العدد 21 - أردني | ||||||||||||||
خالد أبو الخير تعددت مشاجرات النواب واختلفت أسبابها، وتعددت الوسائل "القتالية" المستخدمة فيها من شتائم، لكمات، تراشق بأكواب المياه والمكتّات.. وفي حالة نادرة أشهر أحد رجال التشريع مسدسه. ويلاحظ نواب وصحفيون أن المشاجرات تأخذ منحنى تصاعدياً، ففي حين تميز مجلس النواب الحادي عشر 1989 بندرة المشاجرات، فإنها زادت في المجالس التالية. من أبرز مشاجرات المجلس الحادي عشر تلك التي وقعت بين عبد المنعم أبو زنط، و"نواب العشائر" الذين استفزهم حديث رجل الدين الإسلامي في معرض انتقاده لقانون الانتخاب حين قال: "الحجر والشجر والكثبان والصحارى ينتخبون"، فما كان من أحدهم إلا أن أشهر مسدسه. غير أنه أعاده إلى غمده بعد أن تحرك سائر النواب لاحتواء الموقف. وفي المجلس ذاته، وقعت مشاجرات عدة؛ بين محمد فارس الطراونة، ونواب إسلاميين كانوا يهيمنون على المجلس المعاد آنذاك، تخللتها ملاسنات وتراشق بالاتهامات على ما يستذكر النائب بسام حدادين. ويضيف: "كان عبد الحفيظ علاوي، يعد قلب "الهجوم الإسلامي"، فقد كان يحرص على استفزاز وكيل التهم، ومنها التخوين، للنواب اليساريين تحديداً" . ويعتبر حدادين، الذي واكب المجالس النيابية منذ عودة الحياة الديمقراطية عام 1989، أن "الهدف من المشاجرات هو الاستعراض. فـ"الطوش" بحد ذاتها خبر مثير يظهر النواب المشتركين بها ويستهوي الإعلام، ويغري بالشهرة". لكنه يستدرك :"الحوار واحترام رأي الآخر والبحث عن القواسم المشتركة والتعايش مع الآخرين مهم وضروري لإثراء الحياة الديمقراطية، وليس العنف المتمثل في تلك المشاجرات". تبدو حصة المجلس الثاني عشر من المشاجرات النيابية أكبر من سابقه، فقد افتتحت بالمشاجرة التي وقعت بين جمال الخريشة، وتوجان فيصل في أثناء اجتماع للجنة النظر في طعونات النيابة. وفي أعقاب جدل لم يلبث أن استعر بين الطرفين، قذف الخريشة "مكتة" باتجاه توجان. طوشة أخرى كانت بطلتها توجان أيضاً، خاضتها هذه المرة ضد عبد الكريم الدغمي. وقعت المشاجرة في أثناء اجتماع للجنة القانونية، حين أصرت النائبة على إدخال ممثلي تلفزيون أوروبي لتصوير اجتماع اللجنة، الأمر الذي رفضه الدغمي. أما المشاجرة بين النائبين، سمير قعوار، وفواز الزعبي، فتوقفت عند ملاسنة استخدمت فيها ألفاظ من العيار الثقيل، حين وصف الزعبي قعوار: بالفاسد، فرد عليه بالقول : أنت مهرب. واحدة من أشهر مشاجرات المجلس الثالث عشر وأطرفها، وقعت بين منصور مراد، وأحمد عويدي العبادي، على خلفية مشاجرة كانت حصلت سابقاً بين أفراد ينتمون إلى عائلتي النائبين. وقد اشتبك النائبان بالأيدي ما أسفر عن قضم العبادي لأذن مراد. والمثير أن العبادي صرح بعدها بأنه "لا يدري كيف سقطت أذن زميله". وفي المجلس ذاته، وقعت مشاجرة أخرى حامية الوطيس، بين العبادي، وخليل عطية، وجه فيه عطية لكمة إلى العبادي. وليس بعيداً عن أجواء المشاجرة الأولى، اشتبك محمود الخرابشة، وحمادة فراعنة في مشاجرة "بطح" الخرابشة فيها فراعنة. الخرابشة الذي اتهم الروابدة، في قضية المستثمر الخليجي، كان بطل ملاسنة شهيرة بينه وبين الروابدة وعبد الرزاق طبيشات، ما لبثت أن تطورت إلى تراشق محدود بأكواب الماء. تميز المجلس الرابع عشر بمشاجرات متنوعة، يمكن اختصارها بالملاسنة التي وقعت بين وزير الداخلية سمير الحباشنة، وعبد الرؤوف الروابدة، بسبب تجاهل الأول السلام على الثاني، والذي رفض الوساطات النيابية لحل الموضوع وأصر على إيصاله إلى المراجع العليا. ملاسنة أخرى نشبت بين وزير الأوقاف، أحمد هليل، ومصطفى شنيكات. وقد حدثت بعد أن وصف هليل شنيكات باليساري، فاعتبرها الأخير تكفيراً له. ثم تبعتها ملاسنة أخرى بين الحباشنة وعبد الكريم الدغمي وصف فيها وزير الداخلية آنذاك حديث الإسلاميين عن اعتقالات جرت بأنها "فيلم هندي" فتصدى الدغمي له قائلاً: " إن لسانك طولان على النواب" متهماً إياه بالاستهزاء من أعضاء المجلس، ما حدا بكثير من النواب الى الضرب على الطاولات مطالبين رئيس المجلس بايقاف الوزير عند حده. ليتدخل الرئيس عبدالهادي المجالي وطالب بحذف العبارات الخارجة من الجانبين من محضر الجلسة. وشهد مجلس النواب مشادة بين عبدالرؤوف الروابدة، وعبدالمنعم أبو زنط على خلفية قضية حماس، حيث تبادلا الاتهامات والشتائم تحت القبة، وكادت تتطور الى معركة بالأيدي بين النواب الإسلاميين ومناصري الروابدة. ومن الملاسنات الشهيرة تلك التي وقعت بين النائب سليمان أبو غيث، ووزير العدل صلاح البشير، على خلفية التعيينات في القضاء، وختمها صلاح البشير بالقول لأبي غيث "فشرت" وكررها ثلاثاً، فهاج المجلس وماج معرباً عن غضبه لكلام الوزير، ما اضطر البشير لتقديم اعتذار. وفي المجلس نفسه، اندلعت مشاجرة من العيار الثقيل بين الدغمي أيضاً وعبد الحفيظ علاوي بريزات تبادلا خلالها الشتائم والقصف بأكواب المياه،وذلك إثر اتهام بريزات للدغمي بالسخرية من البرلمان. وقبل أن يلتقط المجلس أنفاسه من المشاجرة السالفة، اعتدى النواب مفلح الرحيمي، غالب الزعبي، وحاتم الصرايرة على ثلاثة مصورين صحفيين بالضرب والشتم بالألفاظ النابية، بسبب تصويرهم مشاجرة ساخنة بين النائبين محمد العدوان وعبد الثوايبة. وقام النواب بتكسير معدات التصوير وإتلاف محتوياتها، ومصادرة أشرطة الفضائيات التي وثقت الاعتداءات. وعلى مرمى حجر من المشاجرة السابقة، تبادل رئيسا كتلة نواب العمل الاسلامي عزام الهنيدي والتجمع الديمقراطي، ممدوح العبادي الشتائم النابية، وتراشقا بأكواب الماء و"تفلتا" محاولين الاشتباك بالأيدي لولا أن حال النواب بينهما، على خلفية الموقف من سورية إثر كلمة ألقاها عضو كتلة التجمع الديمقراطي، رائد حجازين، انتقد فيها تصريحاً للمراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين عبد المجيد الذنيبات حذر فيه من مغبة الاستعانة بقوى أجنبية لإحداث تغيير في سورية. ومن الملاسنات الساخنة، واحدة كان أطرافها محمود الخرابشة، والروابدة، وقعت في أثناء التصويت على قضية الكابسات التي أتهم بها النائب عبد الرزاق طبيشات. شرع الخرابشة بالحديث عن القضية، فاستوقفه الروابدة صائحاً بغضب وبدون ميكرفون: "هذا تشهير ولا يجوز" ليرد الخرابشة منفعلاً، بعد أن وقف على قدميه "أنا ما رح أسكت ..أنا عندي وثائق وأنا لما بحكي أنت بتسكت .. هذه قضية فساد." فأجابه الروابدة "أنت أكبر فاسد في التاريخ". كأن النواب أبوا إلا أن يودعوا الدورة الأولى من المجلس الخامس عشر بمشاجرة. فخري اسكندر والذي اتهم اللجنة المالية والاقتصادية التي يترأسها خليل عطية بعدم دراسة تقرير ديوان المحاسبة بجدية. وتطور النقاش بين الطرفين إلى تبادل للشتائم حين وصف اسكندر عطية بـ "الحقير والرزيل"، فما كان من عطية إلا أن هجم على اسكندر قاصداً ضربه، لولا أن حال النواب بينهما. يعزو النائب السابق ذيب عبد الله، اندلاع المشاجرات إلى "ضعف الحجة عند المتسببين بها، فلا يجدون عند سقوط حججهم غير التهجم على الآخرين، مع أن من المفترض في "بيت الديمقراطية" أن يعلي قيم الحوار، وأن تواجه الحجة بحجة ودحضها بهدوء". ويختم النائب في المجلس الثاني عشر: "هنالك نواب يريدون أن يتسلطوا على المجلس بآرائهم مدعومة بألسنتهم، وعضلاتهم، وعزوتهم، ما يفرغ الديمقراطية والحوار من مضمونهما.". |
|
|||||||||||||