العدد 22 - اقليمي | ||||||||||||||
عبد السلام حسن القدس- نهاية العام 2008 هو التاريخ الذي حدده الرئيس الأميركي جورج بوش، وأفرط في وعوده، من أجل تسوية كافة القضايا العالقة والوصول الى معاهدة سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. بوش تعهد، أمام ممثلي 50 دولة ومنظمة دولية في «أنابوليس»، بانجاز ما فشل الاخرون في تحقيقه طيلة عقود، مستنداً في ذلك فقط على النوايا المعلنة من طرفي الصراع، والى ما يمكن ان يقدم لهما من دعم دولي. لكن أربعة شهور مرت على عودة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي للجلوس معاً، في السر والعلن، لبحث قضايا الوضع النهائي، من دون تحقيق اختراقات، فيما لم ينفك الاحتلال يعلن المخطط الاستيطاني تلو الآخر. فهل كان الرئيس الأميركي يعني ما قاله في أنابوليس، وهل التسوية «المنشودة» ما زالت ممكنة قبل ان يغادر بوش البيت الأبيض؟. عبدالقادر: لن يكون هناك اتفاق حتى 2018 حاتم عبدالقادر، القيادي في حركة فتح، ومستشار رئيس حكومة تسيير الأعمال لشؤون القدس، استبعد أن يتم التوصل حل للصراع حتى نهاية العام 2008 ولا حتى نهاية العام 2018، طالما ان إسرائيل تتعامل مع القضية الفلسطينية كملف أمني وليس سياسي. وقال: إسرائيل الان تتفاوض مع نفسها من خلال محاولات فرض أمر واقع جديد في الضفة والقدس، وبالتالي فان المحاولات الإسرائيلية الأميركية لتأجيل موضوع القدس وكذلك اللاجئين لبضعة سنوات كما سرب أخيراً، هدفه اعطاء إسرائيل فترة زمنية اطول لاستكمال سياستها في المدينة المقدسة، وإذا ما تم التأجيل، فلن يجد الفلسطينيون ولا العرب قدساً يتفاوضون عليها. وكانت صحيفة «يديعوت» الإسرائيلية كشفت النقاب في 10 نيسان الجاري عن مقترح أميركي قدم للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، يقضي بالتوصل الى اتفاق عام على المبادئ بنهاية العام الجاري وتأجيل التفاوض بشأن قضيتي القدس واللاجئين لبضعة أعوام مقبلة. لكن رئيس الطاقم التفاوضي الفلسطيني أحمد قريع سارع الى نفي هذه المعلومات. ورأى عبدالقادر أنه يتعين اعطاء فرصة للمفاوضات لكن يتوجب ان لا تكون الخيار الاستراتيجي الوحيد، وضرورة ان لا يضع الفلسطينيون كل البيض في سلة المفاوضات، والابقاء على شيء منه في سلال أخرى مثل المقاومة، وتحديداً المقاومة الشعبية على غرار الانتفاضة الأولى. البرغوثي: العودة للنضال الشعبي بدوره، اعتبر النائب مصطفى البرغوثي، أمين عام المبادرة الفلسطينية أن ما يجري على الأرض ليس عملية سلام ،بل عملية فرض أمر واقع من طرف إسرائيل وتكريس لنظام «الابارتهايد».. وبالتالي من الوهم الاعتقاد أن ثمة حلاً على الأبواب. وقال: المفاوضات يجب أن تتوقف وأن لا تستأنف إلا بثلاثة شروط: وقف شامل للاستيطان، ورقابة وضمانات دولية، وقف بناء الجدار العنصري تمهيداً لازالته، ورفع الحصار عن قطاع غزة وكافة الأراضي الفلسطينية. بدون ذلك تصبح المفاوضات مجرد غطاء للسياسات الإسرائيلية. واعتبر البرغوثي أن الولايات المتحدة ترمي من تحديد هذا الموعد الى اعطاء إسرائيل مزيد من الوقت، وشل المبادرة العربية، وتهميش اللجنة الرباعية والايحاء بأن هناك تقدماً في حين أن الحقائق على الأرض تنافي ذلك. وحول السيناريو الذي سيعقب نهاية 2008، توقع البرغوثي ان يبادروا للتغطية على الأمر من خلال الحديث عن اتفاق إعلان مبادئ جديد..». ودعا إلى تجديد طاقة الحركة الوطنية للنضال ضد الابارتهايد، واعتماد استراتيجية اساسها النضال الشعبي الجماهيري الواسع، واستنهاض أوسع حركة تضامن دولية. حماس: اتفاق وفق الرؤية الصهيونية حركة حماس التي تأخذ جانباً رافضاً للتفاوض مع إسرائيل، تعتبر هي الأخرى أن الوصول الى حل مقبول فلسطينياً، حتى نهاية 2008 مستحيل. وقال القيادي في حماس خليل أبو ليلة : "قد يكون هناك اتفاق لكنه سيكون وفقاً للرؤية الصهيونية بشكل كامل، بمعنى أنه سيتم التنازل عن القدس وإلغاء حق العودة وإبقاء المستوطنات في الضفة، وفي كل الأحوال لن يتم التوصل الى حل وفق الرؤية الفلسطينية، وهي الحد الأدنى الذي تم التوافق عليه من قبل الفصائل قاطبة، أي دولة في حدود 67 وعاصمتها القدس وضمان حق العودة للاجئين. وفيما إذا كانت هناك إمكانية لقبول حل وفق الشروط الإسرائيلية، قال أبو ليلة: المؤشرات تقول نعم. فهناك حكومة رام الله لا تملك زمام أمرها وهي منقادة للقرار الأميركي والقائمون عليها يقدمون مصالحهم الذاتية على المصلحة الوطنية العليا..". الغول: ضغوط أميركية على الفلسطينيين فقط كايد الغول القيادي في الجبهة الشعبية اعتبر أن السلوك الإسرائيلي والأميركي لا يدللان على امكانية تجسيد رؤية بوش باقامة دولة فلسطينية، بالمقاييس الفلسطينية، في نهاية العام 2008، بل قد تكون هناك دولة في كانتونات وتفتقر لمقومات الحياة. وقال: ما تقوم به إسرائيل سواء في توسيع الاستيطان أو عدوانها على الضفة والقطاع يقطع الطريق على اقامة دولة مستقلة ذات سيادة. أما الإدارة الأميركية فدورها مقتصر فقط على ممارسة الضغوط على الجانب الفلسطيني لإلزامه باستحقاقات "خريطة الطريق". ونلاحظ ان تصريحات رايس تركز فقط على موضوع التسهيلات للفلسطينيين وليس على توفير مقومات اقامة دولة وانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة. دولة بانتوستونات ممدوح العكر، عضو الوفد الفلسطيني الى مؤتمر مدريد ومفاوضات واشنطن، المفوض العام لـ"الهيئة المستقلة لحقوق المواطن"، رأى في كل ما يحصل على الأرض من استمرار للاستيطان والحواجز وتهويد للقدس والأغوار، وكذلك على طاولة المفاوضات، مؤشرات على استحالة انجاز أية تسوية. وقال : الإسرائيليون يسعون لإنجاز مشروعهم على الأرض وبعدها يطرحون علينا دولة "بانتوستانات" داخل الجدار، بدون القدس وبدون حدود مع الأردن..". واضاف العكر: الإسرائيليون ماضون في مشروع الدولة المؤقتة والتي ستكون دائمة، لتسليمها للسلطة الفلسطينية. فإذا لم تكن هناك سلطة فلمن تسلم هذه الدولة؟ هل يتوجب علينا تفكيك السلطة أم اعادتها الى المنظمة أم اقامة حكومة في المنفى. هذه سيناريوهات يجب أن نفكر بها منذ الآن". الاستيطان يستعر بعد أنابوليس وكانت إسرائيل سارعت للإعلان عن اقامة 300 وحدة استيطانية جديدة في مستعمرة "هارحوماه"، قبيل انطلاق مفاوضات الحل النهائي، في 12 كانون الأول 2007. ولم تمض سوى أيام حتى تم الكشف عن مخطط لاقامة 10 آلاف وحدة بمنطقة " عطاروت"، شمال المدينة، وآخر لاقامة ألف وحدة في" معاليه أدوميم" وهارحوماه".. لتتوالى بعد ذلك المخططات الاستيطانية. هذه المخططات، أثارت حفيظة القيادة والمفاوض الفلسطيني، واستدعت لقاء بين الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلية أيهود أولمرت في 26 كانون الأول 2007. أولمرت لم يتعهد بوقف البناء في مستوطنة " هارحوماه"، وغيرها من مستوطنات القدس. لكنه وعد بأن "لا تقوم حكومته باية خطوات من شانها اعاقة إمكانية التوصل الى اتفاق نهائي.."!. دولة مستوطنات في الضفة على الأرض مضت إسرائيل في خطواتها التي تحول دون الوصول الى تسوية على أساس حل الدولتين، حسب ما تظهره الأرقام والخرائط لدى الخبير في شؤون الاستيطان خليل التفكجي مدير دائرة الخرائط في بيت الشرق. التفجكي، قال إن ما تفعله إسرائيل على الأرض يمثل التصور النهائي للدولة الفلسطينية وهو ترجمة حقيقية للحدود التي رسمها شارون في العام 1983، والتي تقضي باقامة أحزمة أمنية محاطة بالمستوطنات من الجهتين الغربية والشرقية. وأوضح خبير الاستيطان ان إسرائيل تعمل وفق تصور أن هناك دولتين في الضفة الغربية: دولة مستوطنات ذات تواصل جغرافي، ودولة فلسطينية التواصل بين اجزائها يتم فقط عبر أنفاق وجسور كما حدث في مناطق قلقيلية وطولكرم وشمال غربي القدس وجنوب غربي بيت لحم. أما في القدس فما نشهده يومياً وبعد أنابوليس من مصادقات على توسيع الاستيطان يهدف الى تغيير الميزان الديمغرافي لصالح إسرائيل واقامة القدس الكبرى من دون ان يكون هناك شريك فلسطيني، ولهذا فقد جرى تخصيص 1.5 مليار دولار لتهويد المدينة وتعزيز الاستيطان فيها. وأشار التفكجي إلى أن إسرائيل تعمل جاهدة على عزل الاغوار بعد إنجازها الجزء الأكبر من الجدار في الجهة الغربية. فإذا علمنا ان الأغوار تمثل ثلث مساحة الضفة الغربية، ومنطقة الجدار 10 بالمئة وإذا اخرجنا القدس ومساحتها 72 كيلومتراً مربعاً، وكذلك الكتل الاستيطانية الكبرى فانه لن يتبق للفلسطينيين سوى 15 بالمئة وليس 22 بالمئة من فلسطين التاريخية. |
|
|||||||||||||