العدد 22 - زووم
 

خالد ابو الخير

أفواه تبحث عن ما يسد رمقها في مهرجان تسوق، أقيم على قارعة رصيف ،يكاد يدلق ما في جوفه من بضائع مكدسة الى ناصية الشارع.

متسوقون من كل الأشكال، يجمعهم سعي محموم لصرف ما خصصوه من رواتب "مهدودة" لتأمين مؤنة الشهر أو الأسبوع من معلبات ومواد تموينية أخرى، معروضة كيفما اتفق، تحت الشمس وفي مهب الهواء والغبار، ولاشيء يدل على احتفاظها بصلاحيتها غير تواريخ " تلوح كظاهر الوشم في باطنها".

:"هات.. ما تبقى دون ان تخطىء الحساب" تكاد ملامحه الصارمة تشيء بحرص حتمي، على بضعة أوراق نقدية يستلها من يد بائع الخضار. وخلفهما تل من "بالة" يكشف الحال.

اللعنة على الحال!.

لكن السيدة التي مالت بجسدها لتطل بشكل أفضل على "بسطة الفواكه" تطيل النظر لتقرأ لافتة الأسعار "والأسعار نار" قبل أن تفيء الى نفسها فتحمل أكياسها السوداء ،وتستدير وتمضي لا تلوي على فقر.

:"علب اللحمة بسعر لن تجدوه في المؤسسات الاستهلاكية" يبز بائع غمر الضوء وجهه اقرأنه في المناداة، غير أن الشمس التي تنسكب على بضائعه ومعلباته، الوحيدة التي تجيب نداءاً.. أما الفتاة ببنطال الجينز والحجاب، فمجرد عابرة في سوق عابر.

تحت "شجرة الحكمة" استوى ينقب في جيب قميصه عن آخر الدنانير ليزداد يقيناً بقدرته على إيقاف تاكسي يقله وزوجه التي أعياها الانتظار. لاحظوا ابنته تبحث في الكيس الكبير عن كيس البرتقال، دون أن تنتبه الى تسرب برتقالة منه الى الرصيف. وكأن البرتقال الذي يهرب من اطفال الفقراء يعز عليه ان تمسه أيديهم حين يصير في متناولها.

بجلسة لا تخطئها العين، أنشأ بائع محترف "كمينه" فتعثرت به سيدات استهواههن شكل "الملبن وهو ليس بملبن" و"المخلوطة" المغشوشة و"الحلقوم" الملون الذي يصر صاحبه أنه من مال الشآم او حلب أو غيرها من مناطق سوريا الشهيرة بانتاج بضائع كهذه. دون أن يدور في خلدهن أن البضاعة أيضا تقتعد الرصيف فتلتقط ما تيسر من جراثيم" ودخان عوادم سيارات، فتستحيل سموما بالطعم ذاته.

أفواه تنبش أسواقاً اقيمت على عجل بحثاً عن غذاء بسعر قليل، ولا تلتفت الى جودة وسلامة ما تشتري إلا لماماً.

أفواه وأسواق
 
17-Apr-2008
 
العدد 22