العدد 4 - أردني | ||||||||||||||
في العام 2003 وبعد انتهاء الانتخابات وقت ذاك وإعلان نتائج الفائزين، بادر النائب عبد الهادي المجالي على الفور بدعوة أعضاء المجلس النيابي الرابع عشر الى التعارف في منزله، تبعته دعوة أخرى من النائب سعد هايل السرور. الدعوتان كان الهدف منهما فتح خطوط اتصال مع النواب الجدد (وقت ذاك) ومعرفتهم، وصولاً إلى الترشح لرئاسة المجلس، وهذا ما حدث، إذ فاز النائب السرور برئاسة المجلس في دورته غير العادية. السيناريو يتكرر في المجلس الخامس عشر. فبعد انتهاء معمعة الانتخابات، وبعد يومين فقط من إعلان نتائج الفائزين بادر المجالي نفسه إلى دعوة النواب الجدد والقدامى إلى منزله، للتعارف أيضاً. الدعوة وإن خلت من الحديث عن موضوع الرئاسة، لكنها حملت في طياتها رغبة من قبل المجالي ومناصريه بالترشح لرئاسة المجلس النيابي في دورته الأولى. دعوة المجالي لم يلحقها دعوة أخرى من راغبين بالترشح، باستثناء حفل تعارف أقامته النائبة فلك الجمعاني (أول سيدة تصل إلى البرلمان عبر التنافس الحر) في فندق ريجنسي بعمان. المناقشات التي جرت في بيت المجالي بدت مختلفة عن تلك التي حدثت قبل أربع سنوات، إذ أكد الحضور أهمية تعاضد المجلس وتقوية بنيته الداخلية من خلال تعريف الأعضاء الجدد بالنظام الداخلي والدستور الأردني، وتعريفهم بما لهم وما عليهم من حقوق وواجبات، من أجل عدم الوقوع في مطبات وقع فيها المجلس السابق. اللقاء الذي حضره النائب عبد الرؤوف الروابدة حمل نقداً لأداء المجلس السابق تشريعياً ورقابياً من قبل نواب جدد، إلا أنه حمل في مكنوناته ما وصفه مراقبون «بالاحتضان» من قبل رموز المجلس للنواب الجدد من خلال التأكيد على ضرورة اكتساب الخبرة والمهارة في التعامل مع الحكومة والتشريع. مراقبون رأوا أن الدعوة كان المقصود منها الذهاب إلى أبعد من موقع الرئاسة، وصولاً إلى الوقوف على آليات تفكير النواب الجدد الذين يشكلون ما نسبته 75 % من أعضاء المجلس، تمهيداً لاحتضانهم من قبل رموز المجلس أنفسهم، وهم ذاتهم من مارسوا احتضان المجلس السابق. بوادر الاحتضان، وفق مراقبين، كانت عندما أعلن الروابدة عن استعداده تقديم خبرته للنواب الجدد سواء من حيث التشريع أو الرقابة أو تعريفهم بالدستور والنظام الداخلي، إضافة إلى حديثه عن عدم ضرورة وجود كتل في المجلس في الوقت الحالي، وعدم إضاعة الوقت في تصارع لجانه. حديث الروابدة بدا توافقياً وعقلانياً إلى أبعد الحدود، لكنه حمل وفق نائب حضر اللقاء العديد من الرسائل إلى النواب الجدد وإلى خارج أسوار المجلس، مفادها أن الزعامات التقليدية للمجلس موجودة، وهي وحدها القادرة على تسيير أمور السلطة التشريعية ولعب دور أكثر إيجابية مع الحكومة. المعطيات الأولية تشير إلى ترشح النائب عبد الهادي المجالي، وعبر أكثر من نائب عزمه تمضية الدورة الأولى من عمره النيابي في استطلاع المواقف ومعرفة النواب قبل أن يقرر الالتحاق بكتلة معينة أو المنافسة على رئاسة المجلس أو أحد مواقع مكتبه الدائم المشكل من نائبين اثنين ومساعدين. ولعب عامل قصر الوقت دوراً في عدم قدرة النواب على الالتقاء، بيد أن النائب ممدوح العبادي حبذ إجراء اتصالات مع بعض النواب للتعرف إلى مواقفهم، وجس النبض في حال قرر خوض معركة الرئاسة. ولن يكون بمقدور النواب (قدامى وجدداً) تشكيل كتل برلمانية واضحة المعالم قبل انقضاء فترة من الوقت على افتتاح الدورة العادية الأولى للمجلس التي ستبدأ بخطاب العرش. وفور الاستماع إلى خطاب العرش، يقوم أعضاء مجلس الأمة بالسلام على الملك، ثم يعود مجلس الأعيان للاجتماع والاستماع إلى الإرادة الملكية السامية بدعوة المجلس للانعقاد، وبعد ذلك ينتخب الأعيان من بينهم لجنة للرد على الخطاب. ويدخل النواب إلى قبة المجلس لتأدية القسم الدستوري، ثم يدعى رئيس السن لإدارة الجلسة التي سيتم فيها انتخاب رئيس للمجلس لسنة مقبلة، وبعد إعلان النتيجة يتولى الرئيس المنتخب إدارة الجلسة التي تبدأ أولاً بتشكيل لجنة للرد على الخطاب، ثم ينصرف المجلس لانتخاب نائبٍ أول ونائبٍ ثانٍ والمساعدين الأول والثاني لرئيس المجلس، فيما سيؤجل النظر في تشكيل اللجان الدائمة إلى ما بعد التوصل لتفاهمات وتوافقات بين النواب أنفسهم. وعاد للمجلس الخامس عشر 29 نائباً من نواب المجلس السابق، و(10) نواب في مجالس مختلفة من بينهم أقطاب بارزون هم: عبدالهادي المجالي، وممدوح العبادي، وسعد هايل السرور، وعبدالكريم الدغمي، وعبدالرؤوف الروابدة، وتوفيق كريشان، وحمزة منصور. ويسعى كل قطب من هؤلاء الأقطاب إلى إيجاد آليات تفاهم مشتركة مع النواب الجدد تفضي، في نهاية المطاف، إلى تبلور كتل نيابية تستطيع السيطرة على أداء مجلس النواب. ونقلت مصادر مطلعة وجود تحركات بين نواب جدد بعضهم وزراء سابقون لإيجاد تحالف بعيد عن الاستقطابات تلك، وذكرت تلك المصادر أن المشاورات بين النواب للخروج بصيغة مشتركة وصلت إلى مراحل متقدمة. وقالت إن الدافع الرئيسي وراء قيام مثل هذا التحالف النيابي، هو الخروج من عباءة النواب التقليديين، وطرح الأفكار على المجلس من دون أن يكون لأحد سلطان عليهم أو الدخول في عباءة أحد من زعامات المجلس التقليدية. وتخوف نواب من مغبة وقوع المجلس الجديد في الكماشة ذاتها التي وقع فيها سابقه من حيث هيمنة التقليديين على أداء المجلس، والتأثير في الجدد منهم. في المجمل، فإن انتخابات رئاسة مجلس النواب تسير بهدوء في الوقت الحالي، رغم بوادر تشير الى ترشيح النائب والوزير الأسبق توفيق كريشان لخوض معركة الرئاسة إضافة الى النائب ممدوح العبادي والنائب فلك الجمعاني، ورغم ذلك يبدو ان رئاسة المجلس سوف تذهب على الأرجح باتجاه النائب عبد الهادي المجالي، إلا أن المراهنة وفق نواب ليس على الدورة الأولى من عمر المجلس وإنما على الدورات اللاحقة. من المعلوم أن إرادة ملكية صدرت مؤخراً قضت بالتجديد لرئيس مجلس الأعيان زيد الرفاعي لعامين آخرين. |
|
|||||||||||||