأن الميناء يقع ضمن المنطقة السياحية التي يساهم تطويرها في تغيير معالم المدينة ويحقق لها تنمية.

الشويخ يدافع عن صفقة البيع، ويلفت إلى أن أهالي العقبة يعانون من التلوث الذي يسببه تصدير الفوسفات والاكتظاظ الذي تسببه الحركة في الميناء.

الجدول الزمني للمشروع، بحسب مصادر مطلعة، يتضمن ثلاث مراحل: الأولى وتشتمل على تسليم الأراضي الخالية خلال 90 يوماً، وتسليم باقي الأراضي المحيطة بمنطقة الميناء خلال عام ونصف ضمن المرحلة الثانية، في حين تشمل المرحلة الثالثة بعد خمسة أعوام تسليم الأراضي التي يشغلها الميناء الحالي التي ستسلم بعد الانتهاء من إنشاء الموانئ البديلة في منطقة الصناعات الجنوبية.

أيضا، يتضمن المخطط التنظيمي قيام المطور بتطوير منطقة سياحية عقارية تجارية سكنية متعددة الاستعمالات.

كما تتضمن منطقة التطوير إنشاء مشروع المدينة العقارية السياحية على قطعة أرض مساحتها 3130.8 دونم مقسمة إلى ست قطع هي: 1300 دونم الميناء الرئيسي، 680.1 دونم شمال الشميساني، 610 دونمات في منطقة الشميساني، 350 دونماً في منطقة  الجيشية و0 10 دونم في منطقة سيتي لينك و80 دونماً في منطقة شميساني التل.

تم منح المطوّر في مشروع المدينة العقارية السياحية حق تطوير الأرض وفق المخطط الشمولي، ومنحه مرونة لوضع مخطط تنظيمي وفقا للمخطط المعتمد من منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، وذلك بتخصيص أراض لغايات سياحة وسكنية وتجارية واستعمالات أخرى باستثناء الصناعية منها، ومنحه كذلك مسؤولية تشغيل وتطوير محطة السفن السياحية في الميناء الرئيس.

تقول المصادر إن الاتفاق يعطي المطور حق الحصول على العوائد الإضافية التي قد تتحقق من  تطوير الأرض، بما في ذلك مبيعات الأرض، عقود إيجار الأرض، وأي رسوم إدارية متوقعة.

الخبير الاقتصادي طلال الحلواني «لا يشكك بقيمة الصفقة».يؤكد أنها «عادلة» لأراض كانت نائية وما تزال تحت التطوير، بشرط أن تخصص الأراضي للغايات نفسها التي بيعت لأجلها وعدم تغيير شكل الاستخدام، لافتا إلى أن تسليم الأرض على مراحل يتيح للحكومة مراقبة للشركة المستثمرة.

أغلى سعر للأراضي السكنية في العقبة يقع في المنطقة الخامسة من المدينة، وتصل قيمة الدونم 350 ألف دينار فيما يقدر سعر الدونم التجاري بمليون دينار، بحسب الحلواني.

الحلواني يوضح أن ما رشح من معلومات يؤكد أن التطوير مهم لا سيما أن الميناء الحالي لم يعد صالحا فالأرصفة وساحات التنزيل والتحميل بحاجة إلى تحديث.

كذلك، يرى الحلواني أن من الأفضل استثماريا استخدام الموقع سياحياً مؤكداً أن لا ضرر من البيع.

لكن الحلواني يركز على كيفية استخدام أموال الصفقة؟ ويؤكد على أهمية استخدام هذه الأموال في تخفيض المديونية لخدمة الأجيال القادمة التي لن تقوى على التعامل مع هذه المديونية التي تتضخم.

بلغ صافي الدين العام» الداخلي والخارجي» خلال شهر أيلول الماضي 7804.9 مليون دينار وبزيادة مقدارها 455.4 مليون دينار عن رصيده في نهاية عام 2006 وفقا لنشرة البنك المركزي وارتفعت خدمة الدين العام لعام 2007 إلى 405.1 مليون دينار.

سيطرة العمالة غير الأردنية على النشاط الاقتصادي في العقبة، أمر يقره الخبير لكنه يؤمن أن تشجيع الأردنيين على العمل في العقبة يلزمه تحسين الخدمات الاجتماعية التي تفتقر لها المنطقة الخاصة لا سيما الصحة، التعليم(مدارس ،جامعات) مما يبقي المدينة ممرا وليست مقرا للكثيرين.

العزوف عن العمل في العقبة من قبل كثير من الأردنيين مرده ضعف الخدمات الأساسية المقدمة، إذ وصل الحد إلى معاناة احد البنوك المحلية في إيجاد مدير لفرع في العقبة.

رئيس المنطقة الخاصة أبو غيدا يؤكد أن السلطة التفتت إلى هذه المسألة المهمة وتسعى لتحسين الخدمات لا سيما الصحة، من خلال إنشاء أول جامعة خاصة في العقبة سيتم الإعلان عنها قريباً، وفروع للجامعات الحكومية. وكذلك التركيز على إقامة عدد من المدارس ودعوة عدد من الأطباء المشهورين للعمل، على الأقل يوماً واحداً في الأسبوع.

بيع ميناء العقبة.. جدل حول عدالة الصفقة وأمل باستثمارات آتية
 
24-Apr-2008
 
العدد 23