العدد 23 - حريات | ||||||||||||||
سليمان البزور مع ظهور المواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت، وبدء بعض الصحف اليومية والأسبوعية إفراد صفحاتها لتعليقات القراء على الأخبار والمقالات المنشورة فيها، بدأت ظاهرة جديدة في التشكل، هي ظاهرة إبداء الرأي الحر (إلى حد كبير) والتعليق والتعقيب، ليس على المادة المنشورة فقط، بل وعلى الموضوع المنشور أيضاً. المواقع الإخبارية الإلكترونية ولدت في الأردن مطلع الألفية الثالثة في الصحف اليومية، فيما رأت المواقع الإخبارية الخاصة النور في العام 2006 لكنها تكاثرت لتصل اليوم إلى زهاء 25 موقعاً إلكترونياً، تحاول استقطاب القراء بالسبق الصحفي، وكذلك في استدراجهم للتعليق على مواد الصحيفة أو الموقع. على النقيض من ذلك يحلو للبعض استخدام مساحة التعليقات للسخرية، وترويج الإشاعات، كما تستخدم أحياناً منابر لاغتيال الشخصية عبر التخفي تحت ستار الأسماء المستعارة. يقر ناشرو مواقع، وقراء بتدني سقف الحرية الذي أتيح مع بداية الانطلاقة، فيما يشكو آخرون من تحول تلك المساحة الإلكترونية إلى ساحة "للطخ والطخ المضاد"، قد تصل أحياناً إلى إثارة النعرات وتصفية حسابات. وعلى رغم ذلك، تبقى فكرة إخضاع المواقع الإلكترونية للرقابة الحكومية مجمدة حتى إشعار آخر، بعدما تأججت وبردت نارها في الثلث الأخير من العام الماضي وباتت ضرباً من العبث في فضاء رقمي لا يعترف بحدود أو قيود. المركز الوطني لحقوق الإنسان، انتقد في تقريره حول أوضاع حقوق الإنسان في الأردن لعام 2007، محاولات الحكومة السابقة فرض الرقابة على المواقع الإلكترونية، وإخضاعها لقانون المطبوعات والنشر. في الذاكرة الإلكترونية، يسترجع البعض قرار المدعي العام 2007 الطلب من محرري موقع عمون الإخباري إيقاف وشطب تعليقات القراء على خبر نشر في الموقع عن توقيف النائب السابق أحمد عويدي العبادي. ويستذكر الحياري أول الغيث مع إشكاليات العمل الإلكتروني: "أول قضية حركت ضدنا كانت من رئيس جامعة الطفيلة التقنية حين نشرنا أحد الموضوعات الواردة إلينا، وتعليقات الطلبة أنفسهم، وفي النهاية حرّك رئيس الجامعة قضية ضدنا." يقول الحياري. ويواصل: "نحن لا ندرج التعليقات التي فيها إساءة للشخصيات أو الرموز العامة، ونسبة كبيرة من التعليقات الواردة إلينا لا تنشر، لما تحمله من مضامين سلبية، بالإضافة إلى قلة عدد المحررين". في النهاية حرك مؤخراً مستشار سابق في الديوان الملكي 3 قضايا ضد "عمون" بعدما نشر خبر عنه وتعليقات عليه. ابن البلد، والشماغ الأحمر، وزهقان، ومغترب، وأبو العريف، وصاحب الفخامة، ومواطن دبلوماسي، وسجين سابق؛ كلها أسماء مستعارة تعلق على أخبار تلك المواقع، فتتفاوت بين ضيق الرؤية، ادعاء المعرفة وحالة الإحباط التي يمر بها القراء، الذين يمثلون الشعب الأردني في بلد تتضاعف فيه الأسعار، وتتآكل الدخول المتدنية أساساً، وتعيش حالة احتقان سياسي في ظل موجة بيع أراض أميرية ومحاولة تمريرها دون الالتفات إلى الشعب وغياب المكاشفة. صحيفة «السّجل» الأسبوعية، خطت ميثاق شرف صحفي داخلي ينظم آلية وطريقة التعليق عبر موقعها الإلكتروني بالاسم الصريح والبريد الإلكتروني الحقيقي، ولا تسمح حتى بالتمييز على أسس جنوسية أو عنصرية دينية أو طائفية أو إقليمية. ويقر محرر موقع إلكتروني لإحدى الصحف اليومية، رفض الإفصاح عن اسمه، بأن "نسبة التعليقات التي لا يمكن نشرها تفوق بكثير ما ينشر". يتساوق هذا الطرح مع قاعدة خطتها الصحافة الإلكترونية "ليس كل ما يرد ينشر، وليس كل ما ينشر ينشر كاملاً". أكثر من 5 قضايا سجلت في المحاكم الأردنية ضد الصحافة الإلكترونية خلال العام الحالي، حكمت قضية واحدة منها ضد كاتب إثر نشره مقالاً عبر مدونته الإلكترونية في قضية ذم وقدح وتشهير رفعها ضده المدير العام السابق للمركز الأردني للإعلام. جميع المواقع الإلكترونية، أتاحت خدمة التعليق على الأخبار باستثناء موقعي صحيفة "الرأي" ووكالة الأنباء الأردنية "بترا. الاختصاصي النفسي، محمد الحباشنة، يصف التعليقات في المواقع الإلكترونية "بالجبن السياسي، والاجتماعي والثقافي". وهو يرى أن "الأصل في التواصل عبر الإنترنت، كغيره من أشكال التواصل؛ مواجهة الآخرين بشكل سليم ومناسب وعلني، وهذا استخدام خاطئ". فيما يصف الحباشنة الاختباء وراء ألقاب ومسميات فضفاضة بمحاولة إبراز أهمية للشخص المعلق، وتغيير المسميات، بحسب الحباشنة، يعود إلى مكنونات داخل المعلق إلا أن تغيير الاسم لا يغير الفحوى والمضمون. المحامي محمد قطيشات، يرى أنه لا يمكن، بأي حال من الأحوال، فرض الرقابة على المواقع الإلكترونية، وتطبيق قانون المطبوعات والنشر عليها، فالمواقع الإلكترونية تخضع لقواعد قانون العقوبات الأردني الذي ينظم الجرائم المرتكبة بوساطة النشر. ويشير الحباشنة إلى نص في المادة 73 من قانون العقوبات يشمل الإنترنت والمواقع الإلكترونية التي هي جزء من الإنترنت. وهو يرى أن قانون الاتصالات رقم 75 قد عالج جرائم الإهانة المرتكبة بوساطة المواقع الإلكترونية. |
|
|||||||||||||