العدد 23 - حتى باب الدار
 

فكرة تغيير سعة العبوات في أسواق المؤسسة الاستهلاكية المدنية ، تنم عن استيعاب لسيكولوجيا التسوق والمتسوقين من رواد أسواق المؤسسة، فالمتسوق هنا ليس مجرد مشترٍ أو زبون عادي، فهناك استحقاقات اجتماعية تجعل الأمر يختلف عن حالة الشراء من المتاجر العادية.

يتحدد المركز الاجتماعي للمتسوق من المؤسسة بعدد الأكياس والعبوات التي يحملها، سواء تعلق الأمر أثناء تسوقه أمام زملائه المتسوقين او عند عودته الى المنزل، وقد جرت العادة على اعتبار كثرة وحدات الشراء من أكياس وعلب في عربة المتسوق أو يديه نوعاً من التعويض عن عدم مقدرته الشراء من المتاجر في السوق، إذ أنه وبرغم الكثير من التحولات على أسواق المؤسسة، فقد ورث الناس نوعاً من التراتب الاجتماعي المستند الى مكان البيع، حيث احتل رواد المؤسسة موقعاً أدنى قليلاً في مجتمع المتسوقين وبخاصة في علاقاتهم الأسرية، حيث قد تلجأ الزوجة الى تذكير زوجها بأنه ليس من «الزلم الذين يشترون من الأسواق الحرة»، وفي حالات أخرى وعندما يكون الحديث عن أن الزوج يشتري من المؤسسة، فإنه يأتي مترافقاً مع بعض مشاعر التأسي «زلمتي يشتري من المؤسسة» «قدرته على قد المؤسسة».

بالطبع وللإنصاف علينا أن نستثني من هذا النقاش الشرائي/ الاجتماعي تلك الفئة من زوار المؤسسة الذين يزورونها على التواصي والنصائح.. «لحق حالك، وصلتنا بضاعة ايطالية نخب» أو ما يعادل ذلك من عبارات يتبادلها كبار المشترين من المؤسسة.

إن التطوير الذي أحدثته المؤسسة عن طريق التحكم بالعبوات، يخدم في مجال الحفاظ على أكبر قدر ممكن من التوازن الاقتصادي الاجتماعي في مجتمع المشترين ،لا سيما بعد أن انضم اليهم كل من يريد من المواطنين، أي بعد انتهاء عصر احتكار زيارة المؤسسة من الموظفين لوحدهم.

إن خطوة المؤسسة في حالة تعميمها على مختلف السلع، وبخاصة الغذائية منها، سوف تمكن المتسوق هنا من العودة الى منزله حاملاً محملاً ،بالعدد نفسه من أكياس الرز والسكر والحليب وعلب الحمص والفول والتونا والعصير بأنواعه، وهو ما يعني حفاظه على مركزه كرب أسرة قادر متمكن كما هي حالته السابقة، مما يحول بينه وبين أثر أنظار «الجهات المعنية بالنظر» في حالة تناقصت عدد وحدات الشراء تلك.

على العموم، إن مفهوم العلبة أو التنكة أو الكيس ليس موحداً من حيث المقاييس والمواصفات، وقد جرت العادة في بلادنا أن لا يسأل الشخص عن الوزن والحجم بقدر سؤاله عن عدد وحدات الشراء «أربع علب فطر وعشرين علبة سردين وكيسين رز وتنكة سمن».

قل لي كم كيساً تحمل أقل لك من أنت
 
24-Apr-2008
 
العدد 23