العدد 23 - كتاب | ||||||||||||||
تتفاوت الأرقام وتخترقها إشاعات العمولات، في ظلّ غياب المكاشفة والشفافيّة والصراحة، بخصوص بيع أراضي الدولة والمؤسّسات الرسميّة إلى مستثمرين خارجيّين، ينوون بناء مراكز تجاريّة ضخمة للمال والأعمال بعمّان. وبينما تتداول الأوساط السياسيّة والماليّة العقاريّة أنباء استملاك 450 دونماً في وادي عبدون لاستثمار الملياردير اللبناني نجيب ميقاتي، بهدف إنشاء مجمّع وزارات، وبكلفة تصل نحو 1.4 بليون (1400 مليون) دينار؛ تسرّبت معلومات (رغم محاولة نفيها) عن بيع مباني القيادة العامّة وموقع مدينة الحسين الطبيّة إلى مستثمر خليجيّ ينوي استغلال الموقع كمقارّ لشركات عالميّة، معظمها أميركيّة، تسعى للانطلاق نحو العراق ودول الإقليم الأخرى؛ ما يعني، اختيار عمان كميناء جاذب «HUB» لأعمال لوجستيّة وتجاريّة هائلة، ستنهض بالاقتصاد الوطني إذا ما استُغلت جيّداً. لا ضرر من بيع أصول عقاريّة، لأنّ المستثمر عندما يريد الخروج أو المغادرة لا يطوي أرضاً ويضعها في حقيبة سفره ويغادر. كما أنّ المطوّر العقاري يصنع استثماراً موّلداً لفرص العمل، وإن كانت القيمة المضافة محدودة وليست كغيرها من القطاعات. المهم أنّ الاستثمار مطلب ملح، ولا سيّما لأراضي الدولة أو الخزينة، لكنّ السؤال يبقى مطروحاً حول استغلال عوائد البيوعات؛ لأنّها غير متجددة، فالمبالغ المتحصّلة إذا لم تُستثمَر وتعود إلى أصول أخرى كاستملاكات ومشاركات في مشاريع مماثلة او شبيهة، فسوف تُبدَّد في أوجه نفقات (مصروفات) جارية كالرواتب والسفر والمياومات، وحتّى إذا ما أُنفِقَت في خدمة أو تسديد الدَّين العام أقساطاً وفوائد، فإنّ الخشية، هنا، تبقى قائمة من أنّ خفض الدين العام، البالغ 8,2 بليون دينار، سيسمح للحكومة الحالية أو أيّة حكومة لاحقة، بالاستدانة مرّةً أخرى، وزيادة الرسم البيانيّ لرصيد الدَّين في المقبل من السنوات. وتجربة عوائد الخصخصة خير (أو شرّ؟) مثال على ذلك. من هنا، نرى أن يؤسَّس صندوق لعوائد بيع أراضي الدولة، وليس هيئة كالتي أُنشِئت للتخاصيّة، يتولّى إدارة المبالغ المحصّلة وينمّيها أو يعيدها حصصاً في المشروعات القائمة، ويدخل في مشاركات عقاريّة، ويتولّى إدارة أصول الدولة واستثمارها، ولكي يتحقق ذلك، لا بدّ من إبقاء حصّة للأردنيّين في أراضيهم عندما تُحال إلى المستثمرين من أجل حفظ حصّة للأجيال والمحافظة على عوائد تضمن دخلاً يعين الخزينة على نفقاتها المتضخّمة سنةً بعد أخرى، دون مراعاة للإيرادات التي تُجبى من جيوب المواطنين. هذه الفكرة بحاجة إلى إرادة سياسيّة، وينبغي أن لا يعيقها قانونا الاستثمار والشركات؛ لأنّها تتعلّق ببيع أصول دولة وليست تشجيعاً لمستثمرين متردّدين، فالحصّة يمكن أن تكون 25بالمئة أو أقل، وهي تبقي تمثيلا ورقابة ما، رغم أنّها لا تؤثّر في القرارات. إلى ذلك، فإن استخدام العوائد في استثمارات أجدى من سداد المديونيّة؛ لأنّ الخصومات المحصّلة من مستوى 11 بالمئة غير مجدية، وهي تمثّل هدراً لمبلغ 500 مليون دولار!! دُفِعت لنادي باريس في صفقة حسم خاسرة بجدارة، فكلّ الدول التي واجهت صعوبات مالية حصلت على حسومات على دولار الدين أفضل منّا بكثير، فلماذا نبيع و نسدد؟ * رئيس التحرير الأسبق ليومية الغد |
|
|||||||||||||