العدد 20 - أردني
 

*وليد شنيكات

تتهاوى آمال وزارة التربية والتعليم قي إنجاح مشروع تغذية أطفال المدارس أمام «لعنة الفساد» الذي يضرب بين حين وآخر وجبة «إفطار الطلبة». آخر محاولات التغذية الفاشلة كانت استبدال الحليب بوجبة تمر يومية ابتداء من العام الدراسي المقبل، إذ قررت وزارة التربية والتعليم التراجع عن هذا التوجه بعد أسبوع من اتخاذه.

وكان رئيس الوزراء نادر الذهبي أمر بإيقاف توزيع الحليب أواخر العام الماضي، عقب تسمم 146 طالب وطالبة في عدة مدارس.

بعد الحليب، يبدو أن فساد الأغذية طال التمر الذي كان يوزّع أسبوعيا إلى جانب حزمة غذائية متكاملة على 310 ألف طالب وطالبة.

وزارة التربية والتعليم كانت تواجه صعوبات في إقناع الطلبة والأهالي باستبدال مادة التمر بالحليب، بيد انها الآن تبذل جهودا كبيره لاقناعهم بباقي الوجبة الغذائية بعد فساد التمر، فهناك موجة من القلق والخوف بين أهالي الطلاب على صحة أبنائهم، وموجة استياء واسعة في أوساط الهئيات التدريسية من عدم صلاحية بعض وجبات غذاء «فقراء المدارس»، وتحذيرات من انتقال الفساد الى باقي الوجبات الغذائية.

«قرار وقف توزيع الحليب جاء تداركا للفضيحة التي عانت منها الحكومة السابقة في تجربة مياه المنشية، واعتماد مادة التمر بديلا عن الحليب لم يكن قرارا صائبا لانه لا يشتمل على نفس الجودة، والإقبال لدى الطلبة»، يؤكد مسؤول في وزارة التربية طلب عدم نشر أسمه.

مشروع التغذية المدرسية كان يتكون من عبوة حليب معقم سعة 200 ملم، وهي مادة غذائية تحتوي على بروتينات غنية بالفيتامينات والاملاح المعدنية، كما أنها مصدر رئيسي لعنصري الكالسيوم والفسفور اللذين يحتاجهما الجسم لعملية النمو. وتبلغ احتياجات الاطفال بين عمر 6 - 12 سنة بين كوبين وثلاثة أكواب من الحليب يوميا، إلى جانب عبوة بسكويت عالي البروتين مدعم بفيتامينات ب المركبة، وفيتامينات ب1، ب2، ب6، ب12، وحبة فاكهه (موز، تفاح، برتقال، تمر).

يغطي المشروع الذي بدأ تنفيذه في أيار عام 1999 المدارس في مناطق جيوب الفقر في (العقبة، معان، القصر، دير علا الطفيلة، الشونة الجنوبية، البادية الشمالية الشرقية والرويشد، البادية الشمالية الغربية، البادية الوسطى، الأغوار الجنوبية، الكرك، الشوبك، البتراء، الزرقاء، الرصيفة ، جرش، عجلون، والأغوار الشمالية ).

وزارة التربية والتعليم تقول إنها ستوزع مادة التمر على طلبة المدارس الحكومية بشكل يومي بدلا من الحليب. وتستند في قرارها إلى إحصاء رسمي يفيد بأن عدد الطلبة الذين تعرضوا للتسمم وصل 110 طلاب من أصل 310 آلاف طالب وطالبة تناولوا الحليب في عدد من مدارس لواء الشونة الجنوبية، ومدرسة عمر بن العاص في لواء الرصيفة، ولواء مؤتة والمزار الجنوبي ومادبا. بيد أن مطالبات الطلبة والأهالي باستئناف توزيع الحليب لم تتوقف.

تقول المعلمة نجوى عطيات «نستقبل يوميا استفسارات من أهالي الطلبة عن موعد استئناف توزيع الحليب رغم قرار الحكومة بوقفه، فضلا عن أمتعاض الطلبة من الوجبة المتكررة الخالية من الحليب». ولا يخفي المعلم إبراهيم عليان «تذمر طلابه من عدم توزيع الحليب».

دراسة لوزارة الصحة بعنوان «السلوكيات الغذائية عند الطلبة» كشفت أخيرا أن 13 % من الطلاب يذهبون الى المدرسة في حالة جوع بسبب عدم توافر الغذاء في المنزل، و4 % يعانون من السمنة. شمل المسح عينة مكونة من 2400 طالب للفئات العمرية من سن 13 -15 سنة في الصفوف الثامن والتاسع والعاشر.

مدير الصحة المدرسية بشير القصير يقلل من انعكاسات المسح ويشير إلى أن «نتائجه تتطابق مع نتائج العديد من الدول المحيطة.»

وزارة التربية رصدت 14 مليون دينار دعما للمشروع ووسعت مظلة الطلبة المشمولين بالوجبة الغذائية الى 400 ألف طلب وطالبة بدلا من 310 آلآف طالب.

الجديد في مشروع التغذية المدرسية ان الوزير د. تيسير النعيمي قرر شمول طلبة مخيمات تتبع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الانروا» بالمشروع، من بينها مخيم حطين الذي يزيد عدد طلبة المدارس الأساسية فيه على ستة الآف طالبا وطالبة، وسط توقعات بشمول مخيمات أخرى بخلاف قرار لوزير التربية السابق خالد طوقان الذي رفض مقترحا بهذا الاتجاه نظرا للأعباء المالية وبسبب عدم مسؤولية وزارة التربية عن «المخيمات».

وكان مسؤولون في الوزارة رفضوا نشر أسمائهم «أبدوا تحفظهم على القرار، لانه يفاقم الأعباء التي ترافق عمليات التوزيع والإشراف على المشروع فضلا عن ارتفاع التكلفة الإجمالية».

مشروع التغذية المدرسية يساهم في انخفاض نسبة الغياب والتسرب لدى الطلبة المشمولين وتقليل المشاكل التغذوية والصحية، فضلا عن زيادة فاعلية الطلبة ومشاركتهم داخل الغرفة الصفية، وتعديل سلوكيات واتجاهات الطلبة المتعلقة بالتغذية والصحة، إلى جانب انخفاض مبيعات المقاصف المدرسية في المدارس المشمولة بالمشروع وتقليل المصروف اليومي للطالب، وبالتالي تخفيف العبء المالي لرب الاسرة.

تقول أم عمر، والدة أحد أطفال المرحلة الاساسية «الوجبة جيدة لكننا لا نعتمد عليها، حيث أعطي طفلي قبل توجهه الى المدرسة سندويشه ومصروفا، والحليب أفضل بالنسبة لنا، لاننا نعتقد ان فيه فائدة أكبر».

أم محمد ترى أن الوجبة تحل الكثير من المشاكل «في بعض الاحيان لا نتمكن من اعطاء أطفالنا وجبة الافطار، لكي نتمكن من اللحاق بأماكن عملنا، لذلك، فان الوجبة أيا كانت تحل جزا كبيرا من المشكلة».

مدير احدى المدارس الاساسية الذي فضل عدم الكشف عن اسمه يقول «انا ضد السوائل بمختلف أنواعها، ومن بينها الحليب، والمدارس غير مؤهلة للتخزين. ولكي يتم توزيع الحليب بشكل عملي لا بد من وجود ثلاجات لحفظه في المدارس، خاصة في فصل الصيف الذي يكون فيه الحليب عرضة للتلف بسبب درجات الحرارة المرتفعة».

الطالب محمد في الصف السادس الابتدائي يقول: «الوجبة الموزعة تشبعنا، لكننا نحس أن البسكويت أشبه بنجارة الخشب. نفضل الحليب أكثر لانه بنكهات مختلفة وأطعمة تتنوع بين الموز والشوكلاته والفراوله».

“لعنة الفساد” تطارد تغذية الطلاب
 
03-Apr-2008
 
العدد 20