العدد 20 - أردني | ||||||||||||||
نهاد الجريري يجهد أفراد الشرطة البيئية في متابعة المخالفات ومكافحة الاعتداءات على البيئة من عقب السيجارة إلى ملوثات المصانع من العقبة وحتى الرمثا، وذلك منذ استحداث هذا الجناح الأمني- الأول من نوعه في الشرق الأوسط، في منتصف العام 2006. ومع أن الشرطة البيئية شكلّت لتكون "ذراعاً تنفيذية" لوزارة البيئة، فإنها تتبع "إدارياً ولوجستياً" لمديرية الأمن العام، وذلك بهدف إحكام القبضة على انتهاكات بيئية باتت سمة العصر. مدير الشرطة البيئية العقيد محمود الترك، يقر بأن "400 عنصر" للشرطة البيئية عدد "لا يكفي" لتغطية المهام المنوطة بهذا الجهاز الذي يتوزع أفراده على أقاليم الشمال والوسط والجنوب، بالإضافة إلى العاصمة والعقبة والبادية. ويعتبر العقيد الترك "أن أفراد الشرطة البيئية جنود مجهولون"، إذ يتم، في معظم الأحيان، تسيير دوريات مشتركة من الشرطة البيئية والجهات المعنية بالانتهاكات البيئية، فيصعب "تمييز" أفراد الشرطة البيئية الذين يستقلون سيارات تتبع لجهات أخرى. هيكلة جديدة الترك كشف لـ«السّجل» عن "هيكلة جديدة" يتم العمل عليها تهدف، في جزء منها، إلى إعادة تسمية "الشرطة البيئية" واستبدالها بمسمى أقرب إلى مفهوم "RANGERS" وهو تعبير يعني "الطوافين" أو "حرس الغابات". هذا المسمى سيكون مرفقاً بشعار خاص ومركبات خاصة تحمل هذا الشعار، وبزي خاص يرتديه رجال الشرطة البيئية لتمييزهم عن رجال الأمن العام الذين يرتدون "اللباس الكحلي". أما عملهم فسوف يكون "أقرب إلى تحديد التخصصات الاحترافية لهذا الجهاز". كما يشير الترك إلى أن "الهيكلة" من خلال مذكرات تفاهم بين الأمن العام ووزارة البيئة والصحة والمياه والبلديات والزراعة، ستحدد ما "للشرطة البيئية وما عليها". وتشتمل الهيكلة على "إعادة قراءة القوانين وتوحيدها"، التي تشكل مرجعية هذا الجهاز وعددها 22 قانونا؛ فهي من ناحية تتداخل مع قوانين الجهات الأخرى المعنية بالبيئية، ومن ناحية أخرى تعود بالعقوبات المنصوص عليها إلى قوانين قديمة ترجع إلى الستينيات أو أبعد. فمثلاً، نجد في "دليل المخالفات"، حسبما يظهر في الموقع الإلكتروني للشرطة وفي "كتيب الجيب" الصادر عنها، أن بعض المخالفات، في مجال "الصرف الصحي" مثلاً، تستند إلى "قانون تطوير وادي الأردن رقم 19 لسنة 1988"، أو "المادة 457/1 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960"، أو نظام المكاره رقم 1 لسنة 1978، بموجب قانون البلديات رقم 29 لسنة 1955". يعتبر الترك هذا "التداخل" أمراً طبيعياً، كما هي الحال مع قوانين المؤسسات الأخرى في المملكة. ويلفت إلى أن الشرطة البيئية "ذراع تنفيذية" للجهات المعنية بانتهاكات النظام الحيوي لجهة "تنفيذ" القانون من خلال "الولاية العامة" التي يتمتع بها أفراد الشرطة البيئية، التي تتميز على "الولاية الخاصة" التي يتمتع بها ممثل الجهة المعنية عن متابعة المخالفة البيئية. شرطة بلا أثر "التداخل" المشار إليه هو الذي جعل كثيرين يتساءلون: "أين هي الشرطة البيئة؟"، حتى بعد مرور أكثر من عام ونصف على إنشائها، ففي استطلاع سريع لـ«السّجل» قال سائق التاكسي نضال عبد الحافظ، إنه رأى عناصر الشرطة البيئية يعملون مع "أمانة عمان" في أكثر من مناسبة. ويقول مواطن من المفرق إنه رآهم "يغلقون ملحمة مخالفة". أما المهندس الزراعي جهاد زكي، فيقول إنه "علم بوجود الشرطة البيئية عندما رأى مبناهم في عبدون الجنوبي،" لكنه لا يعرف طبيعة عملهم. المهندس عماد عليا يضيف أنه عرف بوجودهم حين رأى "آرمة" باسم الشرطة البيئية على الدوار الرابع، وسمع إعلانا أو اثنين عنهم من إذاعة أمن FM. غير أن أريج محمد، خريجة علم الحاسوب، تقول إنها "لم تسمع بهم قط". جهاد عبوي، رئيس حزب الخضر الأردني، يقول: "وعدونا بدوريات راجلة و آلية وحتى خيالة.. لكننا لا نراهم ولا نلمس أثرهم في الشارع". الناطق الإعلامي في وزارة البيئة يقر أن الشرطة البيئية كانت في طور التحضير في الأشهر الأولى من إنشائها. لكنه يشير إلى أنه "في الأشهر العشرة الأخيرة، شكلت الشرطة حضوراً على الأرض من خلال تحرير آلاف المخالفات والإنذارات"، واعتبر أنها "تسير في الطريق الصحيح نحو تحقيق ما نصبو إليه من رقابة على المنشآت، حتى أصبح أصحاب المصانع يحسبون لها حسابا ويراجعون وزارة البيئة للحصول على التراخيص." رئيس شعبة العمليات، المقدم الركن عماد العقرباوي، يشرح أن الشرطة البيئية تقوم "حالياً" بدور "توحيد المرجعية في تحديد المسؤولية عن المشكلة البيئية"؛ مسؤولية قد "تضيع" بين هذه الجهة أو تلك. ويعتبر أن "الشرطة البيئية تستفيد من قوة وصلاحيات الأمن العام، والمخزون الثقافي في عقل المواطن من احترام وتقدير وهيبة لرجل الأمن، وتسخير هذا الموروث في إنفاذ القوانين بشكل متواز مع التوعية والإرشاد". فحال ورود الشكوى، يقوم عناصر الشرطة البيئية "بمرافقة" الشخص المسؤول إلى المكان المعني و"إلزامه" بالمتابعة و"إلزام" المتسبب بالضرر بإزالة أسباب العطل. لكن العقرباوي يشير إلى تحد آخر يتمثل في ضرورة إعادة النظر في العقوبات "المطاطية" ذات الحد الأعلى والأدنى التي تراوح "من .. إلى". ويقول " بعض القوانين تعود إلى الستينيات تنص على عقوبة لا تتجاوز 5 دنانير" بمقاييس ذلك الزمان. كما يطالب بضرورة تثقيف القضاة ليكونوا متخصصين في الشأن البيئي. وهنا يورد حادثة وقعت العام الماضي حين ضبط أشخاص بتهمة قطع المرجان واصطياد أسماك الزينة. تهمة قد تصل عقوبتها إلى غرامة قيمتها 10 آلاف دينار. لكن قاضياً في الكرك اكتفى بتغريم المتهمين 10 دنانير فقط. الانتشار: التحدي الأكبر 7781 كان عدد المخالفات التي حررتها الشرطة البيئية العام الماضي، وقد تركزت، في معظمها، على قضايا الصرف الصحي والأغذية الفاسدة، لكن شهر شباط/فبراير الماضي فقط شهد تسجيل 1101 مخالفة أو "قضية بيئية" كما يحب أن يسميها؛ 618 منها تعلقت بعدم نظافة المحلات والعاملين فيها، وتركزت في جنوب عمان والمفرق وإربد. في ذلك الشهر لم تسجل أي مخالفة تتعلق بانبعاث الملوثات من غازات وأبخرة وقذف رملي أو عوادم السيارات. مقسم الشرطة البيئية تلقى منذ بداية العام 1094 شكوى، وهو رقم "متواضع" باعتراف رئيس شعبة العمليات بسبب "عدم انتشار المفهوم بين المواطنين". لكن هذا المفهوم ما يزال عصياً حتى على ذهنية المسؤول الأردني أولا، بحسب جهاد عبوي رئيس حزب الخضر. ولربما فسر هذا الأداء المتواضع للشرطة البيئية بعد أكثر من عام ونصف على إنشائها. "الانتشار"، إذاً، ما يزال التحدي الأكبر أمام الشرطة البيئية بعد أكثر من عام ونصف على إنشائها. لكن الفكرة أكبر من ذلك بكثير، فالدكتور كينتون ميلر، أشهر دعاة الحفاظ على البيئة في العالم، يقول "إن مستقبل تراثنا ونظامنا البيئي يعتمدان على الطوافين RANGERS". جهاد عبوي، رئيس حزب الخضر الأردني يتساءل: "كيف نشتغل بالسياسة أو الاقتصاد ونحن نتنفس هواء وماء ملوثين؟"
** الطوافون RANGERS مفهوم "طواف" أو حارس الغابة" RANGER يعود إلى العام 1899 في الولايات المتحدة الأميركية عندما أطلق على فرقة من الإطفائيين بعد حريق أتى على 3300 كم2 من الأراضي الحرجية. الاسم ينسب إلى ROGERS’ RANGERS وهي قوة صغيرة كانت معروفة بأشغالها الخشبية. قاتلت في حرب السنوات السبع منتصف القرن الثامن عشر بين القوات الفرنسية والبريطانية التي استعمرت الولايات المتحدة في تلك الفترة. المفهوم الحديث للطوافين RANGERS في أميركا اليوم يتناول مجموعة من المهام المتخصصة أحيانا في الغابات والمتنزهات والمحميات الطبيعية. وتشمل هذه المهام الحراسة وفرض القانون على المخالفين في حالات الصيد الجائر والتهريب.
|
|
|||||||||||||