العدد 21 - أردني
 

حيثما وليت وجهك، ثمة في البلد قوانين نافذة «مؤقتة»، بعضها منذ عقود، تتفاوت من الانتخاب إلى الشركات إلى هيئة المرئي والمسموع. الكثير من تلك القوانين عابر لمجالس الأمّة إذ يخترق عددا منها دون أن يتعرض للتعديل أو التثبيت كقانون دائم، بمقتضى الدستور. هذا «القصور» يضيف إلى جملة انتقادات باتت توجه لمجالس الأمة عموما.

في الأصل، منح المشرع الأردني السلطة التنفيذية صلاحية إصدار قوانين بصفة «مؤقتة» إذا كان مجلس الأمة غير منعقد أو منحلا، وذلك «في الأمور التي تستوجب اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير، أو تستدعي صرف نفقات مستعجلة غير قابلة للتأجيل.» بحسب المادة 94 من الدستور الأردني. لكن المادة نفسها تشترط أن تقوم السلطة التنفيذية بعرض قوانينها المؤقتة على «أول اجتماع يعقده (مجلس الأمة)»، وللمجلس أن يقر هذه القوانين أو يعدلها أو يرفضها.

إذا، فصفة الاستعجال في سن القوانين تأتي، بحسب الدستور، متوازية مع الاستعجال في البت فيها.

لكن الملاحظ في مجلس الأمة الأردني، أن هناك «تباطؤا» في مناقشة بعض هذه القوانين والإبقاء على معظمها حبيسة الأدراج. فأمام مجلس الأمة الخامس عشر الحالي مثلا 66 قانونا مؤقتا.

بين هذه القوانين هنالك 22 قانونا تعود للعام 2003، مثل القانون المعدل لقانون الانتخاب، والقانون المعدل لقانون تصديق الامتياز الممنوح لشركة البوتاس العربية، وقانون المؤسسة العامة للغذاء والدواء، والقانون المعدل لقانون الكهرباء العام. وهناك 20 قانونا آخر تعود للعام 2002 مثل قانون الصحة العامة، والقانون المعدل لقانون الشركات، وقانون التأجير التمويلي، وقانون الإعلام المرئي والمسموع. وثمة قوانين مؤقتة أخرى تعود إلى فترة أسبق ما زالت معلقة، إذ ظلت نافذة دون أن تتحول إلى دائمة، منها قانون تنظيم المدن والقرى والأبنية لعام 1966، وقانون حماية أسرار ووثائق الدولة الذي اعتمد عام 1971.

محمد الغزوي أستاذ القانون الدستوري في جامعة عمان العربية للدراسات العليا يعزو التأخر في البت بالقوانين المؤقتة إلى «قصور في المجلس النيابي نفسه»، ويعتبر أن من الأهمية بمكان أن يعطي أعضاؤه الأولوية للقوانين المؤقتة» في أعمالهم النيابية، إذ إن بعض هذه القوانين «تخالف الدستور» مثل قانون الانتخاب المؤقت.

آخرون يذهبون إلى أبعد من ذلك، ويرون أن من النواب من يسعى إلى التناغم مع الحكومة أو «أخذ الضوء الأخضر» منها لمناقشة قانون ما. أستاذ القانون الدستوري في جامعة اليرموك كريّم كشاكش يقول إن «معظم النواب يتمتعون بولاء كبير للحكومات «فلا يعملون خلافا لتوجهاتها». ويزيد أن من النواب من «ينتفع من بقاء بعض القوانين على صفتها الحالية». كشاكش يشير تحديدا إلى قانون الانتخاب المؤقت الحالي الذي جرت على أساس انتخابات المجلسين الرابع عشر والخامس عشر.

في الإطار نفسه، يرى فيصل شطناوي، أستاذ القانون الدستوري في الجامعة الأردنية، أن «البرلمان لا يقوم بسلطاته الحقيقية والفعلية في التشريع والرقابة كما جاء في الدستور والنظام الداخلي لمجلس الأمة،» ما ينعكس سلبا على أدائه عموما.

لكن منصور العواملة، أستاذ القانون الدستوري في الجامعة الأردنية ينحو للتهوين من مسؤولية مجلس النواب تجاه القوانين المؤقتة، ويرى أن «قصر الدورة العادية» لمجلس الأمة لا يسمح للنواب بمراجعة جميع هذه القوانين. ويقول إن «الهيئة التنفيذية أكثرت من هذه القوانين، ما وضع على كاهل المجلس عبئا كبيرا لا يستطيع معه القيام بواجبه في أربعة أشهر هي مدة الدورة العادية، ولا حتى في دورة استثنائية». وفي هذا إشارة إلى أكثر من 200 قانون مؤقت أصدرتها حكومة علي أبو الراغب في الفترة من حزيران/ يونيو 2000 إلى تشرين الأول/ أكتوبر 2003، كان من أبرزها قانون الانتخاب المؤقت.

أمين العضايلة، أستاذ القانون في جامعة مؤتة، يذهب في الاتجاه نفسه، ويعتبر أن «تباطؤ مجلس النواب في البت بالقوانين المؤقتة لا يلحق به أي مسؤولية، باعتبار أن القانون سار ونافذ.» ويرى أن «المقتل يكمن في السلطة التنفيذية» التي تصدر قوانين مؤقتة لا تتسم في الأصل بصفة الاستعجال.

في كل الأحوال، بغض النظر عن مسؤولية السلطة التنفيذية في إصدار القوانين المؤقتة، فإن هذا لا يعفي مجلس النواب من مسؤولية حسم هذه القوانين ونفي الصفة المؤقتة عنها. وكلما مارست وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني رقابتها على السلطة التشريعية، فإن ذلك يخلق أجواء محفزة في اتجاه الحد من إصدار القوانين المؤقتة من جهة وسرعة البت فيها من جهة أخرى.

“المؤقتة” بند عابر للمجالس
 
10-Apr-2008
 
العدد 21