العدد 21 - اعلامي
 

بعد أربعة أعوام من ولادته عام 2004، وضع مجلس الوزراء الأسبوع الماضي حداً لحياة المركز الأردني للإعلام عبر إلغاء نظامه، واستحداث إدارة للإعلام والاتصال في رئاسة الوزراء بديلاً إعلامياً له لتتولى تنفيذ المهام التي كان يضطلع بها.

إلغاء المركز يدلّل على "تخبط الحكومات حيال ملف الإعلام وحجم الفوضى والتشتت والارتجالية التي تجري فيه"، وفق رئيس تحرير يومية "العرب اليوم" الزميل طاهر العدوان.

ردود الفعل أظهرت فعلياً أن القرار لم يجد أية معارضة بل كان متوقعاً، البعض في الوسط الإعلامي يأمل أن يكون الإلغاء "فاتحة إيجابية لوضع رؤية واضحة وجلية للقطاع، تتفق مع الرؤى الملكية وما جاء في كتب التكليف وبيانات الثقة، ولا تتعارض مع شرائع حرية التعبير والمواثيق الدولية التي وقع عليها الأردن والأجندة الوطنية بمخرجاتها كافة" وفق رئيس التحرير السابق ليومية الدستور الزميل أسامة الشريف

يتفق الشريف مع العدوان في أن القرار "مؤشر على حال التخبط التي تعيشها الحكومة وابتعادها عن معالجة ملف الإعلام من خلال قرارات غير مدروسة تصدر دون سبب وتلغى دون سبب أيضاً".

يعبر الشريف عن القلق من أن يتحول إنشاء وإلغاء المؤسسات الإعلامية نهجاً حكومياً، ويضيف: "من المقلق أن يتم إنشاء مؤسسات ويتم إلغاؤها من دون وجود رؤية واستراتيجية واضحة لضرورة وجودها من عدمه" على الرغم من تصريحات ناصر جودة الذي كان ناطقاً رسمياً للحكومة السابقة وجاء وزير دولة للإعلام والاتصال في الحكومة الحالية بأن الحكومة تمتلك رؤية متكاملة لقطاع الإعلام.

قرار مجلس الوزراء لم يكن مفاجئاً. إذ تعزز الاعتقاد بنية الحكومة إلغاء المركز بعد تعطيل عمله منذ أكثر من عام، وتغييب موقعه عن الشبكة العنكبوتية. إضافة إلى قيام وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال ناصر جودة بالعمل على إنشاء دائرة للإعلام في رئاسة الوزراء ليكون من أهدافها الاتصال مع وسائل الإعلام وممثليها على الصعيدين المحلي والخارجي، وتنظيم عقد المؤتمرات الصحفية، وتمتين دائرة التواصل ما بين المؤسسات الحكومية.

جودة الذي كان شديد الحرص سابقاً على نفي ما يتردد عن إلغاء المركز خرج على الصحفيين الأسبوع الماضي ليعلن القرار، ويوضح أن إدارة الإعلام المزمع إنشاؤها في رئاسة الوزراء ستقوم بالمهام ذاتها التي كان يقوم بها المركز في السابق، وأن موظفيه سيتم توزيعهم على الوزارات والمؤسسات الحكومية.

سميح المعايطة، يرى أن القرار "جيد إن كان الهدف منه وضع رؤية عملية وتصور للإعلام على مستوى الوطن، وتبعه إرساء لسياسات الحكومة بشأن القطاع وتهيئة مؤسسات الإعلام الرسمي لتقديم منتج جيد، والتأسيس لإعلام الدولة وليس لإعلام الحكومة». إلا أن المعايطة «لا يخفي خشيته من أن يكون القرار تواصلاً لمسلسل العشوائية في التعامل مع الإعلام» .

يتفق المعايطة والعدوان والشريف على أن «القرار، وإن كان متوقعاً أو مبرراً، فإنه يدلل على حالة التشتت التي يعاني منها قطاع الإعلام»، متسائلين «عن سبب إنشاء المركز والهدف الذي وجد من أجله والذي أدى إلى وضع نهاية له».

تأسيس المركز جاء بعد إلغاء وزارة الإعلام عام 2003 مترافقاً مع إنشاء مؤسسات إعلامية أخرى تمثلت في المجلس الأعلى للإعلام، هيئة المرئي والمسموع، إلى جانب الاستقلالية المالية والإدارية لوكالة الأنباء الأردنية، ومجلس إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون.

المركز الأردني للإعلام أنشئ بهدف تأمين التواصل بين الإعلام المحلي والخارجي مع الحكومة وتنظيم مؤتمرات صحفية، وتعريف الإعلاميين الأجانب بشؤون المملكة من خلال تقديم ملخص شامل وكامــــل، إضافة إلى تقديم خدمات لوجستية للصحفيــين المحليين من خلال تأمينهم بالدعـــوات الرسميــــة، والتواصل معهــم بوضعهـــم بصورة التطورات الهامة.

وزير الدولة لشؤون الاتصال والإعلام ناصر جوده يكرر ما يقوله في كل مناسبة "بأن الفترة المقبلة ستحمل تصورات لتطوير الإعلام الأردني تشمل إعادة النظر في التشريعات الناظمة للعمل الإعلامي" دون أن يعطي تصورات محددة حول تلك الرؤية.

وكالعادة يرفض جودة الغوص في أسس تلك التصورات وأرضيتها وقوانينها مكتفياً بالقول إنها «تتوافق مع الرؤية الملكية وتطلعات الحكومة لإعلام متطور وحديث».

يظهر التخبط بوضوح، إذ إن إلغاء المركز جاء بالتزامن مع قيام المجلس الأعلى للإعلام بتوزيع «مسودة» مقترحات على أعضائه بهدف توزيع صلاحياته في الوقت الذي تجد فيه تلك المسودة معارضة إعلاميين وصحفيين رأوا فيها عودة لوزارة الإعلام بشكل ومسمى جديين، وكذلك مع إنهاء خدمات مدير عام الإذاعة والتلفزيون دون تعيين بديل له.

مبنى المركز الأردني للإعلام كان سابقاً مبنى للبرلمان الأردني، وتم التنسيب لرئيس الوزراء بتحويله متحفاً للحياة السياسية الأردنية.

بعد وفاته “سريرياً”.. إعلان نهاية “الأردني للإعلام” غياب الرؤية في معالجة الملف الإعلامي
 
10-Apr-2008
 
العدد 21