العدد 21 - أردني | ||||||||||||||
السّجل- خاص تتأرجح العلاقة بين السلطة التشريعية والصحافة بين مد وجزر خلال السنوات العشر الماضية. فلطالما وقعت مشادات كلامية ولفظية بين الطرفين على صدر الصحف توجت في البرلمان الرابع عشر ،عندما اعتدى برلمانيون على مصورين صحفيين في أثناء قيامهما بواجباتهما المهنية. الاعتداء نفذّه النائبان غالب الزعبي، ومفلح الرحيمي، على مصور «العرب اليوم» الزميل محمد الرفايعة، ومصور «الدستور» محمد شوكت، بينما كانا يصوران اشتباكاً بالأيدي بين النائبين السابقين عبد الثوابية، ومحمد العدوان. ورث مجلس الأمّة الخامس عشر من سلفة علاقة متوترة مع (السلطة الرابعة) تجلّت عبر قنبلة فجرّها النائب الثاني لرئيس مجلس النواب تيسير شديفات، حين قال إن «المكتب الدائم يفكر بمنع الصحفيين من تغطية أعمال المجلس على غرار مجلس الأعيان». أثارت تلك التصريحات موجة استياء لدى الجسم الصحفي ونشطاء سياسيين ومؤسسات المجتمع المدني، واستدعت تدخل رئيس المجلس، عبد الهادي المجالي، الذي سارع لنفي ما نسب إلى نائبه الثاني، وأكد حرص المجلس على إقامة علاقة متوازنة مع الصحافة. لم تكن العلاقة بين الطرفين (الإعلام والبرلمان) إيجابية على مر السنوات السابقة. إذ تختلف مقاربة البرلمانيين للصحفيين، فمنهم من يعتبر الصحفي ناقلاً لأخباره فقط، مسلطاً الضوء على محاور عمل المجلس، ومنهم من يعتقد أن على الصحفي مسؤولية نقل صورة المجلس إلى المواطن بخيره وشره. النائب السابق، محمد أرسلان، يقول «إن الصحافة لعبت دوراً في نقل سلبيات البرلمان الرابع عشر وسابقه دون أن تتحدث عن إيجابياته، وخلقت هالة مقدسة على برلمانات سابقة كبرلمان 1989 دون أن تنتقد سلبياته، الأمر الذي خلق انطباعاً لدى المتابعين والمواطنين والمهتمين بالشأن العام أن هم النواب هو المياومات والسفرات، من خلال عدم تسليط الضوء على الإنجازات التشريعية والرقابية للمجالس المتعاقبة والتغني بإنجازات المجلس الحادي عشر». يرد صحفيون يتابعون عمل المجلس الحالي والمجالس السابقة أن النواب لا يعون وظيفة الصحفي ،ويعتقدون أنها تتلخص في نقل أخباره ولقاءاته وتسليط الضوء على نشاطاته فقط ،دون أن يكون له الحق في نقد أداء النواب والمجلس بشكل عام، وفق محرري الشؤون البرلمانية في يومية «الرأي» راكان السعايدة، و«العرب اليوم» وليد حسني. يستحضر الصحفيان نتائج استطلاعات رأي قامت بها مراكز دراسات وأبحاث متخصصة خلصت إلى تدنى أداء المجالس السابقة مقارنه بأداء المجلس الحادي عشر. وفي هذا يقول الصحفي راكان السعايدة: «النواب لا يعون بالكامل دور الإعلام، إذ يعتقد بعضهم أن كل ما يتحدث به للإعلام هو خبر صحفي (...) هذا يتناقض مع أسس الفهم الإعلامي الحقيقي وأسس الخبر وتعريفه (...) ألمس حاجة كبيرة لأهمية التحاق نواب بدورات للتعامل مع الإعلام يعي من خلالها النائب أنه شخصية عامة وانتقاده مباح عملياً». يأخذ النائب السابق، سليمان عبيدات، على الإعلام والصحافة، عدم قدرتها على مراقبة عمل المجلس بشكل كامل ،وعدم جديتها في تنصيب نفسها عين المواطن على البرلمان وليس عين الحكومة أو جهات أخرى عليه، خالصاً إلى القول: «الإعلام لم يساهم طوال السنوات السابقة في رفع سوية العمل البرلماني من خلال مراقبته لأداء المجلس النيابي بشكل تفصيلي ولم ينجح في تنصيب نفسه متابعاً لأداء النواب ،ومحاسباً لهم على التقصير إن حدث بحيادية ودون مواربة». يتابع عبيدات قائلاً: «النواب يتوجسون من الصحافة لأنهم يشعرون أن هدفها ليس المصلحة العامة بقدر ما هو وضع أرضية لتصوير المجلس النيابي (أي مجلس نيابي) بأنه قليل الإمكانيات منزوع الحيلة دون قدرة على الرقابة أو التشريع». يشاطر النائب خالد أبو صيام زميله السابق عبيدات في الهواجس، معرباً عن اعتقاده أن «الصحافة أكثر جرأة في نقد النواب من نقد الحكومات». يدافع الصحفي في «العرب اليوم» الزميل وليد حسني، عن ذلك بالقول إن النواب يحتلون الصفحات الأولى من الصحف، وإن أغلب الصحف يومية وأسبوعية وحتى محطات التلفزيون ووكالات الأنباء تخلي لهم مساحات كبيرة، بمعنى أن حضورهم موجود، إلا أنه يعتقد أن وجودهم «بلا فاعلية في أغلب الأوقات». ويرد على القول بأن نقد النواب أسهل على الصحافة من نقد الحكومة قائلاً: «هذا غير صحيح فلطالما انتقدت وسائل الإعلام الحكومات المتعاقبة في أمور كثيرة ،فالصحافة عندما تنتقد وزارة ما أو جهة حكومية فإنها توجه سهام النقد للحكومة ككل». يرفض حسني، إقامة علاقة شراكة مع السلطة التشريعية، قائلاً: «هذه الشراكة تختلف كلياً عن مهماتنا كصحفيين في البرلمان، ولا يمكن للصحافة أن تكون شريكاً لمجلس النواب بالمفهوم الذي يريده النواب ،لأن الصحافة في هذه الحالة ستفقد مشروعية وجودها كمهنة وكسلطة في وقت واحد"، مستعيضاً عن مفهوم الشراكة بالدعوة «لإقامة جسور من الثقة بين السلطة التشريعية والإعلام، بديلاً عن إقامة علاقة شراكة بمفهومها الوظيفي الذي يقصده النواب". مجلس النواب الخامس عشر، الذي أنهى دورته التشريعية العادية الأولى، وبات في انتظار دورة استثنائية مفترضة، بدأ أكثر انغلاقاً على نفسه تجاه التعاطي مع الإعلام . نائب رئيس مجلس النواب، ممدوح العبادي، اعتبر أن العلاقة بين الصحافة والنواب «طبيعية وليس فيها تشوهات»، إلا أنه يعتقد بأنه كلّما زادت الإشكاليات كانت العلاقة أكثر حيوية بين الطرفين، ويرى أن اختلافات الرؤية بين الطرفين أمر «حيوي وطبيعي». يسجل على الصحافة حتى الآن عدم قدرتها على الانتقال من مربع نشر الخبر أو كتابة التقرير، إلى دائرة مراقبة أداء مجلس النواب وتسليط الضوء نقداً وثناء عليه، من خلال تشريح قوانينه ومتابعة نوابه، وتقديم صورة أكثر وضوحاً عنهم وطريقة تعاملهم مع القوانين. |
|
|||||||||||||