العدد 4 - أردني | ||||||||||||||
يشهد المجلس النيابي الجديد تغييراً في خارطة مراكز القوى مع انحسار مساحة المعارضة والمشاغلة دون العشرة نواب جلهم من الإسلاميين وصعود تيار المقاولين وكبار رجال الأعمال إلى الواجهة سواء لجهة العدد أو ما يمثلونه من قوة مالية واقتصادية، حسبما يرصد سياسيون ومحللون. ورغم أن اللون الغالب داخل المجلس يضم طيفاً من المهنيين (مهندسون، أطباء، محامون، صيادلة ومعلمون)، فإن هذا المجلس يحمل كسابقه سمة تقليدية تفرضها انتماءات النواب وخياراتهم الاجتماعية والسياسية والوظيفية. وبالتالي فإن الأمل بدور نيابي فعّال في الضغط على الحكومة من أجل تسريع برنامج الإصلاح السياسي المطروح على الأجندة الحكومية منذ سنوات، سوف يتبخر. كان الأردنيون يربطون تاريخياً بين الأميّة والولاء المطلق للحكومات. وها لدينا اليوم نواب يحملون أعلى الشهادات ويتمتعون بأرقى الخبرات التي حصلوا عليها في مؤسسات الدولة أو القطاع الخاص، ومع ذلك فإن الولاء المسبق للحكومات بغض النظر عن برامجها التنفيذية، بات هو العنصر المشترك لدى الغالبية الساحقة من نواب الأمة. هذا يعكس خللاً جوهرياً في الإطار القانوني والسياسي للعملية الانتخابية. فبدلاً من تعزيز الديمقراطية بفرز أغلبية ومعارضة بنسب متوازنة، يتجه إطار العملية الانتخابية إلى فرز مجلس يكاد يكون من لون واحد. أولى تباشير الوضع الجديد هو دعوة بعض أقطاب المجلس النيابي زملاءهم إلى عدم التفكير بتشكيل كتل نيابية من أجل التعامل مع المجلس ككتلة واحدة. وبرغم أن تجربة الكتل في المجلس السابق قد فشلت أو أجهضت، إذ لم تفض إلى بلورة تيارات سياسية مستقرة، أو تسهم في مأسسة العمل البرلماني على أسس حديثة. إلا انها تبقى أجدى من المراهنة على مجلس هلامي يفتقر إلى الحد الأدنى من النكهة السياسية حين يصبح بلا لون أو طعم. قوى المعارضة والمشاغلة ستغرق في بحر قوى المولاة، بحيث سيتقلص دورها على الاستقطاب لصالح حلول متوازنة أو وسط للقضايا الخلافية التي ستطرح على المجلس. وإذا ما أضفنا إلى ذلك الاحتقان والتوتر في أوساط عشائرية وسياسية بسبب الشعور بانحياز الإدارة الحكومية لهذا الطرف أو ذاك في المنافسة الانتخابية داخل الفئة الواحدة أو الصف الواحد، فإن هذا سيبهت أكثر فأكثر دور البرلمان الذي سيتماهى على كل حال مع الحكومة في القرارات الصعبة التي تنتظره. في هذه الأجواء، من المرجح أن يتولد مناخ معارض في الشارع بشكل عام للحكومة والمجلس. وإذا لم تتصد قوى عقلانية لتأطير المعارضة الشعبية في مسارات إيجابية، فإن الوضع العام مرشح أن يتمخض عن أشكال من الفوضى. وما ردود الفعل السلبية العنيفة على نتائج الانتخابات في غير موقع إلا نماذج على هذه الحالة التي لم يسبق أن شهدت البلاد مثلها منذ عودة الحياة النيابية في عام 1989. |
|
|||||||||||||