العدد 21 - اقتصادي | ||||||||||||||
جمانة غنيمات تتناقض أرقام النمو الاقتصاد مع الواقع، فبينما شهد متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 58.8 بالمئة بين عامي 2000 و2007، تراوح معدلات الفقر والبطالة مكانها بل تتآكل مداخيل الأفراد نتيجة عوامل داخلية وخارجية. ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي تدريجياً من 1235 دينار للفرد سنوياً عام 2000 ليصل إلى 1961 دينار للفرد عام 2007. يبدو جلياً من تراجع المستوى المعيشي للمواطنين أن الزيادة التي تتحدث عنها الحكومة غير حقيقية لا سيما إذا ما تم التدقيق في القطاعات التي استفادت من النمو التي تتسم بضعف ومحدودية تشغيلها للأردنيين. شهدت غالبية الأنشطة الاقتصادية نمواً بنسب متفاوتة، أكثر الأنشطة نمواً قطاع الخدمات الشخصية، من ثم قطاع الخدمات المالية، والتأمين، وخدمات الأعمال، وقطاع الإنشاءات. تلا ذلك قطاع صافي الضرائب، تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم، فقطاع النقل والاتصالات، قطاع الماء والكهرباء والصناعات التحويلية، أما باقي القطاعات وهي الصناعات الاستخراجية ونشاط منتجي الخدمات الخاصة التي لا تهدف إلى الربح وتخدم الأسر والزراعة فقد سجلت تراجعا في نموها خلال عام 2007. الخبير الاقتصادي، حسام عايش، يقول ليس المهم قيمة الزيادة في متوسط دخل الفرد السنوي، لكن الأهم أن القطاعات المستفيدة من النمو الحاصل هي العقار، الإنشاءات، والاتصالات. عايش، يرى أن الزيادة في دخل الفرد السنوي، لا تعكس الخلل الحاصل في توزيع الناتج المحلي الإجمالي، ولا تعبر عن الارتفاع الحقيقي في دخل المواطن الذي زاد بالقيمة المطلقة، وانخفض بالقيمة الحقيقية بنسبة لا تقل عن 40 بالمئة. حتى تكون الزيادات في الدخول حقيقية يجب أن تتزامن مع تراجع معدلات الفقر والبطالة التي راوحت مكانها، إذ بقيت نسب الفقر 5ر14 بالمئة، فيما حافظت البطالة على معدل 1ر13 بالمئة. لكن الزيادة من وجهة نظر عايش «شكلية» ولم تلمس مستويات دخول شريحة واسعة من الأردنيين لا سيما وأن الإحصاءات الرسمية تؤكد أن مداخيل 75 بالمئة من القوى العاملة أقل من 300 دينار شهرياً. يقول عايش: تذهب الزيادة إلى المشتغلين في القطاعات التي نمت والذين لا يزيد عددهم عن 3 بالمئة من السكان. ويؤكد أن التوزيع غير العادل لمكتسبات النمو والتباين الحاصل بين دخول الأردنيين سبب اهتزازات واضحة في البنية الاقتصادية وبخاصة أن الزيادة الكبيرة في دخول شريحة محدودة ساهمت برفع معدلات التضخم التي بلغت 5،4 بالمئة نهاية العام الماضي. كما أدى سوء توزيع الدخل، بحسب عايش، إلى ارتفاع أسعار العقار والأراضي. يضيف عايش الأرقام الايجابية لا تعبر عن الواقع السيئ الذي يعيشه المواطن. السؤال المهم من وجهة نظر الخبير يتمركز حول أسباب نمو الناتج المحلي الإجمالي المتحقق الذي تشير التقديرات الرسمية الأولية إلى أنه ارتفع بنسبة 6.0 بالمئة بالأسعار الثابتة العام الماضي مقارنة بعام 2006. في حين بلغ معدل النمو بأسعار السوق الجارية 12.3 بالمئة ليصل إلى ما مقداره 11225.3 مليون دينار عام 2007 مقابل 9997.4 مليون دينار عام 2006. وبذلك يكون معدل التضخم مقاساً بالتغير النسبي في مخفض الناتج المحلي الإجمالي قد بلغ 5.97 بالمئة عام 2007. يوضح عايش أن «النمو لم يتحقق نتيجة تراكم عوامل إنتاج بل جاء نتيجة مؤثرات خارجية» وينبه إلى أن «80 بالمئة من عوائد الاستثمار تذهب لمستثمرين غير أردنيين» يحولون هذه الأموال إلى الخارج لتكون استفادة الاقتصاد الوطني منها محدودة. معدل نمو الاقتصاد بلع بالمتوسط في الفترة 2001-2007 ما نسبته 6.2 بالمئة، إذ بلغ في حده الأدنى 4.2 بالمئة عام 2003، وحده الأقصى بنسبة 8.6 بالمئة لعام 2004، ومن ثم تباطأ هذا المعدل عام 2005 ليصل إلى 7.1 بالمئة، واستمر بالتباطؤ إلى أن استقر عند معدل 6.0 بالمئة عام 2007. لكن عايش يرى أن «نسب النمو المرتفعة تستخدم لأغراض خارجية» مثل عقد الصفقات من الدول الدائنة للأردن، وتقارير صندوق النقد الدولي لا سيما وأن النمو يخدم مصالح فئة بعينها وليس جموع المواطنين. يشدد عايش على ضرورة ربط النمو بالتنمية، وضمان تحقيق العدالة لجميع محافظات المملكة كل بحسب خصائصها واحتياجاتها في ظل تقارير حكومية تشير إلى عدم عدالة توزيع الإنفاق الرأسمالي بين المحافظات المملكة الاثنتي عشرة. والى ذلك، يؤكد مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، إبراهيم سيف، أن مؤشر نصيب الفرد من الناتج المحلي لا يأخذ بعين الاعتبار عدالة توزيع الدخل، وأن النمو الاقتصادي الذي تحقق خلال الأعوام الماضية لم ينعكس على حياة المواطنين بطريقة متوازنة من حيث تحسن مستوى المعيشة والرفاه بشكل عام. معدلات التضخم التي تعد إحدى مؤشرات قياس مدى تأثر مداخيل الأفراد تشير إلى ارتفاع الأسعار لنسب تفوق الأرقام المعلنة، إذ ارتفعت أسعار أكثر من 40 سلعة أساسية بنسب أثرت، بشكل كبير على مستويات الدخول، والقدرة الشرائية للمواطنين، وانعكس عجز الميزانية ورفع الدعم عن بعض السلع في زيادة أثر ارتفاع أسعارها عالمياً على المواطنين. العديد من المؤشرات مثل ارتفاع نسبة الفقر، تباطؤ نمو الصادرات، وارتفاع عجز الميزان التجاري بنسبة 23.4 بالمئة وغيرها، كلها تشير إلى تردي الأوضاع الاقتصادية للمواطنين وتآكل دخولهم خلال العام الماضي. وعليه لا يعني ارتفاع حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي تحسناً في مستوى الدخل للمواطنين. |
|
|||||||||||||